الرئيسية » رئيسى » تكليف سلام نواف ..هل يكون بداية عهد جديد بـ “لبنان “؟
تقارير ودراسات رئيسى

تكليف سلام نواف ..هل يكون بداية عهد جديد بـ “لبنان “؟

مع تكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة اللبنانية الأولى للرئيس جوزيف عون، تتجه الأنظار إلى هذا الرجل الذي قد يمثل بداية عهد جديد في السياسة اللبنانية، في وقت يتطلع فيه الشعب ا إلى تغيير حقيقي بعد سنوات من الأزمات السياسية والاقتصادية. يأتي تكليف سلام بعد مسار طويل من الظهور كمرشح محتمل لرئاسة الحكومة في مراحل سابقة، ويُعتبر الآن نقطة تحول نحو بناء لبنان جديد يستند إلى الوحدة الوطنية والإصلاح السياسي.

من هو نواف سلام؟

نواف سلام، المولود في بيروت عام 1953، هو قاضٍ دولي وأكاديمي مرموق يتمتع بسجل حافل في القانون الدولي والسياسة. حصل على شهادات علمية من أبرز الجامعات العالمية مثل جامعة السوربون وجامعة هارفارد، وله مساهمات أكاديمية مهمة في مجالات العلاقات الدولية والتاريخ. بالإضافة إلى ذلك، شغل سلام العديد من المناصب الأكاديمية والقانونية، وكان آخرها تعيينه في محكمة العدل الدولية.

عائليًا، ينتمي إلى أسرة لبنانية سياسية بارزة، حيث كان عمه صائب سلام رئيسًا لحكومة لبنان لعدة فترات، ما يعكس التزامه العميق بالعمل العام والخدمة الوطنية.

أولويات نواف سلام

عند تكليفه بتشكيل الحكومة، وضع نواف سلام مجموعة من الأولويات التي سيعمل على تحقيقها لتجاوز الأزمات التي يعاني منها لبنان. تلك الأولويات تتعلق بإصلاحات اقتصادية وسياسية تهدف إلى بناء دولة حديثة وفعالة:

  1. إصلاح السياسات المالية والاقتصادية: لبنان يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، ومن المتوقع أن يكون إصلاح القطاع المالي والمصرفي في مقدمة أولويات سلام. الإصلاحات تشمل إعادة هيكلة الدين العام، وإنقاذ القطاع المصرفي، وتعزيز الشفافية في إدارة الأموال العامة.
  2. الإصلاح السياسي ومكافحة المحاصصة: التغيير في السياسات السياسية يشمل التصدي لثقافة المحاصصة والزبائنية التي كانت تُفقد المؤسسات الحكومية فعاليتها. سلام يسعى إلى إحداث إصلاحات سياسية جذرية تهدف إلى تعزيز الحوكمة الرشيدة، وضمان أن يكون العمل الحكومي بعيدًا عن التدخلات الطائفية والمصالح الضيقة.
  3. استعادة الثقة في الدولة: تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي يتطلب استعادة ثقة المواطنين في المؤسسات الحكومية. وهو ما يتطلب مكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية في العمل الحكومي.
  4. إعادة توحيد اللبنانيين: بعد سنوات من الانقسامات السياسية والطائفية، يتعين على نواف سلام أن يكون قائدًا يسعى إلى وحدة اللبنانيين، حيث يُعَدُّ هذا التحدي أكبر من أي وقت مضى. وحدة اللبنانيين ستكون حجر الزاوية في إنجاح الإصلاحات.

توحيد لبنان ونزع السلاح

من أبرز التوجهات التي يمكن أن تشهدها حكومة نواف سلام هي الدعوة إلى توحيد اللبنانيين، والعمل على إخراج لبنان من دائرة التأثيرات الإقليمية والمحلية التي كانت دائمًا تحد من قدرة البلاد على تحقيق الاستقرار والنمو.

سلام يملك رؤية واضحة بأن لبنان يجب أن يكون دولة مستقلة وذات سيادة، وهذا يتطلب نزع السلاح غير الشرعي، بما في ذلك سلاح حزب الله، الذي كان جزءًا من الجدل السياسي والأمني في البلاد على مدى سنوات. سلام يؤمن بأن الحفاظ على سيادة الدولة وتعزيز سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية أمر حيوي للانتقال إلى مرحلة جديدة من الاستقرار.

التحديات والعلاقات السياسية

نواف سلام سيواجه تحديات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع حزب الله وحركة أمل، اللذين كان لهما دور رئيسي في رفضه كمرشح لرئاسة الحكومة في السنوات الماضية. ولكن في ظل الوضع الراهن، يرى سلام أن لبنان بحاجة إلى تحقيق وحدة وطنية حقيقية لا تستند إلى المصالح الطائفية أو الحزبية، بل إلى الصالحة العامة.

السلام الذي يسعى إلى إنهاء ثقافة المحاصصة والزبائنية، سيرتكز على تحقيق الإصلاحات الهيكلية في الدولة، مع تأكيد ضرورة نزع السلاح غير الشرعي لتعزيز قدرة الدولة على حماية سيادتها. يدرك سلام أن التغيير يتطلب إرادة سياسية قوية، وقدرة على اتخاذ قرارات صعبة رغم الضغوط السياسية.

تكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة يمثل نقطة تحول في تاريخ لبنان. إذا تمكن من تنفيذ إصلاحاته، والوفاء بوعده بـ إعادة توحيد اللبنانيين، فإن حكومته قد تكون بداية لعهد جديد من الاستقرار والازدهار. التحديات أمامه كبيرة، ولكن مع الإرادة السياسية السليمة والإصرار على تحقيق التغيير، يمكن أن يكون سلام قادرًا على إعادة بناء لبنان، بحيث يصبح دولة ذات سيادة قوية، بعيدة عن الانقسامات الطائفية والإقليمية.