أرغم سلاح الجو التركي طائرة مدنية سورية على الهبوط أمس، في أنقرة "للاشتباه في أنها محملة بالأسلحة".
وأكد مسؤول في وزارة الخارجية التركية أن السلطات تلقت معلومات استخباراتية تفيد بوجود أسلحة في مخزن الحقائب داخل الطائرة السورية، التي كانت قادمة من موسكو في طريقها إلى دمشق، (لذا أرسلت أربع طائرات حربية من نوع "إف – 4" تابعة لسلاح الجو التركي، واكبت الطائرة السورية التي كانت تقل 35 راكبا، واجبرتها على الهبوط في مطار اسينبوغا في أنقرة لتفتيشها).
أنقرة تتوعَّد دمشق
وكانت أنقرة توعَّدت دمشق بـ"رد أشد" إذا استمر القصف السوري عبر الحدود المشتركة بينهما. وأكدت في الوقت نفسه أن لا نية لديها للتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا. وبعد إعلان حلف شمال الأطلسي (الناتو) أن خططه جاهزة للدفاع عن تركيا وحمايتها (إذا ما اقتضى الأمر)، واصلت الخارجية التركية حراكها السياسي على الصعيدين الإقليمي والدولي للتشاور حول الهجمات السورية، في حين أعلنت موسكو أن على الطرفين انشاء خط اتصال مباشر، مبدية في الوقت نفسه استعدادها لعقد اجتماع مجموعة العمل حول سوريا في أي وقت.
ففي اليوم الثاني من جولته على الحدود مع سوريا وتفقده قواته المنتشرة هناك، هدد رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية، الجنرال نجدت اوزل، سوريا بـ"رد أقوى" إذا ما استمرت في إطلاق النار على المناطق الحدودية التركية.
وقال الجنرال اوزل أثناء زيارته قرية أكجاكالي: "رددنا على القصف من الجانب السوري.. وإذا ما استمروا، فسنرد بشكل أقوى وأشد"، مؤكدا أن الجانب السوري "تكبَّد خسائر مهمة"، جراء الرد التركي، وفق تعبيره.
أخطاء الأسد
من جانبه، وعقب إعلانه أن أنقرة "لن ترضخ للتعديات السورية.. ومستعدة لكل الاحتمالات"، أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أنه لا نية لدى بلاده للتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، مشدداً على أن تركيا لم تفتعل الأزمة السورية "وإنما جاءت نتيجة أخطاء وإصرار نظام الرئيس السوري بشار الأسد على عدم تلبية مطالب شعبه بالديموقراطية والإصلاحات".
وأضاف أردوغان – في كلمة ألقاها في اجتماع وزراء هيئة التعاون والاقتصاد والتجارة، لدول منظمة التعاون الإسلامي – "إن ما يحدث في سوريا يؤثر في تركيا، ولكن ليست لدينا أي نية للتدخل في شؤون سوريا.. موقفنا ثابت ولن يتغير، وذلك لأسباب أخلاقية وحقوقية.. الأحداث الجارية في سوريا تدمي قلب الإنسانية.. نظام الأسد سوّى المدن والقرى والمباني التي تعتبر درر الحضارة الإسلامية، بالأرض.. وهناك أكثر من ربع مليون سوري نزحوا الى دول الجوار وأكثر من 32 ألف قتلوا"، محملا هذا النظام مسؤولية الأزمة الدامية "بسبب أخطائه وإصراره على عدم تلبية مطالب شعبه.. ولأنه لم يصغ إلى تحذيراتنا ولم يف بوعوده، ونحن بدورنا لم نتمكن من أن ندير ظهرنا للعنف والضغط والوحشية"، وفق تعبيره.
حِراك سياسي دولي
في الأثناء، أجرى وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو اتصالين هاتفيين بكل من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ونظيره الصيني يانغ جيه تشي، بحث معهما التطورات بعد القصف السوري على الأراضي التركية.
وأعربت كلينتون عن قلق بلادها من التصعيد على الحدود التركية السورية، وأكدت دعم واشنطن للخطوات التي تم اتخاذها في إطار "الناتو" وللخطوات التي يمكن اتخاذها في المستقبل.
بدوره، قال الوزير الصيني إن بلاده تتفهم القلق التركي حيال أمن أراضيها وسيادتها، وتتابع عن كثب وبقلق التطورات، مناشداً نظيره التركي بضرورة بقاء قنوات الاتصال مفتوحة بينهم للتشاور.
خط اتصال مباشر
إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه يتوجب على سوريا وتركيا إيجاد حوار مباشر لتسوية الوضع المتوتر بينهما على الحدود.
وأوضح لافروف، في حديث للصحافيين أن الجانب السوري مهتم باعادة الاتصال مع تركيا، معربا عن أمله في أن تكون أنقرة أيضا مستعدة للتواصل مع دمشق.
وفي شأن متصل، أشار وزير الخارجية الى أن موسكو مستعدة لعقد اجتماع مجموعة العمل حول سوريا في أي وقت، "لكن يجب التحضير لمثل هذا اللقاء بداية الأمر". وقال "نحن جاهزون.. والأهم من ذلك أن يتعهد أعضاء هذه المجموعة بالتأثير في طرفي النزاع، لكن شركاءنا لم يكونوا جاهزين لذلك".
كما أوضح لافروف أن المبعوث الدولي الخاص الأخضر الإبراهيمي سيصيغ عقب زيارته المرتقبة الى دمشق افكارا لتسوية النزاع في البلاد، "تستند، كما قال لي في نيويورك، على النقاط الرئيسية لاعلان جنيف.. وهذا شيء صحيح بالمطلق".
اضف تعليق