فيما ارتفعت حصيلة قتلى الاشتباكات الدائرة منذ يومين في طرابلس شمالي لبنان إلى عشرة قتلى وأكثر من 100 جريح، واصل المتناحرون في حيي جبل محسن وباب التبانة قتالهم ضمن "الجولة التاسعة" من هذه الاشتباكات التي تدور على خلفية طائفية بسبب الأزمة السورية، في وقت أعلن الجيش اللبناني عن مبادرة لإخماد الحريق عبر إجراء حوار بين القيادات الميدانية من الطرفين لحل النزاع، فيما نزحت مئات من العوائل الطرابلسية إلى بلدات أخرى للنجاة بأرواحها، تزامناً مع تجديد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتحذيراته من خطورة الأوضاع ومحاولة زج بلاده في الصراع السوري.
وقالت مصادر طبية أمس، إن عدد من قتلوا في اشتباكات طرابلس بين المسلحين في حيي جبل محسن وباب التبانة، ارتفع إلى عشرة قتلى على الأقل في اشتباكات وصفها سكان بأنها من أعنف الاشتباكات التي شهدتها المدينة الواقعة في شمال لبنان منذ الحرب الأهلية اللبنانية.
وأصيب أكثر من 100 شخص آخرين بجراح في المعارك التي بدأت ليل الاثنين على أساس طائفي، مع اشتداد التوترات نتيجة للصراع في سوريا، بين مسلحين من حي باب التبانة السني وخصومهم العلويين في جبل محسن.
وقال شهود إنه "بعد فترة هدوء اهتزت طرابلس بأكثر من 20 انفجاراً ناجمة فيما يبدو عن مقذوفات صاروخية"، فيما سجل تساقط قذيفة كل خمس دقائق خلال ساعات احتدام العنف في الاشتباكات. كما استخدم الطرفان قذائف صاروخية من أنواع مختلفة وأسلحة آلية ومتوسطة وخفيفة.
وقال مصدر أمني إن "أربعة قتلى جدد سقطوا أمس الأربعاء لترتفع حصيلة القتلى إلى 10، كما سقط أكثر من 100 جريح بينهم 15 عسكرياً". فيما واصل الجيش استدعاء مزيد من التعزيزات ونشر آلياته في جميع أرجاء المدينة المتأزمة.
مبادرة الجيش
من جانبه، أصدر الجيش اللبناني بياناً قال فيه، إن "قوى الجيش لم تنسحب لحظة واحدة من مناطق الاشتباكات أو محيطها"، وأنها "تؤدي واجبها التام في التصدي للمخلين بالأمن والرد بحزم وقوة على مصادر النيران من أي جهة كانت".
إلا أن "الجيش يتعاطى كذلك مع الوضع بحكمة وتبصر لمنع تحويل المدينة إلى ساحة للفتنة الإقليمية". بحسب البيان.
وأعلنت قيادة الجيش عن "مبادرة لإجراء حوار مباشر مع القيادات الميدانية المسؤولة في المدينة وخصوصاً في باب التبانة وجبل محسن، من أجل وأد الفتنة ونزع فتيل التفجير".
إلى ذلك، جدد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المتحدر من طرابلس تخوفه من "محاولات لتوريط لبنان أكثر فأكثر في الصراع الدائر حالياً في سوريا"، مشيراً إلى أن "المطلوب من الجميع، مسؤولين وقيادات، التعاون لإبعاد لبنان قدر المستطاع عن النار المشتعلة من حوله وحمايته من الأخطار".
وقال ميقاتي، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، إن "الأحداث الدموية الجارية في طرابلس، هي في بعض جوانبها، محاولة جديدة لزج لبنان في الصراع الخارجي على نطاق واسع".
وأشار إلى توجيهات أعطيت "للجيش اللبناني والقوى الأمنية لضبط الوضع بحزم ومنع كل مظاهر الإخلال بالأمن وتوقيف المتورطين في هذه الأحداث".
نزوح جماعي
إلى ذلك، أكدت مصادر في طرابلس وشهود عيان، أن "مئات العائلات الطرابلسية، نزحت في اتجاه منطقة الضنية، هرباً من الاشتباكات التي تدور فيها، وبحثاً عن مكان آمن"، وشوهدت أرتال من السيارات وهي تتوجه إلى الضنية سالكة الطريق الرئيسية التي تربطها مع طرابلس.
وكانت منطقة الضنية قد استقطبت منذ اندلاع الاشتباكات بداية الأسبوع الحالي، مئات العائلات الطرابلسية التي أقامت إما في شقق تمتلكها أو مستأجرة أو في أحد الفنادق، أو الإقامة عند أقارب لهم في المنطقة، حيث ازدحمت قرى وبلدات عدة في الضنية بهؤلاء النازحين.
اتهامات متبادلة
في السياق، تبادل طرفا الاشتباكات، الاتهامات فيما بينهما، وقال مسلح من باب التبانة رافضاً عدم كشف اسمه إنه " في جبل محسن، يعمل الناس على تغطية جرائم السوريين"، بينما قال زميل له يدعى أبو محمود إن الحزب العربي الديمقراطي، أبرز حزب يمثل العلويين في لبنان "مرتبط بالنظام السوري وينفذ كل ما يطلبه منه هذا النظام".
في المقابل، قال مسؤول في الحزب العربي الديمقراطي علي فضة: "هناك تناقض في وجهات النظر بيننا وبينهم. نحن لا نريد أن نفرض آراءنا على أحد، لكننا مستعدون للدفاع عن أنفسنا إذا اضطررنا لذلك".









اضف تعليق