الرئيسية » أرشيف » حكومة الجنزوري تتحدى البرلمان
أرشيف

حكومة الجنزوري تتحدى البرلمان

على الرغم من التأييد الذي حظيت به حكومة الجنزوري في مصر من مختلف شرائح التيار الإسلامي منذ تشكيلها قبل شهرين، لكنها أصبحت تحظى بالقدر نفسه ولكن بصورة معاكسة من الأغلبية الإسلامية في داخل البرلمان، الذي انطلقت أولى دوراته في 23 يناير/كانون الثاني الماضي.

هذه الصورة بدأت منذ إلقاء الجنزوري بيانه أمام البرلمان الشهر الماضي، وإحالة مجلس الشعب مناقشته إلى لجانه التسع عشرة لمناقشته، وتتجه جميعها إلى رفض البيان، ما يمهد إلى سحب الثقة من الحكومة، وهو الرفض الذي ترافق مع رفض برلماني لما اعتبره النواب تدخلا من السلطة التنفيذية ممثلة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة في قضية "التمويل الأجنبي"، وما شابها من رفع الحظر عن سفر المتهمين الأجانب في القضية قبل أسابيع، ما أثار جدلا رافضا توغل السلطة التنفيذية في شؤون السلطة القضائية، ما يهدد استقلال العدالة.

وعلى الرغم من تحول البرلمان وأغلبيته الإسلامية في البداية من داعمين للجنزوري إلى رفض للحكومة ودعوات لسحب الثقة منها . وترددت أنباء عن تهدئة بين الجانبين (الحكومة والبرلمان) قيل إن المجلس العسكري كان طرفا أصيلا فيها، حتى بدا المشهد مغايراً من استعلاء من جانب الحكومة اتجاه البرلمان، على نحو ما ظهر من حرص الجنزوري على مقاطعة جميع جلسات البرلمان، التي دعت إلى حضوره، فاعتذر عن عدم الحضور منيبا عنه وزراء، وهو نفس ما فعله في عدم حضوره لجلسات مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) عندما طالب النواب بحضور الجنزوري عند مناقشتهم قرار رفع الحظر عن سفر المتهمين الأجانب.

هذه الحالة تؤكد أنه على الرغم من أن الحكومة ينبغي عليها أن تعمل على إصدار تطمينات للبرلمان لإثبات جدية البيان الذي ألقاه رئيسها، وأن الموقف الأكثر سخونة كان ينبغي أن يصدر عن البرلمان، كانت النتيجة معاكسة، في ظل ما ظهر من إعلان الحكومة تحديها للبرلمان، كما كان الحال إبان النظام السابق، عندما كان البرلمان لا يجرؤ على الحديث عن حجب الثقة أو سحبها من الحكومة، فكانت الأخيرة أقوى من البرلمان، للدرجة التي كان معها قياديون بارزون تحت القبة يتحدثون عن ضرورة مواجهة الفساد ونقد ممارسات الحكومة، حتى أصبحوا اليوم موقوفين بفعل جرائم كانوا يحذرون من وقوعها بالأمس القريب.

من هنا تولدت مخاوف لدى مراقبين من أن تظل الحكومة القائمة تتعامل بنفس المنطق بعد قيام الثورة، استنادا إلى أن رئيسها الحالي كان في يوم ما رئيسا للحكومة إبان النظام السابق، حتى وإن خرج منها على خلاف معه . غير أنه ومع حالة الانشقاق داخل صفوف الأغلبية الإسلامية بالبرلمان بشأن سحب الثقة من الحكومة، فإن مستقبل استمرار الحكومة مرهون بما يوصف بعض الأصابع، ومدى قدرة كل طرف على الاستمرار في موقفه، وما إذا كان "حزب الإخوان" سيظل داعما لموقفه في تشكيل حكومة وفاق وطني، أو أن تحلحل الأحزاب الإسلامية الأخرى هذا الدعم بالإبقاء على الحكومة، أو أن تتواصل الأخيرة في عملها متحدية البرلمان، غير عابئة بالتهديدات الموجهة إليها بسحب الثقة.