عشية وصول طليعة بعثة المراقبين العرب المقرر اليوم، عاشت سورية أحد أكثر الأيام دموية منذ اندلاع الانتفاضة في منتصف مارس الماضي، وسقط أكثر من 250 مدنيا وجنديا منشقا بين قتيل وجريح برصاص القوات النظامية، غالبيتهم في محافظة ادلب، حيث تنفذ قوات النظام مجزرة حقيقية بحق جنود اختاروا الالتحاق بالاحتجاجات وناشطين مطلوبين.
وقد توالت الدعوات العربية والدولية لدمشق، التي نفذت مناورات عسكرية للمرة الثانية في غضون أسبوعين، لوقف قمعها الدموي للمحتجين، فيما طالب المجلس الوطني السوري للمعارضة مجلس الأمن الدولي بعقد جلسة طارئة لوقف "المجازر المروعة التي يرتكبها النظام".
مناطق منكوبة
فغداة مقتل أكثر من 125 مدنيا الثلاثاء، بينهم 111 في بلدة كفر عويد في ادلب (شمال غرب)، طالب المجلس، الذي يضم معظم أطياف المعارضة السورية، بـ"عقد جلسة طارئة لبحث مجازر النظام في جبل الزاوية وإدلب وحمص على نحو خاص، وإصدار إدانة دولية لذلك.
وإعلان المدن والبلدات التي تتعرض لهجمات وحشية (مناطق آمنة)، تتمتع بالحماية الدولية وإرغام قوات النظام على الانسحاب منها".
وأوضح المجلس ان دعوته هذه جاءت بسبب "المجازر المروعة التي يرتكبها النظام الوحشي بحق المدنيين العزل في منطقة جبل الزاوية وإدلب وحمص ومناطق عدة في سورية، التي أودت بحياة قرابة 250 شهيدا خلال 48 ساعة".
كما طالب المجلس بـ"إعلان جبل الزاوية وإدلب وحمص مناطق منكوبة تتعرض لأعمال إبادة وعمليات تهجير واسعة، من قبل ميليشيات النظام السوري، ودعوة الصليب الأحمر الدولي ومنظمات الإغاثة للتدخل المباشر وتوفير الاحتياجات الإنسانية العاجلة".
وناشد المجلس أيضا المجلس الوزاري العربي "عقد جلسة عاجلة لإدانة مجازر النظام الدموية، واتخاذ الاجراءات الكفيلة بحماية المدنيين السوريين بالتعاون مع الامم المتحدة".
وقتل111 مدنيا على الأقل برصاص قوات الأمن في بلدة كفر عويد الثلاثاء، كما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان، في حصيلة جديدة نشرها أمس. وبذلك ارتفع عدد المدنيين الذين قتلوا في سائر أنحاء سورية الثلاثاء الى 125 قتيلا مدنيا على الأقل، يضاف اليهم 14 عنصر أمن نظاميا قتلوا في درعا، و"100 جندي منشق على الأقل سقطوا بين قتيل وجريح" في جبل الزاوية في ادلب.
وكان المرصد ذكر ان ما يصل الى 70 جنديا سورية منشقا قتلوا الاثنين في محافظة ادلب نفسها.
وإدلب المتاخمة لتركيا، هي معقل للاحتجاجات خلال الانتفاضة ضد الأسد، وشهدت كذلك تصاعد هجمات من منشقين عن الجيش السوري. وقال المرصد إن الأخيرين أتلفوا أو دمروا 17 عربة عسكرية في إدلب منذ يوم الأحد، وقتلوا 14 فردا من قوات الأمن الثلاثاء في كمين في محافظة درعا (جنوب)، التي انطلقت منها الاحتجاجات.
4 شهداء في ريف دمشق
وأمس، أيضا تواصلت أعمال العنف. وقتل 6 مدنيين في ادلب إثر اشتباكات بين الجيش النظامي ومنشقين عنه، و4 نشطاء في الزبداني في ريف دمشق، إثر استهداف سيارتهم من قبل قوات الأمن، وسماع أصوات انفجارات وأطلاق رصاص كثيف في مدينة القصير القريبة من الحدود مع لبنان.
خطف 5 فنيين إيرانيين في حمص
نقلت وكالة مهر الإيرانية للأنباء عن سفارة إيران في سورية قولها، إن 5 فنيين إيرانيين خطفوا بمدينة حمص وسط سورية أمس.
وقال بيان صادر عن السفارة "خطف الخمسة الساعة السادسة والنصف صباحاً أثناء توجههم لمكان عملهم، ونحن نطالب بالإفراج عنهم فوراً". وكانت قناة "برس تي .في" التلفزيونية الإيرانية الرسمية ذكرت في وقت سابق أن مسلحين مجهولين خطفوا 5 فنيين إيرانيين في حمص. وأضافت "وردت تقارير عن خطف مسلحين مجهولين 8 فنيين من بينهم 5 إيرانيين".
إدانة عربية للعنف
وكان لارتفاع وتيرة العنف والقتل صدى وردود فعل غاضبة.
فقد ناشد الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، الحكومة السورية تحمل مسؤولياتها إزاء توفير الحماية للمدنيين، تنفيذاً لتعهداتها بموجب المبادرة العربية، خصوصا ما يتعلق بضرورة الوقف الفوري لجميع أعمال العنف، واطلاق سراح المعتقلين، وسحب جميع المظاهر العسكرية وأكد العربي في بيان على "ضرورة التحرك السريع من أجل توفير الأجواء الملائمة لمباشرة بعثة مراقبي الجامعة لمهامها في سورية".
وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم، قال في مؤتمر صحفي عقب التوقيع على بروتوكول المراقبين: "أهلا وسهلا بالمراقبين.. في بيتهم الثاني".
وهددت واشنطن بفرض مزيد من الاجراءات والعقوبات على مستوى المجتمع الدولي "إن لم تستجب وتتقيد دمشق بالمبادرة العربية"، واصفة هذه المباردة بأنها أفضل ما يمكن أن يحقق نتائج.
وقالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية: "اقتراح الجامعة أفضل فرصة لإنهاء العنف فورا.. لكن سورية بحاجة الى إجراء حوار حقيقي عن المستقبل، الذي لا نعتقد ان الأسد قادر على ان يكون جزءا منه".
ونحن نتعتقد أيضا أن نظام الأسد لا يستحق أن يحكم سورية لأنه لا، ولم، يف باي تعهد لوقف العنف والقتل والقمع.
بدورها، قالت فرنسا إنها تأمل أن ينفذ المراقبون العرب مهمتهم سريعا. لكنها قالت أيضا إن الأسد سبق له أن اخلف بوعده، وان العنف الذي حدث خلال الثماني والاربعين ساعة الماضية "أظهر أنه ليس من الممكن إهدار ولو لحظة واحدة"، داعية روسيا إلى "تسريع المفاوضات في مجلس الأمن بشأن مشروع القرار الذي تقدمت به لحل الأزمة الدامية في سورية".
وقال وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو أن تواتر العنف رغم توقيع بروتوكول المراقبين "سلوك غير مقبول من قبل نظام الأسد".
كذلك أعربت كل من ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا عن ادانتها الشديدة لاستمرار العنف وتصاعد عمليات القتل في سورية. وطالبت المستشارة انجيلا ميركل الأسد بالوقف الفوري لآلة القتل، فيما أعرب وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرسي عن قلق بلاده من امكانية "توسع الظاهرة إقليميا". أما لندن فقد كررت مطالبتها الأسد بالتنحي.
اضف تعليق