الرئيسية » تقارير ودراسات » بعد فشل القمة الثلاثية ..هل تشتعل مواجهة عسكرية بين روسيا وتركيا ؟
تقارير ودراسات رئيسى

بعد فشل القمة الثلاثية ..هل تشتعل مواجهة عسكرية بين روسيا وتركيا ؟

القمة الثلاثية في طهران، والتي جمعت زعماء كلّ من روسيا وتركيا وإيران عقدت باجتماع دول ثلاث تتباين أجنداتهم ومصالحهم السياسية فيما يتعلق بسوريا، ولم يتفق الزعماء الثلاثة على آلية محددة وبدا واضحاً من خلال جميع المؤشرات فشل أركان الاجتماع في تخطى خلافاتهم  بل وتنذر بإمكانية اندلاع مواجهة عسكرية بين أنقرة وموسكو.

مراهنة البعض لم تكن  في محلها فيما يتعلق بأن الرئيس التركي سيوافق على مضض أو ربما يرفض بشكل غير معلن البدء بتنفيذ عملية تحرير إدلب من الجماعات المسلحة في محاولة لتجنب الغضب الروسي والذي لا يرغب في خسارة تحالفه معها بالوقت الراهن نظراً للضغوط التي يتعرض لها من قبل واشنطن والتي انعكست على الاقتصاد وأفضت إلى انهيار الليرة خاصة وأنه استبق الاجتماع الثلاثي  بتصنيف جبهة النصرة كمنظمة إرهابية  لكن  اعتراض الرئيس التركي على بعض بنود إعلان طهران خلال اجتماع القمة، كشف بما لا يدعو للشك أن أردوغان  يحاول كسب المزيد من الوقت وتثبيت الوضع على ما هو عليه لأطول فترة ممكنة حتى لو لم يكن لدية خطة واضحة وطويلة  المدى بشأن الشمال السوري , ويبدو أن التفاوض على إدلب لم يكن أمرًا مطروحًا بالنسبة لأردوغان، إذ يعتبر السيطرة على هذه المدينة السورية جزءًا من تأمين وجوده على رأس السلطة، و من هيبته السياسية داخل تركيا التى دفعت ثمن الحرب اقتصاديًا، وكذلك يعتبرها سبيلاً للقضاء على الأكراد.وقد شهدت القمة جدلاً  بين الرئيسين الروسي والتركي حول صياغة البيان الختامي. و طالب أردوغان بـ”وقف لإطلاق النار” محذرا من “حمام دم” في حال شنّ هجوم على المحافظة الواقعة على حدوده. إلا أن بوتين رفض الاقتراح مشددا على “عدم وجود ممثلين عن مجموعات مسلحة على الطاولة” مخولين للتفاوض حول الهدنة، في موقف أيده روحاني و في إشارة إلى انتقاد لاذع وجهه أردوغان إلى اتفاقات خفض التصعيد في أستانة بقوله “غالبية الاتفاقات في مناطق خفض التصعيد لم يتم الالتزام بها”.

الترجمة الصريحة للموقف الروسي بدأت  بالتزامن مع القمة حيث نفّذت موسكو غارة جوية على المناطق التابعة لهيئة تحرير الشام في مدينة إدلب السورية، وتلا ذلك قصف نظام الأسد للمنطقة أيضاً، وبناء على ذلك صدرت إشاعات تشير إلى أن هذه العمليات قد تجلب معها عملية عسكرية بريّة في الفترة المقبلة. وفي تصعيد يأتي غداة القمة  تعرضت المحافظة  السبت لغارات جوية روسية هي “الأعنف” منذ تهديد دمشق مع حليفتها موسكو بشن هجوم وشيك. ونفذت طائراتها قرابة ستين ضربة في أقل من ثلاث ساعات على بلدات وقرى في ريفي إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي تزامنا مع قصف مدفعي وجوي بالبراميل المتفجرة لقوات النظام على المنطقة. وبالوقت ذاته رفعت الفصائل العسكرية  جاهزيتها للحدود القصوى  على خطوط الجبهات، وعزز الجيش التركي نقاط مراقبته الـ 12 .

روسيا ومن خلال تصعيد قصفها على إدلب غداة القمة تذكر تركيا بأن عليها أن تبقى في دائرة الرضا الروسية اذا أرادت تجنب كارثة مؤلمة في شمال غرب سوريا ,في تحد واضح لإشارات أردوغان  خلال القمة والتي ذهب بها إلى أبعد من ربط إدلب بالأمن القومي التركي، حيث قال إن  التفاهم حول إدلب “سيحدد معالم تعاوننا في سوريا”، في تلميح منه بأن عدم الاتفاق قد ينهى التعاون القائم بين أنقرة وموسكو والذي بدأ  أواخر عام 2015 عقب إسقاط الطائرة الروسية وهى الحادثة التى كانت سبباً  في انجراف تركيا نحو روسيا بعيداُ عن الولايات المتحدة التي بدأت تُظهر للأولى مؤشرات عن رغبتها بالتعاون معها في سوريا، وذلك تحديداً عبر تعيين جيمس جيفري كمبعوث عن الخارجية الأمريكية إلى سوريا، والذي يرى أن الخلافات بين تركيا وبلده قابلة للمساومة، فضلاً عن مواقفه الإيجابية بالنسبة لتركيا فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية و منبج ووحدات حماية الشعب

ولعل هذا ما جعل بعض المراقبين يرجحون أنه حال عدم توصل تركيا وروسيا لاتفاق وإن لم تسحب تركيا قواتها من مدينة إدلب، فقد تشهد المنطقة عمليات عسكرية كبيرة تؤدي إلى نهاية العلاقات الروسية التركية. ففى خطوة ربما تحمل رسائل إلى موسكو ودمشق بعدم تخلى أنقرة عن مصالحها فى الشمال السورى، حتى لو أدى ذلك إلى حرب دولية.كشفت تقارير ومصادر ميدانية، عن تحركات عسكرية تركية على الحدود السورية قرب إدلب فجر اليوم، لافتةً إلى أن رتلاً عسكرياً تركياً محملاً بدبابات وعربات مصفحة وراجمات صواريخ وذخائر، دخل الأراضى السورية من معبر كفر لوسين، باتجاه إدلب، لدعم وتعزيز القواعد التركية المنتشرة هناك.وأشارت المصادر إلى أن الجيش التركى نقل مئات الجنود والضباط عبر مروحيات عسكرية تركية إلى نقطة عسكرية مقابل مطار هاتاى، استعداداً لنقلهم إلى الحدود السورية.

إذ أن اللهجة التركية الحادة استندت إلى حاجة كل من طهرن وموسكو لأنقرة لاسيما وأن الأولى تشهد من اضطرابات اقتصادية وسياسية فضلا عن العزلة التي تعانى منها الثانية على الصعيد الأوروبي لذلك تدرك تركيا أن معادلة التوازن السورية بين الولايات المتحدة وروسيا وتركيا باتت  أكثر وضوحاً، وأن أى تقارب تركي مع الولايات المتحدة (باعتباره مُرجّحاً أكثر من أي تقارب روسي – أمريكي بأضعاف) سيؤدي إلى حشر الروس في الزاوية، وعزز من هذه الفكرة تصريح مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون بأن روسيا “عالقة” في سوريا

 

روحاني الذي يواجه في الداخل تحديات خطيرة أوشكت على الإطاحة به , اتخذ موقفاً محايداً من التراشق الروسي التركي  وشدد بشكل لافت على نقطتين حاول من خلالهما استرضاء منافسيه من الحرس الثوري,  الأولى تمثلت في الحصول على إجماع برفض التدخل الخارجي غير الشرعي في شؤون سوريا متحدثاً باستفاضة عن الدور الأميركي الإسرائيلي حيث قال  ” اتفقنا في قمة طهران على أن التدخل الأمريكي الإسرائيلي في سوريا يعقد الأمور هناك” متعمداً الإعلان عن أن وجهتهم التالية بعد إدلب هي شرق الفرات، وعلى القوات الأمريكية أن ترحل.  فى حين ركز تلميحه الثاني على تفاهم الدول الثلاث فيما يختص بالأزمة السورية من الممكن أن يفتح الباب لحل أزمات أخرى عالقة بالمنطقة في إشارة ضمنية  للعراق واليمن .

المساعي التركية لتحييد إيران عن الحرب المتوقعة فى إدلب والتي سبقت القمة الثلاثية حاولت من خلالها أنقرة استغلال حالة الثقة المفقودة حالياً في التحالف الروسي الإيراني  ولعل ما يعزز هذا التكهن أن طهران لم يعد لديها أولويات أو مصالح استراتيجية في إدلب . ولا شك أن التزام إيران سياسة الحياد يعنى تعقيد حسابات موسكو على الصعيدين السياسي والعسكري لاسيما وان التعويل فى الهجوم البرى لا يمكن أن يقتصر على الفيلق الخامس والفرقة الرابعة.

إخفاق قادة القمة الثلاثية في التوصل إلى اتفاق بشأن إدلب وضع جميع التكهنات حول مصير المدينة على الطاولة والتي قد يعد عدم حدوث معركة لحين التوصل لاتفاق أفضلها وأبعدها عن التحقق  ليظل احتمال شن هجوم عسكري هو الأقرب مما سيضع تصريحات الرئيس التركي قيد اختبار لمدى جديتها والتي من المفترض ألا تقبل بسياسية الأمر الواقع ,وفقا لحديثه, وبالتالي فإنها ستدعم العمليات الدفاعية لفصائل المعارضة وكذلك قد تتوسع العمليات الدفاعية لتشمل عمليات وقائية تساهم في كسر خطوط الدفاع الأولى لدى مناطق سيطرة النظام.مما يعنى إمكانية نشوب حرب بين روسيا وتركيا في إدلب .