طالبت أحزاب المعارضة الرئيسية في الجزائر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بإقالة رئيس الوزراء وتعيين حكومة تكنوقراط مؤقتة لضمان عدم تزوير الانتخابات البرلمانية التي ستجري هذا العام.
والجزائر هي البلد الوحيد في شمال أفريقيا الذي لم يتأثر إلى حد كبير بانتفاضات "الربيع العربي" لكن الانتخابات المقررة في مايو يمكن أن تكون عاملا مساعدا في تصعيد موجة احتجاجات مناهضة للحكومة قد تزعزع استقرار الدولة المصدرة للنفط والغاز.
وقال مصدر مطلع على مناقشات داخل النخبة الحاكمة إن قرارا اتخذ بالفعل لتعيين شخصية أكثر حيادا رئيسا جديدا للوزراء للإشراف على الانتخابات لكن لم يصدر تأكيد لذلك.
وطالبت أحزاب المعارضة الرئيسية بعزل رئيس الوزراء أحمد أويحيى قبل الانتخابات قائلة إن حكومته لا يمكن الوثوق بها للإشراف على انتخابات حرة ونزيهة.
وقال فاتح الربيعي الذي كان حزبه النهضة ضمن الأحزاب التي طالبت بتغيير الحكومة إنه إذا كان بوتفليقة جادا بشأن إجراء انتخابات حرة ونزيهة يتعين عليه قبول مطالب الأحزاب وتعيين حكومة جديدة مكلفة بمهمة واحدة هي الإشراف على الانتخابات.
وأضاف الربيعي لوكالة "رويترز" أنه إذا كانت هناك رغبة حقيقية في انتخابات حرة ونزيهة يتعين تغيير الحكومة مضيفا انهم لا يثقون فيها.
وقال الربيعي إن تزوير الانتخابات سيعني أن الحكومة ليست جادة بشأن الإصلاحات مما يجعل سيناريو حدوث "تمرد محتملا بدرجة كبيرة".
وأيد هذه الدعوة حزب العمال وهو حزب علماني معارض كما طالب حزبان إسلاميان آخران هما حزب حركة مجتمع السلم وحزب جبهة العدالة والتنمية بتعيين حكومة جديدة.
وقال مسؤول بارز في حزب حركة مجتمع السلم الذي انسحب الشهر الماضي من الائتلاف الحاكم "حث مجلس الشورى وهو أعلى هيئة سياسية بالحزب بوتفليقة على تعيين حكومة تكنوقراط للاشراف على الانتخابات البرلمانية القادمة."
ولم يرد بوتفليقة (74 عاما) علانية حتى الآن على طلب تشكيل حكومة جديدة قبل الانتخابات. وتأثير أحزاب المعارضة محدود على الرئيس.
لكن المصدر القريب من النخبة الحاكمة قال إن قرارا اتخذ لعزل أويحيى وان الشخص المرجح لخلافته هو الطيب لوح وهو قاض سابق يتولى الآن منصب وزير العمل.
ولوح عضو في حزب جبهة التحرير الوطني الذي يهيمن على المؤسسة الحاكمة في الجزائر لكن منصبه السابق كقاض يمكن أن يطمئن أحزاب المعارضة بأن الانتخابات ستكون نزيهة.
وتمد الجزائر العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك) أوروبا بنحو ربع وارداتها من الغاز وتقاتل تمردا من جانب تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.
وفي العام الماضي شهدت دول شمال أفريقيا ليبيا وتونس ومصر انتفاضات أطاحت بزعمائها بينما في المغرب تم انتخاب رئيس وزراء إسلامي للمرة الأولى استجابة لانتفاضات الربيع العربي.
ولم تتأثر الجزائر بدرجة تذكر باستثناء وقوع أحداث شغب معزولة وحركة احتجاج سرعان ما فقدت القوة الدافعة.
وأجرى بوتفليقة إصلاحات محدودة شملت رفع حالة الطواريء السارية منذ 19 عاما لكن المؤسسة التي تدير البلاد منذ الاستقلال عن فرنسا في عام 1962 احتفظت بقبضتها القوية على السلطة.
ورغم ذلك يقر مسؤولون كبار بشكل متزايد بأن الانتخابات ينبغي أن تكون أكثر شفافية ونزاهة عما كانت عليه في الماضي حتى لا تفجر موجة احتجاجات.
وفي كلمة ألقاها بوتفليقة في ديسمبر كانون الاول قال ان الانتخابات السابقة لم ترق الى مستوى المعايير الديمقراطية. وقال ان القضاء سيتولى الاشراف على الانتخابات. وكانت وزارة الداخلية تشرف على الانتخابات حتى الان.
وفي سابقة أولى أخرى دعت الحكومة الجزائرية مراقبين من الاتحاد الاوروبي لمراقبة الانتخابات.
وقال بوتفليقة في كلمته الشهر الماضي ان الانتخابات القادمة يجب ان تجري في اطار من الديمقراطية والشفافية والمنافسة الحرة بين مختلف القوى السياسية.
وتخرج الجزائر من عقدين من الحرب الاهلية التي قتل فيها 200 الف شخص وفقا لتقديرات منظمات دولية.
وتراجع العنف الى حد كبير لكن المتشددين الذين يعملون تحت لواء القاعدة مازالوا يستهدفون قوات الامن في مناطق نائية من خلال نصب أكمنة والقيام بتفجيرات انتحارية.
وسقطت الجزائر في حالة من الفوضى بعد ان الغت الحكومة المدعومة من الجيش الانتخابات التشريعية في عام 1992 كان حزب اسلامي يتجه للفوز بها.
وحتى اذا كانت انتخابات هذا العام حرة ونزيهة فانها لن تعطي السلطة لاسلاميين متشددين اذ أنهم منقسمون وتراجعت شعبيتهم بسبب العنف وهم ممنوعون من خوض غمار الحياة السياسية في الجزائر.
اضف تعليق