واصلت الحكومة الإيرانية، هجومها على دولة الإمارات العربية المتحدة، بسبب إدانة الأخيرة الزيارة التي قام بها الرئيس محمود أحمدي نجاد، إلى جزيرة "أبوموسى" المتنازع عليها، في الوقت الذي امتد فيه هجوم وسائل الإعلام الإيرانية ليشمل كلاً من السعودية ومصر والمغرب.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" أن وزارة الخارجية استدعت السفير السعودي، إثر الأنباء الواصلة "المثيرة للقلق"، بشأن "الأوضاع" التي يعاني منها عدد من الرعايا الإيرانيين في سجن مدينة الدمام بالسعودية، دون أن تفصح الوكالة الرسمية عن طبيعة هذه الأوضاع، أو مصدر الشكوى على وجه التحديد.
وقالت الدائرة العامة للمعلومات والأخبار في الخارجية الإيرانية، إن مساعد وزير الخارجية في القضايا القنصلية وشؤون الإيرانيين في الخارج، حسن قشقاوي، أعرب خلال اللقاء، عن "القلق" من بعض الأخبار الواصلة فيما يتعلق بأوضاع بعض المواطنين الإيرانيين في سجن الدمام، داعياً إلي اتخاذ "إجراء عاجل" من قبل الجهات المعنية في السعودية، للكشف عن مصير الأفراد المعتقلين.
كما أوردت "إرنا" نقلاً عن مصدر مطلع في وزارة الخارجية، لم تفصح عن اسمه أو طبيعة موقعه، أن الوزارة أجرت خلال اليومين الماضيين، العديد من المتابعات مع الجهات المعنية في السعودية وطهران، مشيراً إلى أن هذه المساعي "مازالت مستمرة."
وأضاف المسؤول الإيراني أن وزارة الخارجية "كانت علي الدوام صريحة وجدية إزاء الحفاظ والدفاع عن حقوق الرعايا الإيرانيين، وأن عدم الرد من الجانب السعودي، لا يلغي المسؤولية القانونية والدولية، والتزامات هذا البلد في إطار المعاهدات ذات الصلة بحقوق السجناء."
وفيما يتعلق بالموقف الإماراتي الرافض للزيارة التي قام بها نجاد إلى جزيرة "أبوموسى"، والتي تعتبرها طهران "جزءاً" من الأراضي الإيرانية، اعتبر مستشار الشؤون الدولية لرئيس مجلس الشورى الإسلامي، حسين شيخ الإسلام، إن تصريحات المسؤولين الإماراتيين حول "الجزر الإيرانية في مياه الخليج الفارسي"، على حد قوله، تدخل في إطار "مخطط قديم تقف وراءه كل من بريطانيا والكيان الصهيوني."
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن شيخ الإسلام قوله إن "سيادة وملكية جزيرة أبوموسى للجمهورية الإسلامية الإيرانية وحدها، وهي جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية"، وأضاف أن زيارة الرئيس محمود احمدي نجاد للجزيرة "جاءت في إطار زياراته الدورية للمحافظات الإيرانية، وأن ذلك أمر مرحب به، ويتطابق مع سياسات الجمهورية الإسلامية الإيرانية."
وكانت الخارجية الإماراتية قد حذرت، في وقت سابق الاثنين، من أن استمرار احتلال إيران لثلاث جزر خليجية، تقول الدولة العربية إنها تابعة لها، "قد يمس الأمن والسلام الدوليين"، باعتبار أن هذه الجزر تقع في منطقة حيوية، يمر من خلالها نحو 40 في المائة من موارد مصادر الطاقة في العالم.
ووجه وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، رسالة إلى الجمهورية الإسلامية قائلاً: "أناشد إيران بكل محبة، الاستماع لصوت العقل، لإنهاء هذا الخلاف، الذي قد يؤدي إلى عواقب قد لا تستطيع الإمارات ولا إيران احتواءها في المستقبل"، دون أن يوضح طبيعة هذه العواقب.
وضمن الحملة التي تشنها وسائل الإعلام الإيرانية على كل من الإمارات والسعودية، أوردت وكالة "فارس" للأنباء تقريراً للرد على ما وصفته "ضجيج" الإماراتيين، تساءلت في عنوانه بقولها: "لماذا تناست الذاكرة العربية الجزر السعودية المحتلة؟"
وذكرت الوكالة الإيرانية أن جزيرتا "صنافير" و"تيران"، التابعتين للأراضي السعودية، التي احتلها "الصهاينة" خلال حرب الأيام الست، في إشارة إلى حرب يونيو/ حزيران 1967، "غابت تماماً عن الذاكرة العربية، بعد صمت الجامعة العربية، وعدم متابعة القضية، وتقوم الرياض بالتعتيم والتغييب الإعلامي على هاتين الجزيرتين لأسباب سياسية بحتة، حتى لا يفتح آل سعود على أنفسهم أبواب المواجهة مع إخوتهم الأعزاء في تل أبيب."
وتابعت: "قد يظن البعض بأن الأراضي العربية المحتلة هي فقط الأراضي الفلسطينية، أو في مرتفعات الجولان السوري، أو مزارع شبعا اللبنانية.. ولكن للأسف فهناك أيضاً جزيرتا صنافير وتيران، التابعة للأراضي السعودية، وهي جزر محتلة ومسيطر عليها من قبل الكيان الصهيوني، ومنذ عدة عقود.. وتحديداً منذ حرب 67 ولحد الآن، وتلك الجزر المسلوبة ترزح تحت الاحتلال الصهيوني."
وطال الهجوم الإيراني مصر أيضاً، حيث ذكرت الوكالة أن "الكيان الصهيوني" احتل هاتين الجزيرتين بسبب موقعهما الإستراتيجي الهام، لأنهما تقعان على بوابة مضيق تيران، و"قيل إن مصر قد استعارتهما من آل سعود لإغلاق المضيق أمام ملاحة الكيان الصهيوني.. ثم خسرتهما مصر في تلك الحرب، كما خسرت صحراء سيناء.. والغريب أن أنور السادات لم يُطالب بهما ضمن اتفاقية كامب ديفيد.. لأنها في الحقيقة جزراً سعودية."
وتابعت وكالة "فارس" طرح المزيد من التساؤلات، منها: "لمَ تناسى آل سعود أراضيه المغتصبة؟.. ولماذا لم تطرح الجامعة العربية، في مفاوضاتها مع الغرب و"الصهاينة"، موضوع استعادة هذه الجزر؟.. ولماذا لم يضع محور "الاعتدال العربي" موضوع استرجاع هذه الجزر على طاولة مفاوضات السلام في الشرق الأوسط؟"
وأضافت ضمن تساؤلاتها: "هل أُبرمت صفقة ما بين النظام السعودي والكيان الصهيوني، ليغض آل سعود البصر على هاتين الجزيرتين؟.. عن ماذا تنازل الجانبان؟.. لماذا يتبرع "أبو متعب" (الملك عبد الله) بأموال هائلة، ليسلح المعارضة السورية، ولم يعمل قيد أنملة لتحرير جزيرتا صنافير وتيران؟"
كما تساءلت: "لماذا لم يصدر أحد رجال الدين في المملكة فتوى لتحرير هاتين الجزيرتين، ويصدرون شيوخ المملكة فتاوى ضد النظام السوري، ويحثون شبابهم للجهاد في بلاد الشام لإقامة حكم سلفي وهابي؟"
وفي هجوم على وسائل الإعلام العربية، قالت الوكالة الإيرانية: "إذن الجميع يعرفون أن (إسرائيل) هي العدو الأول لهذه الأمة، فكيف يستهدف الإعلام العربي، في توقيت غير سليم، زيارة الرئيس الإيراني لجزيرة إيرانية في الخليج الفارسي، وتطلق بعض الدول ادعاءات واهية حول الجزر الثلاث الإيرانية، ولن يتطرق هذا الإعلام إلى جزر إستراتيجية سعودية محتلة من قبل الكيان الصهيوني؟"
وبالنسبة للمغرب، تساءلت الوكالة الإيرانية: "وما فعلت المملكة المغربية حيال تحرير أراضي سبتة ومليلية، التي مازالت تحتلها إسبانيا، وهذه المملكة لم تتخذ أي موقف حيال غزة، بينما تسارع لاتخاذ أي موقف مضاد للجمهورية الإسلامية؟"
واختتمت "فارس" تقريرها بـ"كلمة أخيرة"، جاء فيها: "قد أبصر الجهاز الدبلوماسي والإعلامي للجمهورية الإسلامية ما خطط له العدو من اختلاق صراعات بين إيران ودول الجوار، ولم تقع إيران في هذا الفخ، واتخذت موقف حكيم من هذه المؤامرة النكراء."
وأضافت بقولها إن "بوصلة القيادة الإيرانية قد شخصت منذ اليوم الأول، العدو الحقيقي لهذه الأمة، وتعاملت إيران مع دول الجوار على مبدأ السلام وحسن الجوار والتآخي، والنظام الإسلامي في إيران يتأهب لمواجهة العدو الحقيقي لهذه الأمة"، في إشارة على الأرجح إلى إسرائيل.
اضف تعليق