ينفتح المشهد السياسي التونسي على ما يبدو على أزمة سياسية جديدة ما لم يتم التوافق على الشخصية التي رشحها أو سيرشحها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي لخلافة الحبيب الصيد على رأس حكومة الوحدة الوطنية التي سبق وأن اقترحها وجرى الترويج لها كحل للأزمة السياسية.
واقترح السبسي ترشيح يوسف الشاهد القيادي في حزب نداء تونس ووزير الشؤون المحلية في حكومة الصيد، لرئاسة حكومة الوحدة الوطنية بحسب ما أعلنت وسائل اعلام تونسية رسمية وخاصة.
وتحدثت وسائل اعلام محلية عن وجود قرابة مصاهرة بين السبسي والشاهد، في حين لم تعلق رئاسة الجمهورية على الأمر، ما يفتح الباب مجددا لجدل تبدو تونس في غنى عنه في هذا الظرف الدقيق.
والتعيينات على أساس القرابة مسألة عادة ما تثير جدلا سياسيا واجتماعيا من منطلق أنها ترسخ المحسوبية.
وقال عصام الشابي القيادي في الحزب الجمهوري الذي يشارك في مفاوضات اختيار رئيس الوزراء المقبل إن السبسي اقترح اسم يوسف الشاهد وزير الشؤون المحلية في حكومة الصيد والقيادي بحركة نداء تونس لرئاسة حكومة الوحدة.
وأضاف أنه من المقرر أن يرد المشاركون على مقترح الرئيس الأربعاء وأنه لم يتقرر شيء رسميا بعد.
وعلى الفور أثار مقترح تعيين الشاهد رئيسا للوزراء حملة انتقادات واسعة شنها نشطاء على تويتر وفيسبوك عنوانها “نسيبك (صهرك) في دارك” في إشارة لرفض التعيين وفي تناغم مع حملة “شدّ ولدك.. ولدك في الدار” ( أي كف يد ابنك عن التدخل في شؤون الدولة).
وخلال جلسة سحب الثقة من حكومة الصيد، انتقد عمار عمروسية النائب عن الجبهة الشعبية (ائتلاف احزاب يسارية) الرئيس التونسي وابنه حافظ الذي تتهمه أحزاب معارضة بـ”التدخل في شؤون الدولة”.
وقال عمروسية متوجها بالخطاب للرئيس “نريد أن نعرف هل نحن في مملكة أو جمهورية؟… ولد في دارك.. شدّ ولدك في دارك (ابق ابنك في منزلك)”، في اتهام صريح للرئيس التونسي بالخلط بين شؤون الدولة وشؤون العائلة.
وفي اليوم نفسه أطلق نشطاء على الإنترنت حملة على شبكات للتواصل الاجتماعي بعنوان “ولدك_في دارك” طالبوا فيها الرئيس التونسي بإبعاد ابنه، فيما رد أنصار السبسي بحملة مضادة.
وانتقدت الجبهة الشعبية وهي الحزب الرئيسي في المعارضة ترشيح الشاهد للمنصب وقالت إنه يكرس الولاء والحكم الفردي.
وقال الجيلاني الهمامي القيادي بالجبهة الشعبية ” الرئيس رفض الصيد لاستبداله بشخص آخر يكون طيعا وينفذ تعليماته ليتمكن من السيطرة على كل الدواليب وهذا خطر ويجرنا للوراء وهو تهديد حقيقي للمسار الانتقالي في تونس، مضيفا أن العودة لحكم العائلة مؤشر خطير للغاية.
ويوسف الشاهد من مواليد سنة 1975 ويحمل درجة الدكتوراه في العلوم الزراعية، بحسب سيرته الذاتية الرسمية.
وانتقد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ترشيح السبسي لأحد أصهاره في وقت تتهم فيه المعارضة الرئيس التونسي بالسعي الى “توريث” الحكم لابنه حافظ، القيادي بحزب نداء تونس وهو أمر سبق أن نفاه الرئيس.
لكن نفي الرئيس التونسي لمسألة التوريث لم يقنع المعارضة التي تأخذ على السبسي الابن تدخله في العديد من الشؤون حتى أن البعض يذهب الى اتهامه بأنه وراء سحب الثقة من الحبيب الصيد لخلافات بينهما.
والثلاثاء أفاد مصدر في رئاسة الجمهورية التونسية بأنه سيتم الاعلان “هذا الأسبوع” عن اسم رئيس حكومة الوحدة الوطنية تخلف حكومة الحبيب الصيد التي سحب البرلمان الثقة منها الاسبوع الماضي.
وقال المصدر، إن المشاورات السياسية التي بدأها الرئيس الباجي قائد السبسي مع أحزاب ومنظمات وطنية لاختيار رئيس حكومة الوحدة الوطنية ستتواصل الثلاثاء وانه سيتم الاعلان عن إسم رئيس الحكومة “هذا الاسبوع وعلى الارجح الاربعاء”.
ويشارك في هذه المشاورات ممثلون عن تسعة أحزاب سياسية أبرزها “نداء تونس” الذي أسسه السبسي في 2012 وفاز بالانتخابات التشريعية لسنة 2014 وحركة النهضة الاسلامية التي حلت ثانية في تلك الانتخابات.
كما تشارك فيها ثلاث منظمات وطنية منها الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب العمل الرئيسية).
وفقد نداء تونس الأكثرية البرلمانية لصالح حركة النهضة الاسلامية، بعدما انشق عنه نواب أسسوا حزبا جديدا بقيادة محسن مرزوق القيادي السابق في النداء، إثر صراع على زعامة الحزب بين مرزوق وحافظ قائد السبسي.
وكانت حكومة الصيد باشرت عملها في السادس من فبراير/شباط 2015، وأُدخل عليها تعديل وزاري كبير في السادس من يناير/كانون الثاني 2016.
وواجهت هذه الحكومة انتقادات تعلقت خصوصا بعدم الفاعلية في إنعاش اقتصاد البلاد ومكافحة الفساد.
وكان الرئيس التونسي اقترح في الثاني من يونيو/حزيران تشكيل حكومة وحدة وطنية لإخراج تونس من “أزمة ” اقتصادية واجتماعية حادة.
وفي 13 يوليو/تموز وقعت تسعة أحزاب وثلاث منظمات وطنية وثيقة “اتفاق قرطاج” التي ضبطت أولويات عمل حكومة الوحدة الوطنية وبينها انعاش الاقتصاد ومكافحة الفساد.
اضف تعليق