الرئيسية » تقارير إخبارية » مخاطر الصراع الروسي الأميركي في سوريا
تقارير إخبارية تقارير ودراسات رئيسى

مخاطر الصراع الروسي الأميركي في سوريا

الحرب فى سوريا
الحرب فى سوريا

دخلت الولايات المتحدة الأميركية وروسيا مرحلة جديدة من الصدام داخل الجبهة السورية ،ولعب الاختلاف في اهدافهما إلى تأجيج الصراع بينهما، ففي الوقت الذي تسعى من خلاله واشنطن الى دعم الاطاحة ببشار الاسد،تتجه موسكو نحو هدف آخر، وهو الاطالة من عمر النظام السوري والحؤول دون تنفيذ “واشنطن لأهدافها.

وعلى الرغم أن القطبين الكبيرين دخلا حلبة الصراع بذريعة محاربة تنظيم الدولة، “داعش” إلا أن العمليات العسكرية على الأرض شهدت توسعا كبيرا استهدف من خلاله “الروس” تنظيم القاعدة المتمثل في “جبهة النصرة”، وباقي التنظيمات المسلحة التى تحارب نظام الأسد ،ومن جانب آخر تقدم الولايات المتحدة الأميركية الدعم العسكري للجماعات السورية المسلحة بهدف إفشال الغارات الروسية.

واذا كانت هذه هى معدلات الصراع الروسي الأميركي على صعيد الساحة السورية، منذ وقت طويل مضى ، فإنه قد طرأت خلال الاسابيع الأخيرة بعض التتغيرات الخطيرة عليها ،ويمكن أن نقول أن الوضع تطور بشكل معقد على الجبهة الموالية للروس وعلى الجبهة الأخري المدعومة من أميركا”قسد”.

وكرد فعل لسيطرة النظام السوري على ” دير الزور” في بداية سبتمبر أعلنت قسد، البدء في عملية “عاصفة الجزيرة”، وهي حملة عسكرية لتثبيت السيطرة على منطقة الريف شرق نهر الفرات، مما يعني وضع عناصر النظام والروس والإيرانيين بالقرب من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وعبر مواجهة مؤجلة نوعا ما.

ومن هنا يقسم نهر الفرات إلى مناطق السيطرة: فروسيا والنظام يسيطران على الجنوب الغربي للنهر، والولايات المتحدة وقسد يسيطران على الشمال الشرقي،وهو اتفاق غير معلن أشبه بالتفاهم الجدي لادارة الأزمة ،ومنع حدوث نزاع بين الطرفين.

لكن هذا الاتفاق الأميركي الروسي لفض النزاع يعتمد على اتصال مباشر بين مركز العمليات الجوية الكائن في قطر والقاعدة العسكرية الروسية في اللاذقية بسوريا، وقد نجح الاتفاق بشكل جيد، حيث تبادل الطرفان المعلومات لإدارة القصف المستقل من الجانبين في سوريا.

ولكن ماذا لو حدث صراع مسلح مع “قسد” لسبب من الاسباب؟ بالطبع ستكون المدينة ستكون عرضة لهجمات مدفعية صاروخية عبر النهر،وسوف تتأزم الأمور بشكل كبير ،وخاصة أن تمركز القوات التابعة للطرفين تضع في اعتبارها ضرورة السيطرة على موارد النفط السوري في الشمال الغربي.

علاوة على رغبة الولايات المتحدة في تحرير “الميادين” على الضفة الغربية من النهر،وهى معقل “داعش” ،لذلك لدى الروس والنظام حافز لوضع خط فض النزاع على بعد 20 كيلومترا شمال شرق نهر الفرات، بالقرب من الحدود العراقية.

وفي الوقت الذي ترغب الولايات المتحدة في عقد صفقة حول الأراضي ،بما يضمن أن تسيطر “قسد” على الميادين، بالمثل، تهدف قسد إلى السيطرة على الموارد في شمال شرق النهر، وتتعهد بالمضي نحو وادي نهر الفرات، وهو سيناريو يتحدى مصالح النظام، ويزيد من مخاطر التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا، بصرف النظر عن أهداف الولايات المتحدة بالنسبة للميادين.

وقد أكد خبراء استراتيجيون أن غياب خط واضح لفض النزاع يهدد بحدوث تصعيد غير متعمد بين القوات الأميركية والروسية، في حالة عدم التوصل إلى اتفاق سياسي منفصل، وإلا يكون الحل الأسهل هو تجميد الصراع بشكل دائم ،لكن غياب الحل السياسي، يجبر النظام السوري على استخدم القوة لاسترداد الأراضي التي فقدها.

واذا كان الوضع على هذا النحو من التعقيد فإن الأكثر تعقيدا هو أن صراع إعادة توزيع وتوازن القوى الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ومثيلاتها الروسية ، على الساحة السورية محكوم بحركة نقل الغاز الطبيعى مرورا بالأراضى السورية ،ومنها إلى البحر المتوسط ثم إلى أوروبا، وهذه المعضلة هى القنبلة الموقوتة التي يمكن أن تفجر الوضع برمته، لأن تنفيذ المشروع سيجعل أوروبا تتخلى عن استيراد الغاز الروسي،والاستغناء عنه ببديل قطري .

ولذلك يرى الخبراء أن خطر جرّ الولايات المتحدة وحلفائها إلى مواجهة عسكرية مباشرة ليس مع الأسد فحسب، بل مع داعميه الروس والإيرانيين أيضاً – هو خطر يتنامى مع مرور الوقت ،وإن كان غير بادي للعيان في الظاهر.

وحرصاً على أن يبقى خطر المواجهة العسكرية تحت السيطرة، يجب أن تتفق الولايات المتحدة وروسيا على معالم منطقة تخفيف حدة التصعيد في جنوب سوريا ، من شأنها إبقاء التركيز منصباً على تنظيم “داعش” واحتواء طموحات واطماع إيران بإقامة جسر بري عبر سوريا وصولاً إلى البحر المتوسط.

ورغم خطورة التداعيات فإنه قد بدأ الوقت ينفد بالنسبة للولايات المتحدة، وإذا لم تضع استراتيجية لاحتواء التطورات المتلاحقة ، فإن الأحداث هي التي ستقود السياسة، وخاصة أن النزاع في بلاد الشام و الحرب في سوريا والحملة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” على وشك الانتهاء، ولابد من أن تكشف السياسة الأميركية عن نواياها المستقبلية تجاه كل الاطراف قبل أن تفرض روسيا وحلفاؤها سياسة الأمر الواقع.