الرئيسية » أرشيف » الأوروبيون غاضبون من الأميركيين لانتهاك خصوصياتهم واشنطن تدافع عن التجسس الإلكتروني: أحبطنا عشرات الهجمات الإرهابية
أرشيف

الأوروبيون غاضبون من الأميركيين لانتهاك خصوصياتهم
واشنطن تدافع عن التجسس الإلكتروني: أحبطنا عشرات الهجمات الإرهابية

قال مدير عام وكالة الأمن القومي الاميركي الجنرال كيث الكسندر المكلف ببرنامج لجمع وتحليل بيانات الانترنت والهاتف، الاربعاء، ان برامج المراقبة التي تقوم بها وكالته ساهمت في منع "عشرات الهجمات الارهابية".

وردا على اسئلة تعكس تشكيك البرلمانيين، في جلسة استماع في مجلس الشيوخ الاميركي، ان برامج وكالته يخضع لاشراف مناسب من القضاء والكونغرس.

وقال في الجلسة “انها معلومات سرية لكن الامر يتعلق بعشرات الاحداث الارهابية التي اسهم (هذا البرنامج) في منعها (..) هنا وفي الخارج”.

وهي المرة الاولى التي يخضع فيها الكسندر للمساءلة العامة منذ كشف المتعاقد السابق مع الوكالة ادوارد سنودين عن البرنامج.

واضاف “اريد ان يعرف الاميركيون اننا شفافون في هذه المسألة”، مشددا على ان “ثقة الشعب الاميركي ضرورة مقدسة” كي تتمكن وكالته من القيام بعملها.

ردا على سؤال حول ما اذا كان الكشف عن برامج المراقبة سيساعد ارهابيين على تجنب الرصد، قال الكسندر انهم “سيتفادون ذلك وسيموت اميركيون” لهذا السبب. واضاف “تم الحاق ضرر كبير عبر الكشف عنها. والنتيجة باعتقادي هي تهديد امننا”.

في الشهر الفائت اختفى سنودين التقني العامل المتعاقد مع قاعدة لوكالة الأمن القومي في هاواي بعد تحميل وثائق سرية ليظهر في نهاية الاسبوع في هونغ كونغ لاجراء مقابلات صحفية.

واحرج سنودن واغضب ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما بكشفه عن جمع الوكالة تسجيلات اتصالات ملايين المشتركين الاميركيين في خدمة الهاتف، واستهدافها بيانات الانترنت الخاصة بمستخدمين اجانب.

واثار الامر خلافا حول الخصوصية وحدود السلطة التنفيذية في العصر الرقمي على ما كان ينوي سنودين بحسبه ودعوات الى توقيف المسرب واعادته الى بلاده للمحاكمة.

 

العامل الصيني

وصرح سنودين لصحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست في هونغ كونغ انه سيقاوم اي محاولة لتسليمه، متهما وكالة الامن القومي الاميركية باجراء عشرات الاف هجمات القرصنة حول العالم.

وردا على سؤال عن سنودين، اكدت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا تشونيينغ في لقاء صحفي دوري “لا معلومات لدي لاقدمها”.

ولزم الاعلام الصيني الصمت نسبيا حيال المسألة. لكن صحيفة تشاينا دايلي اكدت الخميس ان اخبار البرنامج الاميركي “ستشوه بالطبع صورة واشنطن في الخارج، وستشكل امتحانا للعلاقات الصينية الاميركية”.

وقالت الصحيفة الرسمية ان “كيفية التعامل مع القضية سيطرح تحديا للنوايا الحسنة الناشئة بين بكين وواشنطن نظرا الى وجود سنودين على اراض صينية، فيما تشهد العلاقة بين البلدين توترا مستمرا حول امن الانترنت”.

واكدت المتحدثة باسم الخارجية الصينية ان بلادها ضحية للهجمات على الانترنت وان “الصين تدعو بشدة الى ضمان امن الانترنت”.

واعتبر الكثيرون سنودن شخصا نفذ عمل عصيان مدني شجاع للكشف عن تجاوزات الحكومة الاميركية والدفاع عن خصوصية مستخدمي الانترنت الابرياء.

كما اعتبره اخرون ومن بينهم مسؤولو اجهزة الاستخبارات الاميركية وعدد من المشرعين الكبار خائنا كشف عن نظام يجيز حماية الاميركيين.

واكد الكسندر ان لديه “مخاوف كبيرة” حول كيفية حصول سنودين على معلومات سرية حرجة بمستواه التعليمي المحدود وخبرته المهنية الضئيلة. وقال “علينا مراجعة تلك الاليات”.

وفتحت عدة تحقيقات في القضية مما يشير الى احتمال توجيه اتهامات جنائية الى سنودين. كما يستعر الجدل في الولايات المتحدة حول شرعية وفائدة مقاربة وكالة الامن القومي القاضية برصد البيانات الخاصة.

واكد الكسندر في جلسة الاستجواب “نحن لا نرى ان الامر يتعلق بتسوية بين الامن والحرية. الامر لا يتعلق بخيار ويمكننا بل انه واجبنا ان نتولى الامرين معا” مشددا على التزام وكالته ودائرة الشؤون الرقمية الاميركية “بعمق احترام القانون وحماية الحق بالخصوصية”.

لكن سنودين في هونغ كونغ لم يبد اي ندم. وقال “لست خائنا ولا بطلا. انا اميركي”.

واكد لصحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست اجراء وكالة الامن القومي اكثر من 61 الف عملية قرصنة حول العالم استهدفت “اسس شبكات” تسمح بالوصول الى مئات الاف الكمبيوترات، مشيرا الى وجود مئات الاهداف في الصين وهونغ كونغ.

 

تحقيقات مكثفة

وتسعى السلطات الاميركية إلى أن تفهم كيف تمكن مستشار في المعلوماتية من الوصول الى وثائق سرية للغاية يفترض الا يطلع عليها غير عدد محدود من الاشخاص حسب ما افاد خبراء لفرانس برس.

وتشمل “تسريبات” ادوارد سنودين المستشار السابق في الاستخبارات، حول مراقبة وكالة الامن القومي للانترنت، قرارا لمحكمة مراقبة الاستخبارات الخارجية التي تعتبر وثائقها سرية منذ اكثر من ثلاثين سنة.

وصرح روبرت ديتز المستشار السابق في وكالة الامن القومي ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) لفرانس برس “انه نظام محمي للغاية”. واضاف ديتز الاستاذ في السياسة العامة في جامعة جورج ميسون ان اقل من 100 شخص يستطيعون نظريا الاطلاع عليها.

وتساءل “لماذا سمح لسنودين بالوصول الى هذه الوثائق؟” في حين انه لا يحمل شهادة جامعية ولم يتلق تدريبا استخباراتيا معمقا.

ومجموعة المعلومات الكبيرة التي كشفها سنودين والمتعلقة ببرامج مختلفة لوكالة الامن القومي تفيد بانه قد يكون تجاوز صلاحياته لوضع اليد على ملفات سرية بحسب مسؤولين أميركيين سابقين.

وقال سيدريك ليتون معاون المدير السابق للتدريب في وكالة الامن القومي والكولونيل المتقاعد في سلاح الجو “من المرجح ان يكون تجاوز حدوده”.

واضاف “كان يكفي له ان يساعد مسؤولا كبيرا في معالجة مشكلة معلوماتية للحصول – على الأرجح – على كلمة السر، التي يستخدمها هذا المسؤول. وحينها يصبح كل شيء ممكنا”.

وحالة سنودين تختلف عن برادلي مانينغ الجندي الاميركي، الذي يحاكم اليوم بتهمة “التآمر مع العدو” بعد ان نشر آلاف الملفات السرية.

وهذا المحلل للاستخبارات في العراق اجيز له الاطلاع على آلاف البرقيات الدبلوماسية السرية وتقارير الاستخبارات العسكرية التي قام بتسريبها لاحقا لموقع ويكيليكس. ولم يكن سنودين محللا استخباراتيا و”كان يفترض ان يقوم بصيانة الشبكة. لكنه كان يطلع ايضا على الوثائق التي يتم تناقلها”، وفق جيمس لويس المسؤول الاميركي السابق المتخصص في امن الشبكة العنكبوتية.

وتواجه اجهزة الاستخبارات معضلة بين ضرورة حماية معلوماتها وضرورات الشفافية.

وبعد اعتداءات 11سبتمبر 2001، انتقد البرلمانيون علنا اجهزة التجسس لفشلها في “اقامة روابط”، كان من شأنها منع وقوع هذه الكارثة.

وقضية سنودين قد تدفع مرة اخرى الاستخبارات الاميركية الى اعادة النظر في الطريقة التي تدير فيها سرية وثائقها، وفق ديتز.

 

مراجعة شاملة

وقال ليتون ان التسريبات الاخيرة ستؤدي بالتأكيد الى مراجعة شاملة للأمن المعلوماتي داخل اجهزة الاستخبارات ومراقبة الموظفين، خصوصا العاملين من الباطن. واضاف “عليهم مراقبة نظام الامان على الانترنت وايجاد شيء آخر لتأمين حماية اضافية لكل انواع الوثائق”.

وقال ليتون ان سنودين لم يكن الشخص المناسب، خصوصا لقلة تدريبه. وغالبا ما توظف الوكالة تقنيين ذوي كفاءات عالية ولا تختار سوى افضل المرشحين في صفوف الجيش.

وحجم هذه التسريبات مبالغ فيه من قبل المسؤول عنها الذي اكد لصحيفة الغارديان البريطانية ان اي محلل في وكالة الامن القومي “قادر في اي وقت واي مكان الهجوم على اي شخص”.

واضاف “انا شخصيا كان في امكاني من مكتبي التنصّت على اي شخص، سواء أنت او محاسبك او قاض فدرالي او حتى رئيس الولايات المتحدة، لو كان لدي عنوانه الالكتروني الشخصي”.

ويقول ديتز ان “مثل هذه التأكيدات سخيفة جدا ولا تستند الى شيء”.

وتابع ان سنودين يجهل الاجراءات والخطوات القانونية اللازمة للتنصت على شخص وتصريحاته توحي بــ “رؤية هوليوودية” للاسلوب الذي تعمل فيه أجهزة الاستخبارات.