بقلم :خالد أبوظهر
“أن تحصل على شىء أفضل من ألا تحصل على أى شىء” تلك هى أولى أبجديات التفكير بطريقة مغايرة وفقاً لمستجدات الواقع ,وإذا ما دققنا النظر فى الحالة الفلسطينية على مدار عقود مضت سنجد أن معطيات الواقعية السياسية تستوجب من العرب دعم مبادرة جاريد كوشنر للسلام والتى تبدو فرصة لإطلاق صافرة النهاية لصراع طال أمده .
نظرة سريعة على مسارات الصراع الفسلطينى الإسرائيلى لنرى ماذا تحقق قد تكشف عن صحة هذا التوجه , فبعد نحو 72 عاما هى عمر القضية الفلسطينية وقيام دولة إسرائيل ,طرأت على المنطقة عدة تحولات دولية وإقليمية , تتطلب قدراً من المرونة يمكن من خلالها قلب موازيين المعادلة السياسية على المدى المنظور والمستقبلي وخفض سقف التطلعات بشكل يتيح للفلسطينيين كسب ميزة نسبية أمام إسرائيل و التفاوض من أرضية قوية تسمح بتحقيق مكتسبات أفضل للشعب الفلسطيني فى اتفاق السلام
السياق الفلسيطينى ذاته,شهد عدة متغيرات وانقاسامات لم تسفر عن شىء سوى مزيد من التعقيد بأوضاع الشعب , فمسيرات العودة و استراتيجية الصدامات الدامية التى تفضلها حماس لم تؤت ثمارها بل أفضت إلى حصد المزيد من أرواح الفلسطينيين دون تحقيق أي مكاسب سياسية أو تكتيكية., فى حين لم تحقق عشرات الجولات التفاوضية أى تقدم مملوس على طاولة الأحداث سوى تبادل الابتسامات الدبلوماسية الفاترة والصور التذكارية التى لاتسمن ولاتغنى من جوع .
إذ تبدو مبادرة جاريد كوشنر أشبه بالأضطرابات أو الصدمة التى تحدثها التكنولوجيا ,ثم يعقبها تكيف مع الأوضاع ,محاولة للتعاطى مع سياقات الصراع من وجهة نظر جديدة ترسخت فى الغرب وخاصة لدى الإدارة الأميركية فى الآونة الأخيرة , رؤية لطرح حلول عملية بعيداُ عن نفس الوجوه السياسية المعتادة التى لم تتمكن خلال عقود طويلة من تحقيق تقدم ,يذكر, بعملية السلام , يتم من خلالها وضع القضية الفلسطينية فى قالب أقرب إلى المشروع الناشىء لتتحول بمرور الوقت عبر بذل جهود حقيقة لتجاوز العقبات ن شركة ناشئة إلى شركة ” يونيكورن”.
لهذا يعد طرح كوشنر بداية جيدة وملائمة للشعب الفلسطيني لكسر الجمود في عملية السلام بما يفضي إلى إعادة إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة مع الإسرائيليين تمكّن الشعب الفلسطيني من أن يعيش بسلام، وأن تتاح له الفرص الاقتصادية نفسها التي يتمتع بها مواطنو الدول المجاورة لاسيما وأن الخطة المقترحة تتضمن حلولًا تفصيلية لقضايا جوهرية في الصراع على غرار الحدود، ومستقبل المستوطنات الإسرائيلية، ومصير اللاجئين الفلسطينيين، والأمن فضلاً عن إمكانية جذب استثمارات في البنية التحتية من القطاعين العام والخاص لتحسين الاقتصاد الفلسطيني.
ومن ثم يتعين على دول الاعتدال العربي الراغبة فى تحقيق السلام العادل والشامل ,دون فرض ايدولوجيات, الاستفادة من تلك المعطيات وتشجيع خطوات المصالحة, بل و دعم الشعب الفلسطيني ودفعه نحو تبنى تلك المبادرة والتى من شأنها تحقيق حلم إقامة وبناء دولته . وإذا تحقق ذلك سوف يسدل الستار نهائياً على القضية وتعيش إسرائيل بسلام فى محيطها الشرق أوسطي ,وتتفرغ دول المنطقة ومعها شعب فلسطين للتنمية والبناء فى ظلال من السلام العادل الذى طال انتظاره.
إن مبادرة كوشنر ليست معادلة ذات آبعاد تآمرية , كما يروج البعض فى وسائل الإعلام, لكنها رؤية تستند إلى مفردات الواقع الراهن يمكن من خلالها صياغة حلول عادلة ويجب على الفلسطينين اغتنام الفرصة لبناء دولتهم عوضاً عن التضحية بأرواحهم والاستغراق المتزايد فى فى صراع لا متناهي لن يؤتى ثماره حتى على المدى البعيد. فالآن وليس الغد هو الوقت المناسب الذي يجب فيه على الجميع الانفتاح تجاه حل وعدم الخوف من المحاولة, ومن دون ذلك ستراوح المنطقة في حلقة مفرغة من العنف وعدم الاستقرار تعرقل مسارات التنمية وتطلعات الشرق الأوسط نحو حياة جديدة .
اضف تعليق