مرة أخرى الحكومة اللبنانية الجديدة الرئاسة للحريري والسيطرة لحزب الله ,حيث تتجه ترجيحات الراسخين بالعلم إلى امتثال سعد الحريري ورضوخه لإملاءات نصر الله ورفاقه وأن ثمة صفقات يتم تمريرها تحت الطاولة ,بصيغة جديدة تتماهى بها التوافقات السياسة مع المال .
مرسوم التجنيس الذي هز أرجاء الشارع اللبناني ينبئ بتأويل بعض من الأحاديث ,فالقرار استناداً للأسماء المسربة منح الجنسية لأسماء هي رموز وواجهات مالية للنظام السوري ، كعائلة فاروق الجود، وهو رئيس غرفة التجارة والصناعة في اللاذقية؛ سامر فوز ، عائلة وزير التعليم العالي السابق هاني مرتضى ،فضلاً عن جنسيات أخرى منها شخصيات إيرانية يطرح علامات استفهام حول مستجدات علاقة الحريري بالنظام السوري .
وبالعودة إلى المرسوم الذي تم صياغته ليلاً وصدر دون أن ينشر بالجريدة الرسمية وفقاً للقانون ,فإنه يحتاج بطبيعة الحال إلى جانب توقيع رئيس الجمهورية إلى إمضاء مماثل من رئيس الحكومة و وزير الداخلية وهو ما يعنى أن الحريري على علم به كما أن توقيت توقعيه وطريقة إقراره تشي بأن هناك صفقة أو مقايضة ما تطبخ على نار هادئة وأن الأسماء تم إدراجها بالتنسيق مع نظام الأسد وبطلب من حزب الله لاسيما وأنهما الرابح الأكبر من توطين هذه الأسماء .
وبالرغم من أن التزام تيار المستقبل الصمت وعدم استعداده للطعن والاعتراض على المرسوم مثل باقى الكتل النيابية عده البعض فى إطار الامتصاص الناعم والتسوية الهادئة و التي لا يرغب معها الحريري فى “ازعاج” الرئيس عون، حتى ولو تم ذلك على حساب الثوابت والقوانين ,غير أنه يبرهن على أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة التنسيق مع النظام السوري،أو بمعنى أكثر وضوحاً مرحلة عودة نظام الأسد للسيطرة على لبنان.
إرهاصات المرحلة المقبلة وقيام الحكومة الجديدة بتوسيع العلاقات مع النظام السوري المتحالف مع حزب الله, تتكشف كذلك من تصريحات المسئولين عن ضرورة التنسيق مع دمشق وحملة التيار الوطني حول النازحين علاوة على الحديث الدائر عن جلب الكهرباء من سوريا ودعوات البطريرك الماروني بشارة الراعي من باريس عن وجوب التواصل مع نظام الأسد
السؤال الذى يطرح نفسه الآن هو, ماذا سيستفيد الحريري من تقديمه مجدداً غطاء سياسي وقانونى لـ حزب الله لاسيما وأن المؤتمرات تربط تقديم الدعم للبنان، بتطبيق القرارات الدولية ونزع سلاح الحزب؟. ولماذا يركن نصر الله إلى اطمئنانه للعهد ولدوره في لبنان والمنطقة؟
الإجابة شبه حاضرة بملف إعمار سوريا إذ قدّر نظام الأسد التکاليف بـحوالي 6.5 مليار دولار وفى خضم هذا المعترك الحافل بالفرص الاستثمارية والمشاريع الکبرى تسعى دول وشركات إلى إيجاد موطئ قدم لها في ظل التوقعات بتحقيق عوائد مرتفعة وامتداد فترات العمل لسنوات طويلة , ولاشك أن إيران ستكون مهتمة بهذا الملف انطلاقا من كونها الحليف المقرب من دمشق وأحد المساهمين فى تثبيت نظام الأسد فضلاً عن المنفعة المتبادلة ورغبتها فى تعويض جزء من عشرات مليارات الدولارات التي استنزفتها خلال السنوات الماضية في سوريا لحماية النظام، وهذا يقتصر فقط على التكاليف المادية والاقتصادية وليس التكاليف البشري.
فى هذه الأثناء يتجلى أهمية التقارب بين الحريرى وحزب الله , حيث يعمد الأول وفقاً لتكهنات المراقبين إلى استثمار علاقات الحزب الوثيقة مع طهران والنظام السوري للانخراط فى عملية إعادة الإعمار ,إذ يبدو أن الملف المغرى استثماريا فتح شهية الحريري لتعويض خسارته فى سعودى اوجيه وترميم إمبراطوريته المالية حيث تشير أنباء إلى ضلوعه فى تأسيس شركة مقاولات جديدة بالتعاون مع الحرس الثوري الإيراني والذى ستكون لشركاته اليد الطولى ونصيب الأسد فى ملف الإعمار
الشواهد على أن الحريرى و حسن نصر الله قد اتفقا على التسوية دون أن يجمعهما لقاء أو حديث مباشر متعددة , فمع انطلاق قطار تشكيل الحكومة فى بيروت الذى أفضى إلى تكليف زعيم تيار المستقبل للمرة الثالثة برئاسة الحكومة بعد أن حصل على تأييد 111 نائبا من أعضاء مجلس النواب الـ 128 رغم خسارته أكثر من ثلث عدد نوابه فى الاستحقاق النيابى , يبدو حزب الله مستغرقاً فى التبكير بولادة الحكومة الجديدة حتى يتمكن من تثبيت أركان حكمه وفق النتائج الأخيرة وكذلك تحصين وضعه الداخلي حيث يتطلع الحزب إلى دور أكبر في الحكومة اللبنانية القادمة. وبالرغم من امتناع نواب ميليشيا حزب الله عن تسمية الحريري لرئاسة الحكومة والذي ليس الأول من نوعه ، غير أن ترشيح نبيه برى لـ” الحريرى” يعنى حدوث توافق ضمنى على شخص رئيس تيار المستقبل .كما أن تأكيد القوى السياسية التابعة للحزب على استعدادها للمشاركة فى الحكومة المقبلة والتعاون الإيجابي مع من تسميه الأكثرية النيابية يشير إلى أن الغالبية العظمى بما فيهم الحريرى نفسه ,بصمت بأطراف أصابعها الخمسة على تمرير خيارات التسوية الموقعة فى 2016 .
إشارات الحريري حول الحقائب الوزارية والتي تضمنت أن “حزب الله” سينال 3 وزراء ولا إشكالية في نوعية الحقائب أن جميع العقد المستعصية قابلة للحل.تحمل دلالات واضحة أن ستاراً ما تمت حياكته خلف الكواليس ومن المستبعد أن يذهب معه الحريري باتجاهات تصعيديه كي لا يفقد ما كسبه من خلال هذه التسوية. وأن تطلعات المليشيا للوزارات الخدمية والتى سوف تساهم فى تعزّيز رأس المال السياسي للحزب مثل وزارات الأشغال العامة أو الصحة أو الشؤون الاجتماعية أو الاتصالات , مع ضمان بقاء وزراة المالية مع حليفه الوثيق ، حركة أمل, غالباً ما سيتم الاستجابة لها .
كثيرة هى حسابات سعد الحريري لكن يبقى السؤال الأهم هل يغلب رئيس الحكومة مصلحته الشخصية على سيادة لبنان واستقلالية قراره ؟ اختبار لا يتطلب اجتيازه أن يكون وريث الأب الشهيد من أولى العزم بل يقتضى الانحياز الكامل للوطن .
اضف تعليق