الرئيسية » تقارير إخبارية » التعاطف الغربي مع أكراد سوريا ليس كافياً !
تقارير إخبارية تقارير ودراسات رئيسى

التعاطف الغربي مع أكراد سوريا ليس كافياً !

اكراد سوريا
اكراد سوريا

تقف تركيا كحجر عثرة في طريق أكراد سوريا ،حيث تواجه أي مخطط لهم في الانفصال ،ولا يكاد أي حدث يحضره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وغيره من المسؤولين الأتراك يمر، دون أن يذكر التهديد الذي تفرضه وحدة حماية الشعب الكردي على الأمن القومي لتركيا، مهددا بشن حملة عسكرية لتدمير وحدات حماية الشعب الكردي،ومشيرا إلى أن ذلك لن يتأخر كثيرا ،وأن المسألة ليست إلا مسألة وقت.

ويبدو أن تهديدات تركيا ضد وحدات حماية الشعب الكردي قد تصاعدت في نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، عندما بدأت علامات على شن تركيا هجوم محتمل على منطقة عفرين في حلب ، بعد إرسال تعزيزات إلى الجيش التركي على الحدود السورية، وكذلك إلى الأراضي السورية التي تسيطر عليها فصائل درع الفرات.

ومع ذلك، يبدو أن أنقرة لا تزال تبحث عن شركاء لتشكيل تحالف ضد القوات الديمقراطية السورية، بقيادة الأكراد في شمال سوريا.

وربما يأمل أردوغان في إيجاد وسيلة لاستهداف الأكراد السوريين من خلال محاولة تشكيل تحالفات مع روسيا وإيران.

كما سيواصل الرئيس التركي جهوده لإقناع الروس الذين عارضوا حتى الآن استهداف عفرين بإنهاء هذه الحماية.
وجاء فى بيان وزير الخارجية التركى مولود جاويش اوغلو بعد يوم واحد من زيارة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الاخيرة لانقرة جملة اظهرت أن تركيا لم تحصل بعد على موافقة روسيا لمهاجمة عفرين.

وقال اوغلو “سننسق مع موسكو للقيام بعملية عسكرية في عفرين اذا لزم الأمر”، لكن الرئيس التركي لن يتوقف عن المحاولة، وربما هذا يفسر الاجتماعات والمكالمات المتكررة بين أردوغان وبوتين.

ومن المرجح أن الصمت التركي الواضح على إعلان روسيا الأخير عن تقديم الدعم الجوي لقوات الدفاع الذاتى خلال المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية فى دير الزور هو أن أنقرة تفضل عدم التصعيد مع الروس، حيث أن ثمن هذه المواجهة يمكن أن يكون مرتفعا جدا.
وعلى الرغم من إصرار موسكو على وحدة الأراضي السورية، فإنها لا تزال تفضل الحكم الذاتي الكردي، ومن المرجح أن يمنع الروس العمل التركي ضد عفرين، ومرة ??أخرى، يمكن أن يؤثر ذلك على علاقات تركيا مع روسيا حول سوريا، على الرغم من أنه من غير المرجح حدوث تمزق كامل للعلاقات.

وحتى الآن، من بين جميع القوى النشطة في سوريا، سواء المتحالفة مع الرئيس السوري أو معارضة له، ويبدو أن الموقف الأمريكي هو الأقرب إلى الموقف الروسي، حيث يدعم الطرفان انتقالا سياسيا خطيرا، يمنح الأكراد دورا في المستقبل، ويقلل من تأثير إيران وتركيا، ويبقي تهديد الحرب بعيدا عن حدود إسرائيل.
وقد نجحت روسيا والولايات المتحدة بالفعل في منع تركيا من استهداف قوات الدفاع الذاتى في مدينة “منبج”.

ويعتقد البعض أن واشنطن وموسكو لديهما مصلحة في منع تدخل تركيا في سوريا ، بأي شكل آخر غير محاربة “داعش”،و ربما تخشى أنقرة السيناريو الأسوأ في سوريا ،وهو: اتفاق أمريكي_ روسي لإعطاء دمشق الحكم الذاتي الكردي المعترف به دوليا.
ومع ذلك، يبدو أن الولايات المتحدة تفضل أن يجري كل هذا على أساس بعض التفاهم مع تركيا، وقد تحاول واشنطن دفع “أنقرة” مرة أخرى إلى استئناف عملية السلام الداخلية مع الأكراد، الأمر الذى سيعزز العلاقات بين تركيا وكورى سوريا.

وقد تنضم بعض القوى الإقليمية إلى روسيا والولايات المتحدة في دعم القوات التي تسيطر على شمال سوريا.
هناك مبادرة سعودية- إماراتية مشتركة لدعم قوات الدفاع الذاتى التي قد تضمن وقف التوسع الإيراني- التركي ومنع الإخوان المسلمين من لعب أي دور رئيسي في سوريا.
وفي الوقت نفسه، لا يزال الموقف المصري بشأن هذه المسألة غير واضح.
وفي إسرائيل، يعتقد البعض بأهمية التحالف مع الأكراد كطرف موثوق به في سوريا في المستقبل،وإذا كانت إسرائيل،تقف جنبا إلى جنب مع واشنطن، وتأمل في منع طهران من إقامة ممر أرضي، فستحتاج إلى تعزيز نفوذها في المنطقة الكردية في سوريا لإحباط الطموحات الإيرانية.

لكن تركيا، التي تعمل على ضمان أمنها القومي، وإعادة بناء جيشها، وتعزيز اقتصادها، تسعى إلى توسيع نفوذها في المنطقة.
وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة، قام أردوغان بتطهير وإعادة هيكلة الجيش لخدمة احتياجاته السياسية، وهرع لتطهير من يفترض أنهم مخلصون لفتح الله غولن، جنبا إلى جنب مع خنق الساسة المناوئين له،وخاصة المعارضة الكردية.
وساعده هذا على كسب القوميين الذين يسعون إلى الانقسام،ويعتقد السياسيون في أنقرة أن الفوضى الحالية تقع حول تركيا وليس داخلها، وأن على البلاد أن تستفيد من هذه الفوضى ،وأن تترك المتحاربين المجاورين يضعفون بعضهم البعض.
وعلى الرغم من أن أردوغان يعتقد بأن محاولة الانقلاب السيئة قد مرت، وعاد الاستقرار إلى تركيا و تراجعت عمليات داعش وعادت السياحة تدريجيا، إلا أنه لا يزال يواجه العديد من التحديات، وهي الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2019.

إن تركيا تقف جنبا إلى جنب مع روسيا وإيران، في وضع جيد للتأثير على مستقبل سوريا، لكن التسوية حول مستقبل البلاد هي حاليا نقطة اختلاف بين أنقرة وطهران من جهة وموسكو من جهة أخرى، ولا تدعم إيران وتركيا جهود روسيا لإقامة سوريا الاتحادية التي من شأنها أن تسمح بظهور تهديد جديد للقوتين الإقليميتين اللتين ترفضان تماما إنشاء أي كيان كردي في سوريا.

ما حدث مؤخرا في إقليم كردستان العراق كان مثالا بارزا على التعاون التركي- الإيراني على الرغم من خلافاتهما.

ومع ذلك، وعلى الرغم من التقارب المنطقي بين تركيا وإيران حول القضية الكردية، فإن كلا من روسيا وإيران يدركان جيدا دوافع أنقرة لجمعهما معا على سوريا.

بالإضافة إلى تعاون واشنطن المتواصل مع الأكراد السوريين،وتحول الواقع العسكري لصالح نظام الأسد.

ومنذ هزيمته في حلب، بدأ أردوغان تركيز كل اهتمامه على فرض خطه الأحمروهو يتمثل في منع قيام أي دولة كردية في سوريا، ومن المتوقع أن تستفيد أنقرة من محادثات “أستانا” وتفوز بحل روسي وايراني حول الأكراد السوريين.

وحاولت أطراف “أستانا” الثلاثة اللجوء إلى أساليب تكتيكية لتحقيق بعض المكاسب، ولكن هذه ليست تحالفات طويلة الأجل.

وعلى الرغم من وجهة النظر القائلة بأن تقارب تركيا مع منافسيها التاريخيين، إيران وروسيا، يمثل تحولا كبيرا في السياسة الخارجية للبلاد، وعلامة على أن أنقرة قد تخلت عن واشنطن، فإن تركيا تراهن على تقاربها مع طهران وموسكو لتكون واحدة من أسباب قيام واشنطن بسحب دعمها للأكراد.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة غازلت تركيا برفضها استفتاء كردستان في العراق، فإن أنقرة ستواصل النظر إلى دعم واشنطن لأكراد سوريا على أنه تهديد لأمنها القومي، وسوف تستمر في حث واشنطن على تغيير سياستها، وإلا فإن أنقرة ستعلن التهديد باعتماد سياسات ضد المصالح الأمريكية.
كما أن أردوغان يريد الاستفادة من “قيمة المفسد” في المنطقة، على سبيل المثال، القوى الغربية المعنية باستعادة الاستقرار في سوريا تدرك تماما أن تركيا ستجعل من الصعب ضمان الاستقرار الدائم في البلاد من خلال معارضتها العلنية للأكراد.

ولا يزال أردوغان يعتمد على أمل أنه عندما يحين الوقت، لن تختار القوى الغربية الأكراد، وهي قوة سياسية واقتصادية وعسكرية محدودة في المنطقة، على حساب تركيا، حليفتها القوية في حلف شمال الأطلسي.

ويعتقد أن احتياجات تركيا هي أفضل تطابق للرؤية الأمريكية للمنطقة، وقد وصف المسؤولون الأمريكيون في السابق العلاقات مع وحدات حماية الشعب الكردي بأنها “مؤقتة، انتقالية، وتكتيكية”، في حين أن العلاقات مع تركيا “استراتيجية ومتينة”.

وعلى الرغم من عدم وجود ثقة كاملة بين أنقرة من ناحية وواشنطن والدول الأوروبية النشطة إلا أن الجانبين لا يستطيعان أن يبقيا على مسافة بعيدة، لأنهما يتمتعان بعلاقات دبلوماسية وأمنية واقتصادية رئيسية، وسيحاول الغرب قدر المستطاع تجنب زيادة التوترات مع تركيا.
إن التعاطف الغربي مع الأكراد في المنطقة ليس سرا، ولكن من غير المرجح أن يكون كافيا للأكراد في مواجهتهم ضد تركيا.