رفض البلدان والمؤسسات المالية الكبرى للاعتراف بأن أفغانستان جزء من آسيا الوسطى، يعود إلى قرن ونصف، مما يعيق تنمية أفغانستان كبلد طبيعي، و يساعد على عزل بلدان آسيا الوسطى الأخرى عن سوق رئيسية قريبة في شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا، ويدفع بلدان آسيا الوسطى الأخرى إلى علاقة أحادية مع روسيا، لقد حان الوقت لتصحيح هذا الخطأ الذي طال أمده.
ويعود هذا الرأي إلى غزو روسيا القيصرية لجميع آسيا الوسطى – ولكن ليس أفغانستان – في ستينيات القرن التاسع عشر، لقد كانت اهداف روسيا واضحة: استباق بريطانيا من الاستيلاء على آسيا الوسطى شمال نهر أمو داريا والسيطرة على منطقة منتجة للقطن الشاسعة فى الوقت الذى قطع فيه زوارق الاتحاد الحربية شحنات القطن من الجنوب الامريكى.
ومع ذلك، توقفت روسيا عن دفعها الجنوبي في “أمو داريا” والتي أصبحت الحدود الجنوبية لإمبراطوريتها ومن ثم الاتحاد السوفيتي.
وفي الثلاثينيات من القرن العشرين أغلق ستالين الحدود، وفرض التنمية الشيوعية على ذلك الجزء من المنطقة التي يسيطر عليها، وأعلن أفغانستان منطقة للتخلف والفقر.
وقد يكون هذا صحيحا من عهد ستالين ولكنه لم يكن صحيحا على مدى آلاف السنين السابقة.
وفي كل ذلك الوقت لم تكن أفغانستان جزءا مزدهرا من ما نسميه الآن آسيا الوسطى بل قلبها،وهو يضع الطريق أمام أكبر شريك تجاري في آسيا الوسطى وأقربها، وهو الهند وليس الصين.
وكان أيضا الطريق الذي جاءت البوذية إلى جميع آسيا الوسطى، وفي وقت لاحق، الطريق الذي هاجم به بابور آسيا الوسطى الهند واقامة سلالة المغول هناك.
وهنا بعض من أغنى المدن في آسيا الوسطى وعاش هنا بعض أعظم المفكرين في العالم ، ومن بينهم البيروني، الذي اكتشف وجود أمريكا الشمالية والجنوبية ، قبل كولومبوس، عاش ومات في غزني، أفغانستان،والشاعر الرومي والرئيس الطبي ابن سينا جاءا من عائلات أفغانية.
وقد فتحت الفجوة الاقتصادية والثقافية بين أفغانستان وبقية آسيا الوسطى مع قيام موسكو بتعزيز الحكم الشيوعي والتنمية الاقتصادية التي تسيطر عليها الدولة خلال الحقبة السوفياتية.
وكانت الاتصالات والتجارة قد توقفت قبل أن تغزو موسكو أفغانستان في عام 1979، وما فتئت الفوضى والمدنية التي أعقبت ذلك قد وسعت الخليج.
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991، اعترفت روسيا بالسلطات الجديدة في آسيا الوسطى، لكنها واصلت النظر إليها في مدار موسكو، كجزء مما أعلنه بوتين في وقت لاحق بأنه “منطقة ذات مصلحة مميزة”.
وقد أنشأت روسيا كمنولث الدول المستقلة ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي لترجمة هذا المفهوم إلى واقع، وتقدم الآن الاتحاد الاقتصادي في أوراسيا مع نفس الهدف في الاعتبار، ومهما كانت غاياتهم المعلنة، فإن هذه المبادرات كلها تؤثر على سيادة الدول السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى.
وكانت اليابان أول قوة رئيسية لإقامة مشاورات منتظمة مع الحكومات الجديدة في آسيا الوسطى، التي فعلتها في عام 2004. واستندت إلى قرار روسيا بشأن القلق بشأن التطورات في أفغانستان ، واعتمدت على تعريف روسيا لآسيا الوسطى وشملت فقط خمس دول سوفياتية السابقة.
وجاءت كوريا الجنوبية في عام 2006 ولكنها ركزت نشاطها على كازاخستان وأوزبكستان، باستثناء البلدان الإقليمية الأخرى بما فيها أفغانستان. ثم أنشأ الاتحاد الأوروبي في عام 2007 هيكلا تشاوريا على غرار اليابان.
وخلال نفس السنوات، اعتمد البنك الدولي، ومصرف التنمية الآسيوي، والمصرف الأوروبي للتعمير والتنمية، والبنك الإسلامي للتنمية، نفس التعريف الذي عفا عليه الزمن الآن للمنطقة ونظم نفسه بنفس الطريقة كما فعلت الأمم المتحدة.
وبعد 11 أيلول / سبتمبر، أدركت الولايات المتحدة أن أفغانستان وآسيا الوسطى السوفياتية السابقة ستستفيدان من تفاعل أوثق، ربما كان الجيش الأمريكي قد وجد نفسه يستورد ملايين الدولارات من مياه الشرب المعبأة في زجاجات إلى أفغانستان من سويسرا عندما كان بإمكانه شراء المياه التي تغذيها المياه الجليدية من قيرغيزستان القريبة بسعر زهيد.
وأيا كان السبب، فقد ضمت وزارة الخارجية آسيا الوسطى وأفغانستان في إطار مكتب جديد في وسط وجنوب آسيا في عام 2008، ولسوء الحظ، عاد وزير الخارجية جون كيري، عندما أنشأ الهيكل الاستشاري الجديد لأمريكا في عام 2016، إلى التعريف السوفياتي القديم للوسط آسيا واستبعدت أفغانستان من فريقه الاستشاري “سي – خمسة زائد واحد”.
والمشكلة هي أن الدول الخمس السوفيتية سابقا في آسيا الوسطى ولا أفغانستان سعيدة بهذا الإعداد، ولسبب وجيه، وقد قامت أوزبكستان، بمساعدة من مصرف التنمية الآسيوي، ببناء خط سكة حديد إلى أفغانستان، كما تزود كابول بالكهرباء،ومع وجود ملايين الاوزبك العرقيين فى شمالى افغانستان، وتتطلع طشقند الى توسيع التجارة مع هذا البلد، الذى سافر وزير خارجيته مرتين فى الاشهر الاخيرة.
وقال رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف، متحدثا في نادي استانا في عام 2016، بشكل قاطع أن “أفغانستان جزء من آسيا الوسطى ودائما”، وأشار إلى أن جميع البلدان الست في المنطقة تتشاطر المصالح المشتركة والقيم والتاريخ والتفاهمات .
وإلى جانب الاحتفاظ بمكتب للاستثمار في كابول، توسع كازاخستان بسرعة روابطها الأفغانية في مجالات التعليم والصحة والزراعة.
اضف تعليق