الرئيسية » أرشيف » المصريون يترقبون أول رئيس بعد الثورة
أرشيف

المصريون يترقبون أول رئيس بعد الثورة

أسدل الستار أمس، على أهم انتخابات رئاسية في مصر، خاصة أن إجراءها جاء بعد قيام ثورة شعبية، استتبعتها مرحلة انتقالية لا يزال المصريون يعيشون مرارة تداعياتها، فيما هددت حركة "ثورة الغضب الثانية" بموجة ثانية للثورة حال إعادة إنتاج النظام السابق، استباقاً للنتائج النهائية، والمؤشرات الأولية التي يحبس المصريون أنفاسهم لمعرفة نتائجها اليوم (الاثنين) لتسمية الرئيس الجديد للبلاد محمد مرسي أم أحمد شفيق .

وعلى مدى يومي الاقتراع أغلق باب الانتخابات مساء أمس، بعد تمديده لمدة ساعتين، إذ تم إغلاق جميع اللجان عند الساعة العاشرة مساء بالتوقيت المحلي، باستثناء اللجان الأخرى التي تصادف وجود ناخبين بها، فسمح لها بالاستمرار لحين انتهاء جميع من في اللجان من الإدلاء بأصواتهم .

وعلى الرغم من أن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية سوف تعلن النتائج النهائية بنهاية الأسبوع الجاري، يسبقها النظر بطعون المرشحين، فإنه مع مرور الساعات الأولى لصباح اليوم، يكون المصريون قد عرفوا تسمية رئيسهم، عبر المؤشرات الأولية، الذي سيتواصل لمدة أربع سنوات، بعد استمرار رئيسهم السابق حسني مبارك بموقعه لنحو ثلاثة عقود.

وجاءت الانتخابات بعد قرابة عام ونصف العام من ثورة 25 يناير، ورغم كونها تعد أول انتخابات بعد الثورة، إلا أنها جرت في ظل أجواء احتقان سياسي متزايد واستقطاب اجتماعي شديد الحدة.

وفي الوقت الذي تفاوتت فيه نسب الإقبال بين محافظات وأخرى، فإن اللحظات الأخيرة، وقبيل غلق أبواب اللجان، شهدت استقطاباً إعلامياً وسياسياً للناخبين لحثهم على التوجه لصناديق الانتخابات للإدلاء بأصواتهم، واختيار رئيسهم لأول مرة بإرادة حرة ونزيهة، حسب تأكيد مسؤولي اللجنة . غير أن عدة منظمات حقوقية رصدت أمس عدة خروقات وتجاوزات وصفتها اللجنة بالإدارية، "لم تؤثر على نزاهة العملية الانتخابية، وأن المخالفات الصريحة التي كان يمكن أن تؤثر على نزاهتها تمت إحالتها إلى النيابة العامة للتحقيق بشأنها".

وفيما سجلت عدة منظمات حقوقية ملاحظات على سير الانتخابات، قام وفد من منظمة كارتر المشرفة على الانتخابات بتفقد عدد من اللجان بالقاهرة، ومنها مدارس رابعة العدوية والخليفة، واستمعوا إلى الناخبين الذين عبروا عن سعادتهم بالإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيسهم للمرة الأولى في حياتهم، وثمن الوفد سير العملية الانتخابية.

وتواصلت على مدى يوم أمس اشتباكات متقطعة بين أنصار مرشحي جولة الإعادة محمد مرسي، المرشح عن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، ومنافسه أحمد شفيق، الذي تقدم للترشح مستقلاً، غير أن قوى الحراك الثوري تحسبه على النظام السابق، كونه قد تولى إحدى حقائبه الوزارية، خلافا لرئاسته آخر حكومات مبارك أثناء ثورة 25 يناير، فيما جابت مروحيات عسكرية سماء محافظة أسوان بصعيد البلاد لطمأنة المواطنين جراء مشاجرات وصفت بأنها لم تكن لها علاقة بسير العلمية الانتخابية، وهي المشاجرات التي شهدتها أيضا منطقتا السيدة عائشة والنزهة بالجيزة والقاهرة.

وعلى الرغم مما خلفته الاشتباكات من عشرات المصابين في محافظات مختلفة، فإن غرف العمليات للقوات المسلحة ووزارة الداخلية لم تسجلا حالات وفيات، مقابل ما سجلته العديد من اللجان الانتخابية لخروقات من جانب بعض أنصار المرشحين، ما اضطر المشرفين عليها لتحرير محاضر شرطية بشأنها.

واستبقت "ثورة الغضب الثانية" الإعلان الرسمي للنتيجة بتهديدها بموجة جديدة للثورة، حال إعادة إنتاج النظام السابق، في إشارة إلى فوز شفيق، لافتة إلى تلقيها عرضا من حملته لتنظيم اجتماع يجمع بين الحركة والمرشح للتوصل إلى حل أمثل لتحقيق أهداف الثورة . غير أن الحركة رفضت المبدأ لعدم اعترافها به كمرشح رئاسي، لافتة إلى أنها لا تملك أن تتفاوض باسم شعب مصر وباسم الثورة المصرية، "لأن الثورة ملك للجميع ممن ضحوا بدمائهم من أجلها، ولن نساوم على حقوق من استشهدوا بالتفاوض مع نظام مبارك الذي يتمثل الآن في أحمد شفيق".

وذكرت أنه على الرغم من تعرضها لتهديدات بعد رفض التفاوض معه، "فإن الحل الأمثل لتحقيق أهداف الثورة هو اندلاع ثورة جديدة في حال فوز شفيق في انتخابات الرئاسة، وكان هذا هو الرد الأخير أنه إذا كان شفيق يعتقد أننا من الممكن أن نجلس معه من أجل الوصول إلى حل أمثل من أجل الوطن، فنحن نبلغه بأننا بالفعل نملك الحل الأمثل، وهو الخروج واندلاع الثورة من جديد في كل ميادين التحرير في مصر، في حال فوزه بانتخابات الرئاسة، وأن ثورة الغضب الذي يريد أن يساومها ستكون أول من يقف في وجهه في حالة فوزه، ولن نتراجع قبل رحيله"، على حد تعبير الحركة .

وأجريت الانتخابات في أجواء سياسية ملتهبة في أكثر من اتجاه، ومنها الموجهة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمحاولة وأد المطالب الشرعية التي رفعتها الثورة، وكذا للاتهامات المتبادلة بين أنصار المرشحين، لا سيما بالتوسع في استخدام المال السياسي وانتهاك معايير الدعاية وقانون الانتخابات والتهديد باللجوء للعنف.

كما جرت الانتخابات وسط أجواء توتر سياسي بين المجلس الأعلى وأحزاب سياسية إسلامية وأخرى مدنية على وقع تشكيل الجمعية التأسيسية "الثانية" لوضع الدستور الجديد للبلاد على أساس احتكار سياسي حزبي للتشكيل وسيادة مبدأ المغالبة بدلاً من التوافق الوطني، وقرار وزير العدل بمنح أفراد المخابرات الحربية والشرطة العسكرية سلطة الضبط القضائي للمدنيين، كل ذلك قوض قانوناً مكسب انتهاء العمل بحالة الطوارئ في 31 مايو/ آيار الماضي.