في إشارة على استمرار الانقسامات داخل الحزب الحاكم في الجزائر، أصدر حزب جبهة التحرير الوطني بيانا، أمس الأحد، أكد فيه تمسكه بخريطة الطريق التي أقرها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، وفي مقدمتها تنظيم ندوة وطنية لتعديل الدستور.
وأوضح البيان أن “رسالة رئيس الجمهورية كانت صريحة في أهدافها لإخراج الجزائر من هذه الأزمة”، حيث يأتي في مقدمة هذه التعهدات تنظيم ندوة وطنية جامعة، تضم كل الأطياف السياسية الممثلة للشعب الجزائري و”تكون القرارات الصادرة عنها سيدة وملزمة التنفيذ، بما يضمن تجسيد نظام جديد للجمهورية الجزائرية، يعبر فيها عن طموحات الشعب الجزائري”.
وخلص البيان إلى التذكير بأن حزب جبهة التحرير الوطني “الملتحم دائما مع الشعب كافة ومع فئة الشباب”، يؤكد مجددا “استعداده للعمل على تجسيد هذه القرارات إلى جانب كل القوى الوطنية، بما يتوافق مع تطلعات الشعب وآمال شبابه في التغيير والمساهمة في بناء جمهورية جديدة، تجسيدا لما عبر عنه الحراك الشعبي”.
وجاء هذا البيان بعد ساعات من تصريحات للمتحدث باسم الحزب، حسين خلدون، اعتبر فيها أنه “لا جدوى من تنظيم الندوة الوطنية”، ودعا بدلا من ذلك إلى إجراء انتخابات رئاسية عاجلة تتم الدعوة لها في غضون أسبوع واحد.
وتعاني المشاورات الحكومية في الجزائر تعثرا مع تحرك أحزاب المعارضة والموالاة لتقديم مبادرات بديلة، في ضوء مطالب المعارضة بهيئة رئاسية تحل محل بوتفليقة.
ودعت قوى من المعارضة الجزائرية بوتفليقة إلى التنحي، وتشكيل هيئة رئاسية للإشراف على مرحلة انتقالية لحين إجراء انتخابات.
واجتمعت أحزاب من المعارضة، السبت، لبحث آلية للخروج من الأزمة الحالية، حيث دعت إلى مرحلة انتقالية بعد تنحي بوتفليقة يجري فيها تشكيل هيئة رئاسية.
وقالت مصادر إن الهيئة يجب أن تتشكل من شخصيات وطنية تمتنع عن الترشح في الانتخابات المقبلة.
وأوضحت أنه يجب على هذه الهيئة الرئاسية أن تتمتع بصلاحيات الرئيس وتقوم بتعيين حكومة كفاءات، وإنشاء هيئة مستقلة للانتخابات، وتعديل قانون الانتخابات، على أن تنتهي هذه الإجراءات خلال 6 أشهر.
كما دعت المعارضة الجزائرية الجيش إلى الاستجابة لمطالب الشعب والمساعدة على تحقيقها.
وكان بوتفليقة (82 عاما)، قد استجاب للمظاهرات الأسبوع الماضي، وأعلن أنه لن يسعى لولاية رئاسية خامسة، لكنه لم يعلن تنحيه وقال إنه سيظل في منصبه لحين صياغة دستور جديد مما يعني تمديد فترة حكمه.
وتسببت تلك الخطوة في تصاعد الغضب الشعبي وبدأ الكثير من حلفاء بوتفليقة في التخلي عنه.
وحتى إذا أعلن بوتفليقة تنحيه عن السلطة فإنه لم يتضح إن كانت الاحتجاجات الآخذة في الاتساع تستطيع إسقاط الشبكة التي تضم قيادات الحزب الحاكم وكبار رجال الأعمال وقادة الجيش.
وقد تسعد هذه الشخصيات، برحيل بوتفليقة، لكنها ستقاوم على الأرجح أي تغييرات سياسية كبيرة مثلما حدث في الماضي.
وفيما يمثل أبرز تطور على مدى شهر من الاحتجاجات، ألقى رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح بثقل الجيش وراء المحتجين يوم الأربعاء، وقال إنهم عبروا عن “أهداف نبيلة”.
ومثلت هذه انتكاسة كبيرة لبوتفليقة الذي عزز وضعه على مدار السنين بمساعدة الجيش وكبار رجال الأعمال الذين مولوا حملاته الانتخابية.
الحزب الثاني يتمسك بأويحيى
وأكد أمناء مكاتب حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي يعتبر ثاني أحزاب السلطة بالجزائر، أمس الأحد، مساندته لزعيمه أحمد أويحيى، وذلك في ظل المعارضة التي يواجهها داخل الحزب، بحسب ما أورد مراسلنا.
وقال أمناء المكاتب في الحزب الذي يعرف أيضا بـ”الأرندي” :” نحن أمناء المكاتب الولائية للتجمع الوطني الديمقراطي، المجتمعون هذا اليوم 24 مارس 2019 بالجزائر العاصمة، الموقعون أدناه باسم إطارات ومنتخبي ومناضلي الحزب الهيكلين في هيئاته النظامية عبر كافة ولايات الوطن عن مساندتنا المطلقة لأحمد أويحيى…”.
وأضاف موقعو البيان “نُجدّد له (أويحيى) دعمنا الثابت النابع من قناعتنا بإخلاصه ووفائه للوطن في مختلف مناصب المسؤولية التي تقلدها على مستوى مؤسسات الدولة وكذا بنجاحه في تعزيز مكانة التجمع الوطني الديمقراطي عبر مختلف المحطات الانتخابية بفضل حنكته وتبصره”.
واعتبر أمناء المكاتب، أن مساهمة أويحيى في تنظيم صفوف التجمع الوطني الديمقراطي، وتقديمها لبرامج انتخابية موضوعية خلال كل استحقاق انتخابي بشكل مكن من تحقيق نتائج إيجابية، تستدعي منهم مواصلة المسيرة تحت قيادته كأمين عام للتجمع الوطني الديمقراطي.
هجوم كاسح داخل الحزب
ويواجه أويحيى، منذ اشتعال الحراك الشعبي في 22 فبراير هجوما كاسحا على المستويين الشعبي وحتى التنظيمي في حزبه التجمع الوطني الديمقراطي، لدعوته إلى الرحيل باعتباره أحد رموز النظام السياسي في الجزائر.
وكانت أحدث خطوات التحرك ضد أويحيى في الحزب، السبت، في ولاية باتنة شرقي الجزائر، حيث قاموا بغلق المقر الولائي للحزب، مطالبين بإقالة أويحيى.
وحاول أويحيى، استعطاف الجزائريين عن طريق مطالبته السلطة بالاستجابة الفورية لمطالب المتظاهرين، غير أن ذلك لم يشفع له حيث رفع المحتجون في خامس جمعة من حراكهم الشعبي، عدة شعارات تدعو إلى الرحيل الفوري لأويحيى.
ويرى مراقبون أن هناك جناح في النظام يدفع نحو “شيطنة” أويحيى، وإظهار أنه من يمثل النظام في الجزائر، وذلك ضمن خطة لامتصاص غضب الشارع وفي إطار معركة ربح الوقت، في ظل اتساع رقعة الاحتجاجات الداعية إلى رحيل كافة النظام وليس أويحيى فقط.
خروج أويحيى من الحكومة
وشغل أويحيى (67 عاما) منصب رئيس الوزراء في الجزائر 4 مرات آخرها منذ 2017، وأقاله الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة، في وقت سابق من مارس الجاري، في إطار مجموعة قرارات أعلنها في خضم الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ فبراير الماضي ضد ترشحه لولاية خامسة.
وتتوصل الاحتجاجات في الجزائر، حتى بعد قرارات بوتفليقة، ويطالب المحتجون بعدم التمديد لولاية بوتفليقة الرابعة.
وكان أحمد أويحيى دعا بعيد إقالته إلى الاستجابة لمطالب المحتجين في الجزائر في “أقرب الآجال” لتجنيب البلاد أي انزلاق”.
اضف تعليق