الرئيسية » تقارير ودراسات » العلاقات الروسية الإيرانية ..هل وصلت إلى مفترق الطرق ؟
الرأي تقارير ودراسات رئيسى

العلاقات الروسية الإيرانية ..هل وصلت إلى مفترق الطرق ؟

الحرب فى سوريا
الحرب فى سوريا

“فى محراب السياسة ليس هناك شياطين تصفد ولا ملائكة تسبح …فقط كل المباح متاح ” لذلك لا يبدو مستغرباً أن تغدو كل الاحتمالات مفتوحة على الأرض وأن يصبح حلفاء الأمس ,فرقاء اليوم . ويتبلور ذلك بوضوح حين نطالع السجال السياسي مابين موسكو وطهران .

العصا السحرية التي ستفرط عقد السبحة الروسية الإيرانية نلمسها فى التراشق بين الجانبين فبينما تتحدى  طهران  بوتين بتصريحات تقول فيها أنه لا أحد يستطيع أن يجبرها على مغادرة سوريا، تطالب  روسيا بخروج جميع القوات الأجنبية بما فيها الإيرانية، لإنجاح العملية السياسية في هذا البلد الذي تحول إلى ساحة حرب على النفوذ بين قوى إقليمية ودولية

وكان الرئيس الروسي قد صرح خلال اجتماع  عقده مع بشار الأسد أنه بالتزامن  مع بدء العملية السياسية لابد من إخراج جميع القوات الأجنبية من سوريا وقد أعقب ذلك توضيح من مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف حول الأطراف المعنية بالمغادرة حيث قال ” الحديث يجري عن جميع الوحدات العسكرية الأجنبية المتواجدة في سوريا بما في ذلك القوات الأمريكية والأتراك وحزب الله، وبالطبع الإيرانيون”

رسائل موسكو أشعلت شرارة الغضب الإيراني  وقد انعكس ذلك من خلال الرد العاجل والسريع الذي جاء على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي حيث قال ” لا يمكن لأحد أن يجبر إيران على القيام بذلك؛ لأن لدينا سياسات مستقلة خاصة بنا” . وأضاف وجودنا في سوريا هو بناء على طلب حكومة ذلك البلد، وهدفنا هو محاربة الإرهاب”. وتابع “من عليهم مغادرة سوريا هم الذين دخلوا إلى هذا البلد دون إذن من حكومتها” .

وبالرغم من ظاهر الأحداث يشير إلى تقاطع المصالح الروسية الإيرانية على رقعة دعم نظام بشار الأسد وتثبيت حكمه فى مواجهة الجماعات المصلحة بشكل يضمن استمرار مكاسبهم الاستراتجية فى العمق السوري وفى المنطقة , غير أن حرب التلاسن  تكشف تصدع العلاقة بين الجانبين فالأمر كان متوقعاً لاسيما وأن لكل طرف حساباته الخاصة والتي قد تتعارض مع تطلعات الأخر , فما يزيد من تعقيدات المشهد هناك هو تحول سوريا إلى ساحة لحرب كونية تضم أطرافاَ وقوى ذات مصالح متعارضة وأهداف متباينة تصل فى بعض الأحيان إلى حد التناقض .

كما يبرز الامتعاض الروسي  من استمرار الوجود الإيراني  من خلال حرص الأخيرة على إشعال بؤرة جديدة للصراع مع إسرائيل في حين يسعى بويتن للحفاظ على علاقاته مع نتنياهو وقد ظهر ذلك عبر إعطاء موسكو ضوءاً أخضر لإسرائيل بضرب أهداف إيرانية في سوريا

التشققات داخل التحالف الرخو تعود أيضاً  إلى رغبة موسكو فى الحفاظ على المكاسب التي حققتها على الأرض منذ تدخلها فى 2015 فالحرب فى سوريا قد وضعت أوزارها وفقا للمنظور الروسي  واستمرار الوجود الإيراني من شأنه عرقلة عملية السلام في ظل وجود فيتو غربي لذلك تبدو عازمة على حل الأزمة بمشاركة الدول الغربية وإزاحة  إيران من المشهد برمته .

إذ يبدو أن الحليفين انخرطا في صراع على النفوذ بعد هزيمة عدو مشترك وهو المعارضة وأضحي من الضروري إطلاق العملية السياسية ولأن موسكو لن تسمح بتكرار أخطاء الولايات المتحدة فى العراق وتريد ضمانات بعدم تحول سوريا إلى قاعدة للإيرانيين وحزب الله لذلك تطالب بأن يذهب الجميع، وتبقى القوات الروسية فقط, فهي بكل الأحوال لن تسمح بوجود طهران كمنافس لها على النفوذ.

موقف النظام السوري يخامره الغموض ويثير موجات من الريبة  , فبالرغم من أن معظم المراقبين أشاروا إلى أن انحياز نظام الأسد إلى الجانب الروسي في ظل المخاطر والتهديدات التي  تشكلها المليشيات الإيرانية على مستقبل البلاد  إلا أن الرد الرسمي جاء لينسف كل التكهنات  حيث أعلن بشار الأسد تمسكه بالوجود العسكري الإيراني على الأراضي السورية، معتبرا أنه “أمر غير مطروح للنقاش”

عدم قناعة نظام الملالى بالانسحاب ورغبته في مواصلة الحل العسكري لتمرير أجنداته في الشرق الأوسط  يشكل لب القضية الآن  حيث أن لغة الأرقام واعترافات المسئولين فى طهران تؤكد أن إيران أنفقت نحو 25 مليار دولار على النزاع فى سوريا كما جندت مئات العملاء والخبراء العسكريين وجلبت الآف العناصر من  “فيلق القدس”  و “حزب الله” فضلاً عن مليشيات الحشد الشعبي العراقي  والفصائل الأفغانية المسلحة . ونجحت طهران كذلك فى ترسيخ وجودها فى المنطقة الشرقية والتمدد ديموغرافياً وثقافيا في دمشق لذلك فإن آلية إخراج طهران والتصدي لعملياتها الاستخباراتية ستكون أشبه بالمخاض الصعب وربما المستحيل .