الرئيسية » تقارير ودراسات » اغتيال هنية ..اختراق أمنى أم صفقة إيرانية جديدة ؟
تقارير ودراسات رئيسى

اغتيال هنية ..اختراق أمنى أم صفقة إيرانية جديدة ؟

على غرار كل الشخصيات البارزة في حماس، لم يكن مقتل إسماعيل هنية أو حتى تهديده بالاغتيال أمراُ مستبعداً .بيد أن اغتياله في العاصمة الإيرانية طهران في هجوم صاروخي هو أحدث عملية إسرائيلية يمكن وصفها بالجريئة, تحمل دلالات ومؤشرات يمكن استنباطها من سياقات الصراع .

وتأتي هذه التطورات الخطيرة بعد أقل من ١٢ ساعة من إعلان الجيش الإسرائيلي قتل القيادي في “حزب الله” الذي وجهت له إسرائيل والولايات المتحدة المسئولية عن حادث “مجدل شمس” في الضاحية الجنوبية ببيروت، فيما لم يصدر أي تصريح رسمي من حزب الله اللبناني.

نجد أن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري قد أوضح أن فؤاد شكر كان مسؤولا عن إدارة الجبهة الجنوبية منذ الثامن من أكتوبر، مشيرًا إلى أن شُكر المعروف باسم الحاج محسن هو “اليد اليمنى للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله”، مضيفًا أنه قُتل “بناء على معلومات استخباراتية”.

“معلومات استخباراتية” هنا موطن الداء ,,إذ أن الجملة إذا ماربطت بتوقيت ومكان مقتل هنية خلال زيارة لطهران لحضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد.فهذا يعنى أن ثمة اختراقاُ داخل بيت الورق الإيرانى ساعد إسرائيل على تحديد مكانه بدقة ومن ثم استهدافه .ولاسيما بعدما نقلت وسائل إعلام تابعة لحركة حماس عن مصادر إيرانية، قولها إن “اغتيال هنية تم بصاروخ موجّه نحو جسده مباشرة” إثر استهداف مقر إقامته في طهران”.

إذاً العملية الإسرائيلية التى توصف بالجريئة تحمل عدة مؤشرات وتداعيات من بينها أن إيران بحاجة لحفظ ماء وجهها خاصة وأن الرجل قتل فى أراضيها وأثناء حضور مناسبة هامة وذلك يعنى أن نظام طهران بصدد الإجابة أولا على تساؤلات حول كونه مخترق أمنياً بغض النظر عن الطريقة التي نُفذ فيها الاغتيال، أكان بصاروخ عابر للحدود أو بطائرة مسيّرة داخل إيران. وإلا كيف نجحت إسرائيل فى تحديد مكان هنية ؟

المراقبون يرجحون أن العملية قد تكون نتيجة لحدوث خيانة من الدولة أو الأفراد، الأمر الذي سهل عملية الاغتيال والتى شهدت استخدام أحدث التقنيات التكنولوجية الحديثة في تحديد موقع الهدف، وأن ذلك لابد وأن يسبقه تعاون من أحد المتواجدين في الموقع المستهدف، مما يشير إلى وجود خيانة أيضًا داخل البيت الملائى .

تزامن واقعة اغتيال هنية مع حادثة استهداف فؤاد شكر القيادى بحزب الله تؤشر إلى احتمال آخر ربما يراه البعض مستبعداً لكنه غير مستحيل وهوأن النظام الإيرانى قدم الرجلين كبش فداء لتهدئة إسرائيل من ناحية ومن ثم فتح أبواب التفاوض مع الولايات المتحدة لرفع العقوبات عن طهران واستئناف المحادثات بشأن البرنامج النووى من ناحية أخرى , ولعل مايدفع بصحة هذا السيناريو هو وجود رئيس من التيار الإصلاحى على قمة هرم الرئاسة الإيرانية وأن عمليات الاغتيال الإسرائلية تتم فى دول لاتربطها علاقات مع واشنطن على غرار إيران ولبنان . بما يعنى أن إيران قد تخلت عن مبدأ وحدة الساحات وتستعد للعب بطريقة منفردة على وبمساحة لامنتهية من البراجماتية

لاشك أن عملية الاغتيال ستطبع بصماتها أيضاً على محاولات تبريد الأرض فى غزة , فبصفته رئيسًا للمكتب السياسي للجماعة، ومقره العاصمة القطرية الدوحة، كان هنية شخصية رئيسية في المحادثات التي توسطت فيها مصر وقطر والولايات المتحدة بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار واتفاق إطلاق سراح الرهائن والسجناء.وبالتالى فإن وفاة هنية ستؤخر المفاوضات “عدة أشهر”.ورغم أن حماس معتادة على استبدال وترقية زعماء جدد في أعقاب الاغتيالات الإسرائيلية، فإن خسارة شخصية مشهورة عالمياً مثل هنية سوف يكون لها أثر عملي كبير. وكان الرجل المخضرم في حماس البالغ من العمر 62 عامًا، قد أدار علاقات الحركة مع حلفائها في طهران وفي جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك حزب الله.

ومع ذلك فإن توقيت ومكان مقتل هنية يعني أنه قد يكون عاملاً آخر لزعزعة الاستقرار في صراع على وشك التصعيد بالفعل إلى حرب إقليمية ويدعم ذلك التصريحات المتبادلة بين أطراف الصراع حيث قال وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، الذي ينتمي إلى حزب “عوتسما يهوديت” الذي يتزعمه إيتمار بن غفير،عقب إعلان اغتيال هنية، إن “هذه هي الطريقة الصحيحة لتطهير العالم”، مضيفا “لا مزيد من اتفاقيات الاستسلام الوهمية ولا مزيد من الرحمة لهؤلاء المحكوم عليهم بالموت”.فى الوقت ذاته توعد وكلاء إيران فى العراق واليمن وقادة حماس بالانتقام لمقتل هنية .

تعد هذه الحادثة نسخة ثانية من واقعة اغتيال قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في العراق. فكما كان سليماني ضيفاً سرياً وغير معلن في العراق، كان إسماعيل هنية ضيفاً على إيران بدعوة رسمية لحضور حفل تنصيب بشكيان.والقاسم المشترك بين الحادثتين هو “الاختراق والخيانة”. ففي حادثة سليماني، كشفت المعلومات عن وجود اختراق من قبل جهات داخلية سربت معلومات حول تواجد سليماني ونوع السيارة التي استقلها بعد وصوله إلى المطار. وقد حدث الشيء ذاته مع إسماعيل هنية في طهران.

بالمحصلة لاتزال المعلومات غير كافية حول الكيفية التى قتل بها هنية لكن تبقى كل علامات الاستفهام مشروعة حول حقيقة ماحدث هل هو اختراق أمنى أم صفقة إيرانية جديدة