خلف الواجهات البراقة تصطف الحقائق وتتساقط الأقنعة ..ربما تلخص الجملة السابقة حقيقة أهداف حزب الله ومن ورائه الملالى ..إذ طالما تغنى الحزب بشعارات المقاومة واستخدمها كقماط شرعى للاحتفاظ بسلاحه الذى تحول بموجبه إلى دولة داخل الدولة وسيطر على مفاصل لبنان .
واليوم وبعد عامين من المفاوضات بين إسرائيل ولبنان على ترسيم الحدود البحرية، أعلن الجانبان عن التوصل إلى اتفاق.وأقر حزب الله بمباركته لاتفاق الترسيم. وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله إنه لا مشكلة لديه في الاتفاق مع إسرائيل طالما يحقق مطالب لبنان، مضيفا أن ما يهمه هو استخراج النفط والغاز من الحقول اللبنانية.
إذن الحزب الذى استلهم وجوده من هالة المقاومة وشعارات طريق القدس تبدأ من عمان أو بيروت أو غيرهما أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الغطاء المقدس الذى نسجه على مدار التاريخ المعاصر لم يكن سوى ورقة في سياساته لخدمة المشروع الإيراني .
لقد دأب حزب الله على استغلال القضية الفلسطينية من أجل الحصول على الدعم لشرعية ترسانته العسكرية وجاء خطاب الحزب ليكرّس ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة”، مما أتاح له الاحتفاظ بسلاحه خارج إطار الدولة اللبنانية.على الرغم من انتهاء الحرب مع اسرائيل وانسحاب القوات السورية فى 2005 . ”
لكن شرعنة سلاح حزب الله تحت شعار “المقاومة”، قضى على الدولة اللبنانية ومؤسساتها. وصارت طهران تتحكّم بانتخابات الرئاسة وقانون الانتخاب وتشكيل الحكومة واختيار الوزراء على مقاس الحزب لخدمة الأيديولوجيا الضمنية الملائية . وبالتالي فإن نزع سلاح “حزب الله” يضرب المشروع الإقليمي الإيراني بصرف النظر عن مقاومة إسرائيل.
فضلا عن أن تعهد حزب الله بعدم استخدام سلاحه الا ضد اسرائيل عجز عن الوفاء به عندما تعاطى مع طوائف الشعب باعتبارهم مجرد قطع على رقعة شطرنج يجلس عليها لاعب واحد فقط هو نصر الله يحركها كيفما شاء باستخدام ترسانة أسلحته . ولعل ما دار فى 7 مايو عام 2008 ما يؤكد صدق تلك الفرضية وذلك عندما قام الحزب “باحتلال” غرب العاصمة بيروت بعد قيام الحكومة اللبنانية باتخاذ إجراءات ضد شبكة الاتصالات الخاصة به مهدداً خصومه بالسلاح من قوى 14 آذار و”تيار المستقبل”، في واحدة من أخطر الأحداث الميدانية عنفاً منذ انتهاء الحرب الأهلية .
إن الاستغلال الرخيص للقضية الفلسطينية من خلال تقديم المرافعات عن الحروب الطائفية العبثية التي أشعلتها إيران واصفة إياها بأنها “حماية للقدس ومقاومة إسرائيل” قد تلاشت الآن وصار السؤال الوجودي الأهم هو متى يتم نزع سلاع حزب الله ؟ لقد تبددت فزاعة المقاومة التي استخدمها الحزب ليفرض وجوده بالقوة وتعطل دوره عقب الاتفاق لآنه ببساطة يبعد احتمال اندلاع نزاع مسلح جديد بين الحزب وإسرائيل فما المبرر لاستمرار حيازته للسلاح إذن ؟
السؤال الاخر الذى يفرض ذاته بقوة على الطاولة ..لماذا دعمت الولايات المتحدة والادارة الديمقراطية بقوة هذا الملف دون غيره من ملفات الطاقة خاصة وانه يعنى تدفق المليارات من عوائد النفط إلى حزب الله فى الوقت الذى توقفت به محادثات الاتفاق النووى فضلاً عن تجدد الاحتجاجات الشعبية داخل إيران ؟.
الواقع أنه على الرغم من أن بعض التقديرات تشير إلى أن الاتفاق بمثابة صفقة سيتم بموجبها تسليم لبنان إلى حزب الله ومنحه مزيداً من أدوات القوة ..بيد أن فى كل الأحوال يخلق شرخاً بالأدبيات الأيدولوجية للنظام الملائى ستفضى لامحالة إلى إفلاسه جماهيريا .فالبراغماتية هي سيدة الموقف الإيرانى دائماً بامتياز
اضف تعليق