الرئيسية » أحداث اليوم » #بوتفليقة يطيح بأكبر مَسؤُولَيْن في أهم وزارتين بـ #الجزائر
أحداث اليوم رئيسى عربى

#بوتفليقة يطيح بأكبر مَسؤُولَيْن في أهم وزارتين بـ #الجزائر

بوتفليقة
بوتفليقة

أجرى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة أمس السبت تعديلا جزئيا في حكومة عبدالمالك سلال، أطاح بعدد من الوزراء أهمهم وزيرا الطاقة صالح خبري والمالية عبدالرحمان بن خالفة، وذلك وفقا لما أفاد به بيان صادر عن مؤسسة رئاسة الدولة.

ويأتي هذان التغييران في وزارتين تمثلان رافعتين للاقتصاد الجزائري بالتوازي مع اعتراف رؤوس السلطة الحاكمة في الجزائر باستفحال الأزمة المالية، الأمر الذي يفهم منه محاولة لتحميل الرجلين مسؤولية الأزمة في البلاد وإبعاد شبهة التروط فيها عن باقي أركان النظام المتهالك والذي يواجه معارضة سياسية واجتماعية شرسة لا تتواني عن تكرار دعوتها لرحيل الرئيس بوتفليقة نفسه عن موقعه باعتبار المسؤول الأول إضافة لبطانته التي تهيء في صمت لخلافته، عن الوضع الكارثي الذي آل إليه الوضع الاقتصادي في البلاد وليس بعض الوزراء “الشكليين” في الطاقة أو المالية أو حتى ذلك التغيير المضحك على رأس إدارة بنك الجزائر المركزي الذي تم قبل ايام.

وكان بوتفليقة قد عزل محافظ البنك السابق محمد لكصاسي وعين خلفه محمد لوكال.

وقالت وكالة الانباء الجزائرية إن التعديل الحكومي الجزئي ميزته التغييرات التي طرأت على رأس أهم وزارتين في البلاد وهما وزارة الطاقة والمالية.

وبموجب التغيير تم تعيين نورالدين بوطرفة الذي كان يشغل منصب الرئيس المدير العام لمجمع سونلغاز على رأس وزارة الطاقة خلفا للوزير السابق صالح خبري الذي غادر الحكومة.

وفي وزارة المالية عين حاجي بابا عمي الوزير المنتدب السابق المكلف بالميزانية والاستشراف وزيرا للقطاع خلفا لعبدالرحمان بن خالفة الذي يغادر هو الآخر حكومة سلال.

ويقول مراقبون إن أزمة الجزائر المالية والاقتصادية لن تحلّ باستبدال أشخاص بأشخاص لأن سببها الحقيقي هو نظام سياسي مهترئ لم يواكب التغيرات العالمية النقدية والسياسية واكتفى بالمراهنة المفرطة على ايرادات الطاقة.

ويرى المراقبون أن تشخيص السلطة الجزائرية للأزمة الاقتصادية مثير للسخرية اذ كيف تختزل كل مشاكل اقتصادها المتعثر والتراجع الحاد في ايرادات النفط وارتفاع عجز الميزان التجاري وهي الى جانب التوترات السياسية من مسببات الأزمة، في بعض الاشخاص المقدور عليهم من بعض الوزراء وكبار المسؤولين كشخص محافظ البنك المركزي مثلا.

ويأتي التعديل في ظل أزمة مالية صعبة اعترف بها الجميع في الجزائر بما في ذلك كبار المسؤولين الذين لم يعد بإمكانهم إخفاء حجم هذه الأزمة التي قد تهددهم في واحد من اهم اسلحتهم التي استخدموها طيلة السنوات الخمسة الماضية لشراء السلم الاجتماعية الهشة تفاديا للحاق بركب الدول التي ضربها زلزال ما كان يعرف بالربيع العربي الذي انطلقت شرارته الأولى في يناير/كانون الثاني 2011 من الجارة تونس.

لا للسير عكس التيار

ويقول مراقبون إن وزير المالية عبدالرحمن بن خالفة ربما يكون ضحية لتصريحاته الأخيرة حيث أعطى صورة قاتمة عن الوضع الاقتصادي في بلاده، حاثّا الجزائريين على الاستعداد لـ”أكثر من عام آخر عصيب في ظل مؤشرات اقتصادية سلبية جدّا”.

واشار بن خالفة الى أنه في حال لم تتجاوز الدولة هذه المرحلة التي رجح أن تمتد حتى العام 2018، سيكون الوضع عصيبا بالفعل.

ويقول محللون إن بن خالفة قد تجاوز الخط الأحمر في توصيف الوضع الاقتصادي الحقيقي لبلاده وهي حقائق من شأنها أن تؤجج مشاعر السخط لدى عموم المواطنين وتعيد النظام الى دائرة المربع الأول في الصراع مع عموم المجتمع الذي صمت في ذروة الربيع العربي عن مسايرة ما حصل في تونس وليبيا بعد أن قدمت له السلطات وعودا بإنجاز مشاريع انشائية كبرى لتحسين ظروف حياته، كما قدمت له اغراءات مالية كبرى، من زيادات في الأجور ودعم في المواد الاستهلاكية، وكان ذلك في ذروة ارتفاع اسعار النفط في الأسواق العالمية.

واليوم وأمام تراجع عائدات الطاقة، تقف السلطات الجزائرية عاجزة عن الاستمرار بالاستجابة لوعودها المالية الضخمة التي تزيد من أعباء الاقتصاد الجزائري.

وكانت السلطات الجزائرية تأمل في الاكتفاء بإعطاء فكرة عامة عن الوضع الاقتصادي دون التوغل في قراءة الوضع ومصارحة الشعب بالحقيقة كاملة غير ان بن خالفة خالف هذا التمشي وحثّ على ما اسماه بـ”تحفيز القلق الايجابي من أجل قفزة نوعية وصحوة اقتصادية تشمل اساسا الضرائب وجلب الاستثمارات الأجنبية بعيدا عن الاقتراض الخارجي”.

وتأتي تصريحات بن خالفة ايضا على عكس التطمينات التي حاول رئيس الحكومة الجزائرية عبدالمالك سلال الترويج لها في أكثر من مناسبة قبل ان يتنازل عنها لاحقا معترفا بالأزمة وراسما صورة قاتمة للاقتصاد الجزائري.

وقال رئيس الوزراء الجزائري صراحة خلال اجتماع للحكومة مع المركزية النقابية ومنظمات ارباب العمل “أقولها دون ديماغوجية، الوضع صعب والعوائق حقيقية والغد غامض إلا أن الجزائر تقاوم جيدا”.

وبعد أن اشار سلال الى أن احتياطات الجزائر من العملة تراجعت من 143 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول 2015 الى 106 مليارات دولار في الاشهر الأولى من 2016، أوردت وكالة الأنباء الجزائرية تصحيحا لأرقامه التي وصفت بالمفزعة.

وذكرت الوكالة أن الاحتياطات النقدية تراجعت بنحو 6 مليارات دولار فقط لتستقر عند 136 مليار دولار وليس كما أعلن رئيس الحكومة 106 مليارات دولار.

ورغم هذا التصحيح فإن كل المؤشرات تؤكد أن الجزائر التي راكمت احتياطات مالية ضخمة في سنوات طفرة أسعار النفط بدأت بالفعل في استنزاف تلك الاحتياطات.

وقدّر عجز الميزان التجاري في 2015 بنحو 13.7 مليار دولار، بسبب تراجع الايرادات النفطية بنحو 40 بالمئة لتبلغ 37.7 مليار دولار بينما بلغ حجم الواردات 51.5 مليار دولار، بحسب بيانات رسمية.

واشار سلال الى أن دولا غنية لجأت الى مضاعفة اسعار الوقود والكهرباء والماء وتقليص الدعم الاجتماعي وإحالة الموظفين إلى البطالة التقنية بسبب تدهور اسعار النفط.

وتبدو هذه المقارنة بين تلك الدول والجزائر محاولة لتهيئة الجزائريين لإجراءات تقشف قد تتخذها الجزائر لمواجهة الأزمة المالية.

وتعتمد الجزائر بشكل مفرط على ايرادات الطاقة ما جعلها من بين الدول النفطية الاكثر تأثر بالأزمة الناجمة عن انهيار أسعار النفط منذ يونيو/حزيران 2014.

واضطرت للسحب من احتياطاتها النقدية لمواجهة العجز في الموازنة، بينما يضغط تراجع أسعار النفط بشدّة على ماليتها العامة.

وكانت احتياطاتها المالية في العام 2013 في حدود 194 مليار دولار وارتفعت في 2014 الى 195 مليار دولار قبل أن تنخفض في نهاية 2015 الى نحو 179 مليار دولار لتستقر في الربع الأول من 2016 عند 143 مليار دولار لتنخفض مجددا الى 136 مليار دولار في الربع الثاني من العام الحالي، في انخفاض يعكس منحى تنازلي استنزافي لتلك الاحتياطات بفعل الصدمة النفطية وفي ظل غياب موارد بديلة للنفط تغطي جزء من تراجع الايرادات.

وفي مؤشرات تعكس تردي الوضع الاجتماعي في الجزائر، قالت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيان نشرته صحيفة محلية أمس السبت إن “أكثر من 10 ملايين جزائري (من اجمالي حوالي 40 مليون) يعيشون في فقر مدقع ويُحرمون من حقوق الإنسان الأساسية”، حيث يوجد ما يقرب من 1.7 مليون عائلة معوزة وفق احصائية 2014.

وتشهد الجزائر الغنية بالنفط والغاز ارتفاعا ملحوظا في معدلات الفقر والبطالة والفساد وهي عوامل يقول الخبراء انها من أهم مسببات الانفجار الاجتماعي.

لكن السلطة الجزائرية التي اتخذت اجراءات تقشف تعتبر مخففة مقارنة بدول أخرى، ترى أن كل التقارير التي تتحدث عن انهيار مالي وشيك وتوترات اجتماعية، مبالغ فيها لتخويف الناس ودفعهم للنزول للشارع.

ويبدو انتعاش اسعار النفط المورد المالي الوحيد للجزائر الأمل الوحيد لاستعاد الاقتصاد الجزائري توازنه، لكن المعارضة ترى ايضا أن رحيل النظام الحالي يمكن أيضا أن تساعد على عودة الاستقرار المالي.

تضحية بـ”عميد الوزراء” الوفي
وشمل التعديل الحكومي الجديد عدد قليل من الوزارات الأخرى غير المؤثرة اقتصاديا وماليا، إذ يبدو أن التغيير فيها كان للإيحاء بأن التجديد الوازري لا يستهدف أشخاصا بعينهم.

في هذا التعديل الحكومي، غادر وزير السياحة عمار غول منصبه بعد أن عمر في الحكومة لنحو 17 عاما، وأضحى بمثابة “عميد للوزراء”.

وأعلن بيان للرئاسة الجزائرية أن عمار غول الذي دخل الحكومة في العام 1999، وتنقل فيها بين عدة وزارات لم يعد وزيرا.

وشغل غول منصب وزير الثروة السمكية 1999-2002، ومنصب وزير الأشغال العمومية منذ عام 2002 إلى 2013. ثم في سبتمبر/أيلول 2013، عين وزيرا للنقل.

وفي مايو/أيار 2015 عين وزيرا للسياحة والصناعات التقليديه، وهو المنصب الذي استمر فيه لمدة عام قبل أن يغادر الحكومة في التعديل الوزاري أمس السبت.

ويعد غول أكثر الوزراء الحاليين تعميرا في الحكومة والتي دخلها قبل 17 سنة من اليوم، وصمد داخلها رغم مغادرة خمس رؤساء حكومات لمناصبهم بشكل جعل منه “عميد” وزراء الرئيس بوتفليقة.

ويُوصف غول بأنه كان أحد المقربين من محيط بوتفليقة، ولم يتوان في الثناء على الرئيس الجزائري، وإعلان الولاء له في كل المناسبات.

كما تمكن هذا الوزير السابق من الصمود أمام عاصفة فساد قوية ضربت قطاع الأشغال العامة الذي سيره لمدة 10 سنوات؛ عندما كشفت تحقيقات أجرتها فرق أمنية من جهاز المخابرات متخصصة في الجرائم الاقتصادية عمليات مشبوهة في منح صفقات خاصة بمشروع الطريق السيار، حسب وسائل الإعلام المحلية.

ويوصف “مشروع الطريق السيار” الممتد من الحدود التونسية شرقا إلى الحدود المغربية غربا على مسافة أكثر من 1200 كلم بأنه مشروع القرن في الجزائر.

وحوكم في القضية عدد من كوادر وزارة الأشغال العامة في هذه الاتهامات وحكم عليهم بالسجن العام 2015 لكن الوزير غول الذي ظل يؤكد براءته في هذا الملف كان هدفا لانتقادات منظمات حقوقية وأحزاب معارضة قالت إنه المسؤول الأول عن الـ”فضيحة”، ويتحمل مسؤوليتها سياسيا على الأقل.

وشمل التغيير وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري التي تسلمها عبد السلام شلغوم ووزارة الموارد المائية والبيئة التي عهد بها إلى عبد القادر والي، وتسلم الطاهر حجار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومحمد مباركي وزارة التكوين والتعليم المهنيين.

وتم في هذا التعديل الوزاري استحداث منصب وزير منتدب مكلف بالاقتصاد الرقمي وعصرنة الأنظمة المالية أوكل إلى السيد بوضياف معتصم.