لقد رفض الفلسطينيون خطة السلام الأميركية حتى قبل إعلانها ,وأعتقد أنهم قد جانبهم الصواب إلى حد كبير فى التعاطى مع الأمر على هذ النحو لاسيما وأن الطرح الجديد يبدو مختلفاً عن جميع خطط السلام المقترحة سابقاُ .
إذ أنه للمرة الأولى , يتم صياغة مقترح يترجم الوضع الفعلى على الأرض والذى هو بطبيعة الحال يميل نحو إسرائيل , ولا يتطلع إلى الدخول في مفاوضات لا تنتهي مطلقاً على غرار جميع الخطط السابقة, إنه نهج أمريكي مغاير تماما ،و لا ينبغي أن يرفضه الفلسطينيون.
وخلال كفاحهم الطويل من أجل قيام الدولة ، أهدر الفلسطينيون العديد من فرص السلام حتى تلك التي اقترحت حلولاً تفاوضية , تارة بفعل الضغوط الإقليمية على نحو ماجرى عندما هدد حافظ الأسد ,ياسر عرفات بالموت إذا انضم إلى اتفاق كامب ديفيد قبل الاتفاق على الوضع النهائي لمرتفعات الجولان. ومراراً بسبب الاقتتال الداخلي بين الفصائل المختلفة ، والذى تجلى فى أحدث صوره فى الصراع بين فتح وحماس التي أطلقها النظام الملائى الإيراني. وفي بعض الأحيان تعرقلت المفاوضات جراء مستجدات مثل اغتيال إسحاق رابين على يد متطرف إسرائيلي. وبغض النظر عن الاسباب المختلفة ، فقد ضاعت دائمًا أفضل الفرص المتاحة للتوصل إلى وضع نهائي. قتلت ، ليس بسبب حساسية القدس ولكن على وقع النضال من أجل النفوذ والتفوق الإقليمي.
أتفق معكم على أن الوضع التاريخي للفلسطينيين محزن .. يمكنك تسمية هذا المقترح بالملحق ؛ وقد تطلق عليها خطة من جانب واحد لتقرير مصير قضية جوهرية . لكن سأطرح بعض التساؤلات حول : ما هو البديل المتاح باللحظة الراهنة للفلسطينيين وللأجيال الثلاثة القادمة؟ ماهى الحلول التى من شأنها التوصل إلى صفقة أفضل؟و ما طبيعة التغييرات المتوقعة لعكس “معادلة القوة” على الأرض والتى هى واقع الأمر لصالح إسرائيل ؟ هل يمكنهم قلب دفة الأوضاع رأساً على عقب و فعل ما فعلته مصر في حرب أكتوبر أوحتى إحداث فارق نوعي وشامل في الدعم العالمي من شأنه أن يجبر إسرائيل على تفكيك جميع المستوطنات وإخلاء القدس؟ لا أعتقد فى إمكانية حدوث ذلك خلال الخمسين عاماُ المقبلة
وفقا للمعطيات السابقة , هل يستحق الأمر خسارة الأجيال الثلاثة القادمة من الفلسطينيين أمام الفقر والحياة غير المستقرة وانعدام الأمن؟ لقد قارنت الأصوات الشعبوية الوضع مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. لكن هل هذا يعني أنهم يبحثون عن حل قيام دولة واحدة تكون أغلبيتها من الفلسطينيين؟ إنهم يمنون أنفسهم . خاصة وأن حماس والجهاد مستمران في إرسال الأطفال إلى الموت المؤكد ويواصلان استخدام الإرهاب بأمر من الحرس الثوري الإيراني.
أدرك أن وجهة نظري مكروهه, وقد تدفع البعض إلى إطلاق ألسنتهم بالسباب والشتائم , لأن الشعوبية سهلة. بيد أن الظروف المعيشية للفلسطنيين قاتمة . وفي النهاية ، تُظهرالخطة الجديدة ، إذا قبلتها جميع القوى السياسية ، طريقًا حقيقيًا لإقامة دولة وحياة أفضل للفلسطينيين. كما أنها وضعت حلاً لعاصمة القدس الشرقية يحافظ على رمزيتها
إن الحياة الأفضل للفلسطينيين تعني القدرة على العيش في سلام ، والحصول على فرص التعليم الملائم ، وقبل كل شيء الحق فى الأمان. ومع مرور الوقت واكتساب ثقة متبادلة ، سيتم بناء جسور التعاون ، وستنهار الجدران العازلة . فالخسارة ليست أبدية ؛و التاريخ حافل بنماذج للدول التي أعيد بناءها وأصبحت أقوى .
في نهاية المطاف ، لقد حان الوقت لإعطاء قيمة وأولوية للشعب الفلسطيني وليس فقط للأرض ولهذا أعتقد أن الرئيس ترامب يمنحنا عبر خطة جاريد كوشنر للسلام فرصة تاريخية لتغيير الأوضاع بشكل فعلى .
إن رأيي الذي لا يحظى بشعبية كافية في هذه الخطة يحتاج إلى مناقشة ، لأن فرص الحرب قد أهدرت , و الفلسطينيون ومعهم العرب. لم يخسروا المعركة فحسب , بل الحرب برمتها . فهذه الخطة تترجم الموقف. وقد لاح آوان قبوله وبناء مستقبل جديد والعيش في سلام.
يضاف إلى ذلك أنني أعتبر أن سبب هذه الخسارة يعود فى المقام الأول إلى التدخلات الإقليمية خاصة من قبل النظام الإيراني الذي مكّن الإسرائيليين من توسيع وخلق هذا الوضع المهترىء . لقد كان التدخل والتعامل مع “سبب” النفوذ ثابتًا في السنوات الأربعين الأخيرة من الصراع. إذ ن نهاية الحرب الباردة لم تغير أي شيء . وسيطرت سوريا بدعم من إيران على مختلف الفصائل الفلسطينية بغية عرقلة عملية السلام وتعطيل أى إنجاز حقيقى بها . وبلغ الأمر حد أنها تبادلت مرتفعات الجولان بثروات لبنان في عام 1976. وقد دعمت إيران حماس والجهاد لتخريب المبادرات الجادة فضلاً عن تقويض وتهديد السلطة الفلسطينية.و مع ذلك ، لم تعد عملية السلام اليوم هي الملف الرئيسي للشرق الأوسط ولا تحظى بنفس الأهمية في مواجهة التطورات الإقليمية.
لذا , وفى ضوء كل هذه الأسباب ، يجب على الفلسطينيين قبول صفقة القرن
اضف تعليق