غالبًا ما تُصوَّر الأزمات المزمنة في لبنان على أنها فشل في السياسة الطائفية أو سوء إدارة الاقتصاد. لكن الحقيقة أكثر عمقًا: العدو الحقيقي للبلاد هو إيديولوجي، يمثله اليسار الراديكالي المتغلغل في هياكل الدولة السياسية والعسكرية. حزب الله وحلفاؤه ليسوا مجرد أحزاب طائفية أو ميليشيات مسلحة؛ بل هم حركة ثورية يسارية، مستوحاة من نموذج النظام الإيراني، تضع الإيديولوجيا فوق الوطن، والسلاح فوق القانون، والولاء للرعاة الأجانب فوق المصلحة الوطنية.
تمامًا كما دمج الملالي في إيران الحزب والدولة في ثيوقراطية ثورية، بنى حزب الله نظامًا موازياً في لبنان. هذا النظام يمتلك جيشًا مسلحًا خارج سيطرة الدولة، شبكة واسعة من المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية، وتحالفات سياسية تضمن له حماية نفوذه داخل الحكومة والبرلمان. تحت شعار “المقاومة”، يقوض حزب الله سلطة الدولة اللبنانية ويعرقل كل محاولة لإصلاح المؤسسات. أي مشروع إصلاحي—سواء كان قضائيًا، ماليًا، أو أمنيًا—يُعرقل أو يُضعف تحت ذريعة حماية المجتمع الشيعي أو مواجهة “العدو الخارجي”. النتيجة: دولة مشلولة، مؤسسات مفرغة من سلطتها، وسلطة مركزية ضعيفة تعجز عن فرض القانون أو حماية مصالح المواطنين.
تأثير اليسار في لبنان ليس سياسيًا فقط، بل هيكلي. حزب الله يسيطر على أجزاء واسعة من الاقتصاد المحلي، بما في ذلك شبكات الدعم الاجتماعي، شركات الخدمات، وحتى التمويل المحلي في مناطقه. هذا يسمح له بشراء الولاء، التحكم بالمجتمعات، وممارسة ضغوط على الحكومة المركزية، مانعًا أي إصلاح حقيقي يمكن أن يقلل من نفوذه. الاقتصاد اللبناني، الذي انهار منذ 2019، يعاني ليس فقط من سوء الإدارة أو الانهيار المالي، بل من الهيمنة الإيديولوجية التي تحول الدولة إلى أداة لخدمة مشروع حزب الله وحلفائه.
الأمن الوطني اللبناني تحت تهديد مباشر. وجود ميليشيات مسلحة خارج سلطة الدولة يجعل فرض القانون شبه مستحيل. الجيش اللبناني، رغم كفاءته وولائه للوطن، يجد نفسه محدودًا أمام قوة حزب الله العسكرية والسياسية. هذه السيطرة على السلاح لا تهدد فقط الاستقرار الداخلي، بل تجعل لبنان رهينة للمشروع الإيراني في المنطقة. السياسة اللبنانية، بدلًا من أن تخدم مصالح المواطنين، تتحول إلى ملعب لصراعات إيديولوجية إقليمية.
القضاء اللبناني أيضًا مستهدف. محاولات الإصلاح القضائي، بما في ذلك التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت والفساد المالي، تواجه عرقلة مستمرة من فصائل اليسار وميليشياته. استقلال القضاء بلا معنى إذا كانت الفصائل الإيديولوجية تحدد أي القضايا يمكن أن تستمر وأيها يجب إيقافه. العدالة لم تعد أداة لمحاسبة المسؤولين، بل أصبحت أداة سياسية يمكن توجيهها لخدمة الأيديولوجيا والهيمنة الطائفية.
المجتمع الدولي غالبًا ما ينظر إلى حزب الله كحزب سياسي لبناني عادي أو “قوة مقاومة”، متجاهلًا أن الهدف الحقيقي هو الهيمنة الإيديولوجية. هذه النظرة الخاطئة سمحت للميليشيات اليسارية بالتمدد، وإضعاف الدولة، وتحويل لبنان إلى نسخة مصغرة من النموذج الإيراني: دولة حيث الحزب هو الدولة، والإيديولوجيا هي القانون، والسلاح هو سلطة القرار.
لبنان اليوم أمام خيار مصيري. الإصلاحات الاقتصادية والقضائية والأمنية لن تنجح إذا لم يُستعاد سلطة الدولة على السلاح والمؤسسات. دون مواجهة حقيقية للتهديد الإيديولوجي، سيظل لبنان رهينة للمشروع الثوري اليساري، عاجزًا عن تحقيق سيادته أو حماية مصالح مواطنيه.
الخطوة الأولى نحو النهوض الوطني واضحة: نزع سلاح الميليشيات، استعادة هيبة الدولة، وإعطاء الأولوية للمؤسسات الوطنية على أي مشروع إيديولوجي. إذا فشل لبنان في مواجهة هذا التهديد، فلن تكون هناك إصلاحات اقتصادية، ولا عدالة قضائية، ولا أمن مستقر. لبنان سيصبح مجرد نسخة طبق الأصل عن التجربة الإيرانية، دولة تدار بالأيديولوجيا بدلًا من القانون، ويضيع حلمه في الاستقلال والسيادة.
-تم الاستعانة بـchatgpt فى كتابة المقال









اضف تعليق