الرئيسية » أرشيف » حج الفقراء ..حرب تكسير عظام بين الشركات والجمعيات
أرشيف

حج الفقراء ..حرب تكسير عظام بين الشركات والجمعيات

لم تكد تلتقط وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية أنفاسها من معركة مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد والتي لم تنته منه بعد، حتي وجدت نفسها في مواجهة معركة شرسة، وهي كذلك بالفعل، لأن طرف المواجهة الآخر لم يكن بعض الحقوقيين المهمومين بحال المجتمع المدني، ولكن الطرف الآخر هو القطب الأكبر في البرلمان وهو «حزب الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.

أصحاب المصالح
وبينما تؤكد الدكتورة «نجوي خليل» وزيرة التأمينات والشؤون الاجتماعية علي مستشارها الذي تصفه في كل مناسبة بأنه الرجل الأمين والمخلص وهو الدكتور «محمد الدمرداش» المستشار القانوني للوزارة ووكيل مجلس الدولة، علي ضرورة الانتهاء من مشروع قانون الجمعيات الأهلية والتي شُكلت له لجنة برئاسته حتي تلتقط أنفاسها.. ووجدت أن الوزارة أمام حرب أخري ولكنها هذه المرة حرب إنسانية وأخلاقية، وهي محاولة انقضاض شركات السياحة وأصحاب المصالح علي حصة حج الجمعيات الأهلية والتي تبلغ «12800» تأشيرة حج!!
حيث أرسل الدكتور «سعد الكتاتني» خطاباً إلي الوزيرة يحمل اقتراحاً بإصدار قانون لتنظيم الحج عن طريق إنشاء لجنة عليا للحج، وهو اقتراح جاء من لجنتي الشؤون الدينية والاجتماعية والأوقاف، والثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الشعب.

لجنة عليا للحج
وقال الخطاب إن اللجنتين اتفقتا علي تبني فكرة تكوين لجنة عليا للحج لإدارة هذه المنظومة علي أن تقوم هذه اللجنة بتوزيع التأشيرات توزيعاً عادلاً يراعي فيه البعد الاجتماعي لجميع فئات المجتمع المصري، والتوزيع الجغرافي لكل مدينة علي حدة بالمحافظات في مصر، كما تقوم اللجنة بمراقبة آليات تنظيم الحج الاقتصادي الذي يراعي ظروف الطبقة الكادحة التي كانت تتقدم لوزارة الداخلية بطلبات الحج تحت ما يسمي بحج القرعة، ونظراً لأن وزارة الداخلية هي مجرد جهة تنظيمية داخل الوطن فليس المطلوب منها إدارة عمل يحتاج إلي احترافية العمل السياحي خارج الوطن.
كما تضمن الاقتراح أيضاً أن تتكون اللجنة العليا للحج من مشيخة الأزهر الشريف، ووزارات الأوقاف والسياحة والداخلية والشؤون الاجتماعية والطيران المدني والصحة والتنمية المحلية، مشيراً إلي أن اللجنة يجب أن تكون تحت إشراف مجلس الوزراء.
ولم يخف مصدر مسؤول بالوزارة تخوفه من محاولة تمرير الاقتراح بعيداً عن أعين رجال الإعلام والصحفيين، كما أعرب عن اندهاشه من اجتماع اللجنتين ومناقشة الاقتراح دون حدوث رد فعل إعلامي وإلي حد أن القائمين علي الجمعيات الأهلية التي تتولي شؤون الحج لم يعلموا شيئاً عن الأمر كله.
وأكد المصدر أن الوزارة تحاول مواجهة وتعديل مادة في الاقتراح المقدم من اللجنتين والتي تنص علي قيام شركات السياحة باستحداث منظومة تراقب أداءها من خلال اللجنة العليا للحج المزمع إنشاؤها، بتقديم خدمة الحج للمواطنين وسحبها من الجمعيات الأهلية.

الجمعيات الأهلية
وأضاف المصدر قائلاً إنه من غير المنطقي سحب حصة الجمعيات الأهلية من تأشيرات الحج وقصرها علي شركات السياحة التي قد يتلاعب بعضها البعض بالمواطنين، خصوصاً أن هؤلاء البسطاء من المواطنين يتوجهون للجمعيات الأهلية لسهولة التعامل معها ومعرفتهم بالقائمين عليها، خاصة في مناطق الأرياف والمناطق النائية.
وأشار المسؤول إلي صعوبة ضبط آلية الرقابة علي شركات السياحة، محذراً من تكرار أخطاء النظام السابق في إسناد تقديم بعض خدمات المواطنين إلي القطاع الخاص والمعروف أن هدفه هو الربح أساساً.. وتساءل: هل يعيد برلمان الثورة إنتاج النظام السابق؟
وأعرب هذا المصدر عن قلقه بشأن ما تردد مؤخراً أن الاقتراح يهدف إلي إسناد خدمات الحج إلي شركات السياحة المملوك غالبيتها لجماعة سياسية ذات خلفية دينية، مشيراً إلي أن الوزارة والجمعيات تقدم الحج بمبلغ «17» ألفاً وهو ما لا يمكن أن تفعله شركات السياحة، خاصة أنها جهات خدمية لا تهدف للربح وهو ما يتنافي مع أهداف القطاع الخاص.
ويبدو أن البرلمان لم يعتد بقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 يناير «كانون الثاني» بشأن تشكيل الهيئة العامة للحج والعمرة برئاسة مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة، وهو المنوط به إعداد مشروع قانون لتشكيل الهيئة ونظامها ولائحتها الأساسية للحج والعمرة.. وهي الهفوة التي لم تشأ وزارة الشؤون الاجتماعية أن تمر مرور الكرام، ونسقت مع فضيلة المفتي الذي عقد اجتماعاً يوم «14» مارس «آذار» الماضي لمناقشة الاقتراح المشترك من لجنتين بالبرلمان.
وشارك في الاجتماع الذي عُقد برئاسة الدكتور علي جمعة ممثلون عن وزارات الداخلية والطيران المدني والنقل والمواصلات والشؤون الاجتماعية.

لجنة لصياغة القانون
وخلال الاجتماع قرر فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية ورئيس الهيئة العامة للحج والعمرة تشكيل لجنة لصياغة قانون تنظيم الهيئة العامة للحج والعمرة برئاسة الدكتور «محمد مهني» أستاذ القانون العام وعضوية الدكتور «محمد الدمرداش» وكيل مجلس الدولة، وعبدالعزيز حسن وكيل أول وزارة السياحة، واللواء محمد العطار مدير الشؤون الإدارية بوزارة الداخلية.
كما قرر أن تضم اللجنة في عضويتها أيضاً «ناجي محسن» عضو المؤسسة القومية للحج والعمرة ويتولي فيها أمانة السر الدكتور «أشرف فهمي» الأمين العام لدار الإفتاء، وقد كلفها بالانتهاء من أعمالها خلال «15» يوماً وعرض مسودة المشروع المقترح علي الاجتماع المقبل تمهيداً لتقديمه إلي مجلس الوزراء ثم مجلس الشعب.
وأوضح المفتي أن الاجتماع تناول أهداف الهيئة العامة للحج والعمرة والتي منها تنظيم ورقابة الحج دون الإضرار بأي شكل من الأشكال بالعاملين في هذا المجال، والتأكيد علي أن لكل نوع من أنواع الحج جمهوره من المواطنين سواء كان حج الجمعيات الأهلية أو الحج الاقتصادي أو الحج السياحي.. مؤكداً أن انسحاب وزارة الداخلية من تنظيم الحج لن يضير أي من حجاجها والبالغ عددهم «30» ألفاً وهي حصة الوزارة من تأشيرات الحج، وستقوم الهيئة بتوفير جميع الرعاية والقيام علي خدمة حجاج بيت الله الحرام.

نقلاً عن الطبعة الورقية