رغم إصرار رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على تشكيل الحكومة في وقت قريب قد لا يتعدى عشرة أيام، إلا أن توالي ظهور عقبات من جانب هذا الفريق أو ذاك، استدعى تكثيفاً في حركة الاتصالات والمشاورات على أكثر من خط لإزالة هذه العقبات، إفساحاً في المجال أمام الولادة الحكومية قبل عيد الاستقلال.
وثارت تساؤلات أخيراً بشأن مدى قدرة الحريري على إنجاز مهمته في الوقت الذي كان يأمل فيه أن ترى حكومة العهد الأولى النور، وبالتالي فإن هناك علامات استفهام تطرح عن صدق نوايا بعض الأطراف التي وعدت بتسهيل مهمة الرئيس الحريري، خصوصاً أن حزب “القوات اللبنانية” متمسك بمطالبه الحصول على خمسة حقائب، بينها واحدة سيادية، في حين أن “حزب الله” أبلغ المعنيين بالملف الحكومي أنه يرفض إعطاء “القوات اللبنانية” حقيبتَي الدفاع أو العدل، في حين يصر رئيس مجلس النواب نبيه بري أن تعطى وزارة الصحة أو الأشغال أو الاتصالات لحليفه النائب سليمان فرنجية وهو ما يرفضه الرئيس عون، ما يجعل الأمور الحكومية تراوح في المربع الأول، بانتظار حصول ما يشبه المعجزة لتشكيل الحكومة في الأيام القليلة المقبلة. في سياق متصل، غرد رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب وليد جنبلاط عبر موقع “توتير”، قائلاً “بعض الطفيليين يعرقلون مسيرة التأليف، لكن يجري التعامل معهم”.
من جهته، ربط رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل المشاركة في الحكومة بطريقة التعاطي والجو المحيط بعملية التأليف، كاشفاً عن وجود تواصل مع الجميع. وقال إذا كانت النية العمل سوياً وإشراك الجميع، فلا مانع لدى “الكتائب” من المشاركة في الحكومة لخدمة لبنان. واعتبر أنه من الخطأ اعتبار مَن لم يصوت لرئيس الجمهورية بأنه يجب أن يكون في المعارضة، فالنظام في لبنان ليس رئاسياً، بل هو برلماني، وبالتالي فإن المعارضة تنشأ في وجه رئيس الحكومة الذي سمته “الكتائب” في استشارات التكليف، مشيراً إلى أن الرئيس عون هو رجل المفاجآت وصاحب شخصية قوية. وأوضح سنتعاطى بإيجابية وسنعطي فرصة للعهد الجديد ونحاسب على الأفعال وهناك صفحة جديدة فتحت في البلد. وأشارت المعلومات على أن حزب “الكتائب” ينظر بريبة إلى محاولات رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إبعاده عن الحكومة ومحاولة الاستئثار بالمقاعد المسيحية في الحكومة لمصلحته بالتنسيق مع “التيار الوطني الحر”.
وأعربت مصادر نيابية مواكبة للاتصالات التي يجريها الرئيس المكلف، عن اعتقادها أن تشكيل الحكومة ليس بالعملية السهلة كما كان يتوقع، وذلك بسبب الشروط والفيتوات التي وضعت من أكثر من فريق، وفي مقدمهم “حزب الله”، الذي يعارض إعطاء “القوات اللبنانية” حقائب سيادية وازنة. كما يضع فيتو على مشاركة “الكتائب” في الحكومة بسبب المواقف الأخيرة لرئيسه، وهو ما عبر عنه جهاراً عضو تكتل “التغيير والإصلاح” النائب زياد أسود. ورأت المصادر أن ولادة الحكومة في غضون الأيام العشرة المقبلة التي تفصلنا عن مناسبة عيد الاستقلال، باتت تتطلب إجراء عملية قيصرية، من أجل تذليل العقد التي برزت في اليومين الماضيين ومن شأنها أن تؤخر تشكيل الحكومة الى أجل غير مسمى. وأشارت إلى الاجتماعات المنفصلة التي عقدها الوزير جبران باسيل في قصر بسترس، مع المسؤول الأمني في “حزب الله” وفيق صفا ومسؤول التواصل والإعلام في “القوات اللبنانية” ملحم رياشي، الهدف منها تذليل العقد التي طرأت وأدت الى التأخير في تشكيل الحكومة. واعتبرت أن الأجواء التفاؤلية التي تحدث عنها الرئيس الحريري لا تعكس حقيقة النوايا لبعض الأطراف الذين يضمرون عكس ما يصرحون به. إلى ذلك، دعا الرئيس عون إلى فصل الخيارات الخارجية عن الداخل اللبناني، مؤكداً خلال استقباله الهيئات الاقتصادية برئاسة عدنان القصار، أن ما ورد بشأن الأبعاد الاقتصادية في خطاب القسم يمثل تخطيطاً شاملاً للاقتصاد ويلحظ مجمل المخططات القطاعية، ومشيراً إلى أن العمل في ظل النظام الاقتصادي الحر يقع على عاتق الجميع على أساس التضامن، ورأى أنه لا يجوز أن تبقى الليرة اللبنانية مدعومة بالدين الذي بلغ رقماً كبيراً.
واعتبر أن الجميع مدعو ليعمر لبنان، إذ لا يمكن النهوض بأرض أو وطن إلا عبر ورشة شعبية، وقال إن الاتصالات التي تلقاها من رؤساء الدول العربية والأجنبية تؤكد الثقة بلبنان ومستقبل أفضل. وكان رئيس الجمهورية تلقى برقية من رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تؤكد فيها على أن مستقبل لبنان الآمن سيتعزز من خلال حكم يتماشى مع مبادئ إعلان بعبدا وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
اما بالنسبة للتشكيلة فهي، وأن كانت ما تزال رهن التفاهم على الحقائب لإسقاط الأسماء عليها، فإن المعلومات ترجح ان تكون على الشكل الآتي:
– السنة (6 وزراء) هم: الرئيس الحريري، نهاد المشنوق (الداخلية)، جمال الجراح (بيئة)، محمّد عبد اللطيف كبارة (للشؤون الاجتماعية)، سمير الجسر (للعدلية)، فيصل عمر كرامي (للتربية وهو من حصة الرئيس عون).
– الموارنة: (6 وزراء) عرف منهم: بيار رفول، جبران باسيل (الخارجية)، إبراهيم نجار، روني عريجي (ثقافة)، ميشال معوض، الدكتور غطاس خوري (للصحة).
– شيعة: (6 وزراء) هم: علي حسن خليل (المالية)، علي حسين عبد الله (أو غازي زعيتر) بالإضافة إلى شيعي ثالث من حصة الرئيس برّي.
وثلاثة وزراء لـ”حزب الله” تردّد انهم: حسين الحاج حسن، علي فياض وعبد الحليم فضل الله.
دروز: (3 وزراء): مروان حمادة وايمن شقير (من حصة النائب جنبلاط)، ومروان خير الدين (من حصة النائب طلال ارسلان).
– ارثوذكس (4 وزراء) عرف منهم: ايلي الفرزلي، غسّان حاصباني.
– كاثوليك (ثلاثة وزراء): ميشال فرعون (للسياحة)، ملحم رياشي (للاعلام) ووزير ثالث يسميه حزب الكتائب.
– أرمن ارثوذكس: جان اوغاسبيان.
– اقليات: حبيب افرام.
غير ان مصادر وزارية مطلعة على أجواء اتصالات التأليف، تتوقع عدم ولادة الحكومة الجديدة قبل عيد الاستقلال وتعتبر ان عقدة التأليف هي عند الطرف الشيعي مشيرة الى ان الامور لا تزال تحتاج الى مزيد من المشاورات والاتصالات لتتظهر صورة حكومة العهد الاول والمعقود عليها آمال كبيرة رغم عمرها المفترض ان يكون وجيزا.
وقالت مصادر أخرى، انه رغم ان الاتصالات متواصلة، فإن لا شيء نهائياً بعد، ونشير إلى ان الرئيس برّي ما يزال متفائلاً بإمكان تشكيل الحكومة قريباً.
وأضافت انه عندما ترون الرئيس الحريري في عين التينة فهذا يعني ان موعد ولادة الحكومة قد اقترب.
وفي حين اشارت المصادر الى ان صيغة “8-8-14” ( 14 وزيرا للحريري وجنبلاط والكتائب والاقليات)، (8 وزراء للقوات والعونيين)، (8 وزراء لحزب الله وامل و”والقومي” وفرنجية) هي الاكثر تداولا، لفتت في المقابل الى عدم امكانية حسم هذه الصيغة قبل معرفة المحصلة النهائية للمشاورات بخصوص تبادل الحصص بين الافرقاء.
اضف تعليق