انتكس التيار الإسلامي في الجزائر مرة أخرى في الاستحقاقات المحلية التي شهدتها البلاد في 29 نوفمبر حسب ما أظهرته الأرقام الرسمية الصادرة عن الداخلية الجمعة.
وتراجع ممثلو التيار الإسلامي ممن قبلوا المشاركة في المحليات وهم "تكتل الجزائر الخضراء" الذي يضم ثلاثة أحزاب إسلامية هي "حركة مجتمع السلم" و "حركة النهضة" و "حركة الإصلاح الوطني" كما لم يحدث لهم من قبل ولم يتمكنوا من تحقيق النتائج المرضية التي حققها نظراؤهم في دول الجوار وهم الذين ظلوا يتحدثون في تصريحات أعقبت أحداث الربيع العربي من أنهم سيحققون انتصارات تفوق تلك التي حققها التيار الإسلامي في تونس ومصر والمغرب وبدرجة أقل في ليبيا.
هذه التصريحات فتحت عليهم جبهات الخصوم وجعلت وزيرة الثقافة خيلدة تومي تتوعد من تحت قبة البرلمان في حديث هامشي أنها "ستناضل من أجل منع التيار الإسلامي من الوصول إلى السلطة" وتدفع بزعيمة "حزب العمال" اليساري لويزة حنون لأن تطالب الإدارة ب "حماية البلاد من خطر السلفيين وتطهير القوائم الانتخابية منهم".
ولم تحصل أحزاب "تكتل الجزائر الخضراء" مجتمعة إلا على 30 بلدية من بينها 5 بلديات تحصل فيها التكتل على الأغلبية المطلقة مقابل 291 بلدية تحصل فيها حزبا السلطة على الغالبية المطلقة (جبهة التحرير 159 بلدية) و(التجمع الوطني الديمقراطي 132 بلدية).
وانتكس التكتل الذي يضم واحد من أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر من حيث التمثيل البرلماني وهو حركة مجتمع السلم (الإخوان) بزعامة أبو جرة سلطاني، حتى أمام الأحرار الذين صنعوا مفاجأة محليات 2012 بحصولهم على الأغلبية المطلقة في 17 بلدية متفوقين على الحزب التاريخي المعارض جبهة القوى الاشتراكية الذي يتزعمه حسين آيت أحمد الذي لم يفلح في الحصول على الغالبية المطلقة سوى في11 بلدية جلّها تتبع منطقة القبائل البربرية معقل الحزب الرئيسي.
وتضاف انتكاسة الإسلاميين في محليات 2012 إلى تلك التي سجلوها في تشريعيات 10 مايو الماضي حيث لم يظفر التيار الإسلامي بأحزابه الخمسة مجتمعة بأكثر من 60 مقعدا في برلمان يتسع ل 462 مقعد. وصدم الحزب الإسلامي الأكبر "حركة مجتمع السلم" مناضليه بفشله في السيطرة على مجالس محلية في ولاية مثل " البليدة (80 كلم غرب العاصمة) التي تعد عقر دار الحركة تاريخيا وأهم معاقلها الدعوية حيث لم تفلح الأخيرة في الحصول سوى على 6 مقاعد من بين 475 مقعدا حصل فيها الحزب العتيد جبهة التحرير على الغالبية في 15 بلدية.
ومن شأن الخسارة التي مني بها التيار الإسلامي ممثلا في "تكتل الجزائر الخضراء" أن ينعكس إيجابا على أحزاب إسلامية أخرى قاطعت المحليات تشكلت حديثا لكن زعماءها ممن انشقوا على الأحزاب الأم أو تعرضوا لحركة تقويمية مثلما هو الشأن بالنسبة للشيخ عبدالله جاب الله زعيم "حزب العدالة والتنمية" أو عبدالمجيد مناصرة ، المنشق عن "حمس" زعيم جبهة التغيير ، وهذان الحزبان رفضا سلفا المشاركة في الاستحقاق بدعوى سيطرة الإدارة على مجريات العملية الانتخابية، ومن شأنهما الاستفادة من انتكاسة من انخرطوا في العملية الانتخابية على الرغم من اتهامهم السلطة في كل استحقاق بالتزوير.
وكان "تكتل الجزائر الخضراء" فشل قبل هذه النتائج في استقطاب بقية ممثلي التيار الإسلامي إلى صفوفه حيث لم تنجح مبادرة التكتل الإسلامي التي أطلقها التكتل في شهر يناير الماضي على خلفية انهزامه في تشريعيات مايو في إقناع الطيف الإسلامي إلى خوض غمار المحليات ببرنامج واحد وصوت واحد ما يعكس عقدة الزعامة وموروث الحسابات الشخصية والخصومات التي ما تزال تجهض كل محاولات الشراكة بين ممثلي التيار الإسلامي في الجزائر وهو ما يبرز في ردود أفعال كل من الشيخين عبدالله جاب الله وعبدالمجيد مناصرة اللذين رفضا الانضمام إلى التكتل.
اضف تعليق