غداة إتمام الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند زيارة خاطفة الى بيروت, تندرج في سياق التحولات على صعيد أوضاع المنطقة عموماً والوضع اللبناني خصوصاً, سجلت الساحة اللبنانية, أمس, مشهداً مثلث الأبعاد توزع بين قصر بعبدا وبكركي داخلياً وباريس خارجياً حيث تستعد الدوائر الفرنسية لاستقبال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في 19 الجاري على رأس وفد وزاري, وفق ما أكدت أوساط وزارة الخارجية الفرنسية لـ"وكالة الأنباء المركزية".
ففي بعبدا, برز كلام لافت لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان من الحوار, إذ اعتبر ان الجلوس الى طاولة الحوار واللجوء الى الخطاب السياسي البناء هو الطريقة الفضلى في ظل ما يمر به لبنان والمنطقة للتفاهم على حل المشكلات القائمة من خلال الحوار الهادئ والعقلاني. كما أكد ان الموضوع الحكومي بدوره خاضع للحوار والتفاهم على التغيير نحو الأفضل وتجسيد الوحدة الوطنية.
والحوار ايضاً شكل نقطة التقاء بين البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي ووفد تيار "المستقبل" الذي زار بكركي برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة لتقديم التهنئة, إذ أكدت مصادر مطلعة أن الزيارة تناولت شؤوناً وطنية وسياسية وتخللها تقييم لزيارة هولاند ونتائجها العملية.
وسمع وفد المستقبل من البطريرك نصحاً وتشديداً على ضرورة العودة الى رئيس الجمهورية, والتوافق معه حول الخيارات الوطنية مشدداً على أهمية الحوار كوسيلة فضلى للنهوض بالبلد.
وأشارت الى أن البحث تناول أيضاً قانون الانتخاب فاعلن البطريرك للرئيس السنيورة انه ليس متمسكاً بأي طرح انتخابي الا انه يريد قانوناً يريح المسيحيين.
أما الملف الحكومي فقالت المصادر ان البطريرك أبدى تخوفه الشديد من وقوع البلاد في حال الفراغ في ظل الوضع الاقليمي الخطير, وهنا رد السنيورة بالتأكيد ان قوى "14 آذار" سهلت نصف الطريق على تشكيل الحكومة بتبنيها "اعلان بعبدا" الذي يمكن ان يشكل خريطة الطريق للحكومة الجديدة, مؤكداً ترجيح خيار حكومة التكنوقراط.
وعقب اللقاء, أكد السنيورة ان قوى "14 آذار" لم تتوقف يوماً عن أسلوب الحوار ومد اليد والانفتاح على الرئيس ميشال سليمان في شكل غير محدود, مؤكداً ضرورة العودة الى الأصول واحترام الدستور, ولافتاً الى ان لا فراغ في الدستور اللبناني.
وأشار إلى أن"مخالفة ما تم التوافق عليه في الحوار و"إعلان بعبدا" من إرسال مسلحين وأسلحة إلى سورية وصولاً إلى إرسال طائرة من دون طيار الى اسرائيل (في إشارة إلى طائرة "أيوب") وغيرها من الأمثلة يُظهر أننا نتكلم في واد والآخرون يتصرفون في غير واد".
وعما يقال عن أن إسقاط الحكومة سيؤدي إلى الفراغ, قال السنيورة إن "الأصول الدستورية واضحةٌ وضوح الشمس لجهة تشكيل الحكومة, وكل ما يقال غير صحيح ونحن حريصون على الاستقرار".
وعن قانون الانتخابات, قال السنيورة: "عندما تسقط الحكومة الحالية سنتابع البحث في قانون الانتخابات".
إلى ذلك, بقيت زيارة الرئيس الفرنسي بيروت حاضرة في المواقف السياسية أبعاداً وتحليلاً, واستتبعت امس بوضع السفير الفرنسي باتريس باولي باسم هولاند اكليلاً من الزهر على ضريح رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن تأكيداً على التضامن مع لبنان وتكريماً لذكرى لبناني كبير.
وشدد باولي على ان هولاند اراد عبر مروره في لبنان تأكيد تضامنه وصداقته العميقة مع لبنان واللبنانيين جميعاً في هذه الأوقات الصعبة.
ورغم أن قوى "14 آذار" ترفض أي شكل للحكومة غير التكنوقراط أو الحيادية, تفيد معلومات عن وجود مشاورات بعيداً من الأضواء وأن هناك أكثر من صيغة مطروحة منها حكومة ثلاث عشرات (10 وزراء للموالاة و10 للمعارضة و10 للمستقلين) وثلاث ثمانيات أو وفق تركيبة (12-9-9).
وتعليقاً على ذلك, قالت مصادر في قوى "14 آذار" ان "كل الصيغ المطروحة لا تعنينا, مادام هدفنا ليس المحاصصة او تحصيل مكاسب بوزير او اثنين. مطلبنا واضح اعلن في بيان بيت الوسط, حكومة حيادية تشرف على الانتخابات وبعد ذلك لكل حادث حديث".
واضافت: "نرفض حكومة الوحدة الوطنية او حكومة الشراكة في ظل وجود مشروعين متناقضين لا يمكن ان يلتقيا على الطاولة نفسها".
اضف تعليق