على الرغم من المطالبات المتعددة بتشكيل مجلس استشاري في مصر يقدم الآراء والمقترحات إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فإن تشكيل هذا "الاستشاري" جاء ليفتح باباً جديداً من الجدل في أوساط القوى السياسية المصرية المختلفة.
وحاول اجتماع المجلس مساء الأحد أن يرسل تطمينات إلى العديد من القوى السياسية التي تبدي مخاوفها من أن يكون المجلس بمثابة التفاف على السلطات القائمة أو الأخرى التي يجرى التمهيد لها، غير أنه، ولحالة الزخم الثوري التي تسود البلاد، فإن هذه التطمينات لم تحقق أهدافها، لتظل الشكوك حول المجلس قائمة.
وتنوعت هذه القوى بين قوى إسلامية وأخرى ثورية، في ظل ما تعتبره الأولى التفافاً على "البرلمان" بسعيه إلى تشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، وهو الدور المعني به "البرلمان" وفقاً للإعلان الدستوري الصادر أواخر مارس/ آذار الماضي، فيما ترى القوى الثورية أن "الاستشاري" يعد بمثابة طوق النجاة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، بعدما ظلت أصوات الثوار تصرخ في اعتصامها قبالة مجلس الوزراء بإسقاط المجلس العسكري وإقصائه عن المشهد السياسي.
غير أن رئيس المجلس، منصور حسن، ونائبيه سامح عاشور وأبو العلا الماضي، حاولوا التأكيد أن دور المجلس استشاري وليس تشريعياً أو تنفيذياً، وفقاً لقرارات تشكيله، إلا أن كل ذلك لم يشفع للمعترضين على المجلس، الذي أظهر بوادر حلحلة لحالة التوافق بين جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة وبين المجلس العسكري، بعد جملة الانتقادات التي وجهتها الجماعة إلى تصريحات عضو بالمجلس العسكري قال فيها إن "البرلمان" المقبل لن يفرز ممثلين عن الشعب، بجانب انسحاب حزب الجماعة من عضوية المجلس الاستشاري، إلا أن أعضاء المجلس الاستشاري ورئيسه ونائبيه أطلقوا تصريحات مساء الأحد أكدوا فيها أن باب الانضمام إلى عضوية المجلس وفق القرار الذي يحمله، وأن أعضاءه ليس بالضرورة 30 عضواً على نحو ما هو قائم، وأن من حق أي فصيل سياسي عرض الانضمام إلى المجلس، وذلك في إشارة إلى عدم الرفض الكلي من أعضاء المجلس لحزب جماعة الإخوان، وترك الباب موارباً أمام قيادات حزب الحرية والعدالة للعودة إلى عضويته مجدداً .
هذا الانسحاب جعل القوى الإسلامية في طرف بمواجهة "العسكري" ليس اتفاقاً منها مع القوى الثورية ومطالبها بإقصائه، بقدر ما هو حرص منها على تأكيد صلاحية "البرلمان" وأحقيته في وضع الدستور الجديد، إلا أنه يبدو في دائرة الانقسام بين الإسلاميين و"العسكري" في هذا السياق، أنه لا يتضمن خلافاً بين السلفيين والمجلس العسكري، لتمثيلهم من خلال حزب النور داخل عضوية "الاستشاري".
وهناك قوى سياسية لا يتم حسابها على الحركات الشبابية أو الأحزاب الإسلامية تقف موقف الاعتراض على "الاستشاري" إدراكاً منها بعدم جدواه، خاصة في ظل المرحلة الراهنة، وهو ما رد عليه أعضاؤه بأن هناك من القوانين التي ستجري مناقشتها تمهيداً لإصدارها بمرسوم من جانب "العسكري"، وعلى رأسها قانون انتخاب رئيس الجمهورية، علاوة على قضايا أخرى تهم قطاعات عريضة في المجتمع المصري مثل العاملين والفلاحين، ما يعني أن دورهم لا يتدخل في شأن السلطتين التنفيذية أو التشريعية، وأن المجلس الاستشاري تتوقف أهدافه فقط عند تقديم الآراء والأفكار إلى "العسكري" بل والحكومة، متعهدين بأنه في حال إملاء أفكار أو مشروعات عليهم لتمريرها للرأي العام، فإنه ستنفرط بينهم "أي مع المجلس العسكري" حبات العقد التي التأمت مؤخراً بعد مطالبات عدة بتشكيل مثل هذا المجلس الاستشاري.
اضف تعليق