الرئيسية » دراسات وتحليلات » خفايا الصراع العسكري بين أميركا والصين
تقارير ودراسات دراسات وتحليلات رئيسى

خفايا الصراع العسكري بين أميركا والصين

ترامب فى كوريا
ترامب فى كوريا

العلاقة الأميركية الصينية معقدة، ويجب أن تدار بعناية فائقة، والرئيس الأميركى “ترامب” يفخر بنفسه بأنه ربما يكون متقلبا،مما يشعل أجواء التوتر بين البلدين، ويخشى بعض مراقبي السياسة الخارجية من أن يؤدي الارتفاع الاقتصادي للصين إلى نزاع عسكري في نهاية المطاف مع الولايات المتحدة بسبب ظاهرة تاريخية تعرف باسم “مصيدة ثوسيديدس”،فهل تسعى، الولايات المتحدة لتجنب مسار الاصطدام بالصين بعد ان سارا معا في اتجاه الحرب؟

يقول عالم السياسة بجامعة هارفارد غراهام أليسون في كتابه “من أجل الحرب: هل يمكن أن تفلت أميركا والصين من مصيدة ثوسيديدس؟” إن الصين والولايات المتحدة في الوقت الراهن في طريق تصادمي للحرب – ما لم يتخذ الطرفان إجراءات صعبة ومؤلمة لتجنب ذلك”.

“ثوسيديدس” هو المؤرخ اليوناني القديم الشهير بعمله على الحرب البيلوبونية، التي نسبها إلى تنامي التنافس الدولي: “كان صعود أثينا والخوف من أن غرس في سبارتا التي جعلت الحرب لا مفر منه”.

ويرى البعض أن الصين تلعب يوم أثينا الحديث إلى سبارتا الأميركية، وإمكانية مصيدة “ثوسيديدس” كانت في ذهن العديد من مسؤولي الرئيس ترامب.

وكان المستشار السابق السابق ستيف بانون ووزير الدفاع جيم ماتيس ومستشار الأمن القومي ه.ك.ماكماستر على دراية جيدة بعمل ثوسيديدس، كما طلب من أليسون التحدث عن الموضوع مع موظفي مجلس الأمن القومي في مايو / أيار.

وأكد الرئيس ترامب ونظيره الصينى شى جين بينغ هذا الأسبوع فى بكين على علاقات طيبة ويصران على أنهما يريدان العمل معا لمعالجة المشكلات التى تتراوح بين النزاعات التجارية وبرنامج الاسلحة النووية لكوريا الشمالية.

وقال “ترامب” أمام “شي” خلال الاجتماعات التى عقدت يوم الخميس فى العاصمة الصينية “اننى اتطلع الى سنوات عديدة من النجاح والصداقة والعمل معا لحل مشاكلنا ومشاكل العالم ومشاكل الخطر والامن الكبيرين”.

لكن المحللين قالوا إن الولايات المتحدة والصين قد تتراجعان عن أى عدد من القضايا.
وقال ترامب نفسه إن العلاقات التجارية الحالية “غير عادلة وغير متحيزة جدا” تختتم سرقة الوظائف من الأميركيين.

ولكن لا يوجد دليل على أن الصين التى تحتج على بعض السياسات التجارية الأميركية ستفتح اسواقها بطريقة جوهرية أو تمتنع عما يدعى الأميركيون التجسس السيبرانى وسرقة الملكية الفكرية من الشركات الأميركية.

وهناك أيضا احتمال اندلاع اشتباك بين الصين والولايات المتحدة حول الأسلحة النووية في كورية الشمالية.

وبينما يطلب ترامب من الصين ودول اخرى الضغط على كوريا الشمالية للتخلي عن الاسلحة النووية، لم يستبعد خيارا عسكريا، وحتى في الوقت الذي تتعهد فيه بمساعدة ترامب، فإن الصين حليف لحكومة كيم، ويمكنها الاعتراض عليها أو حتى التدخل نيابة عنها إذا ما اختار ترامب القوة.

وقد اعلن شي جين بينغ، الذى عزز سلطته على الحكومة الصينية بطرق لم يسبق لها مثيل منذ ايام الرئيس ماو، “عصر جديد” ستحتل فيه الصين مركز الصدارة فى العالم “. والنفوذ العسكري.

الولايات المتحدة وحلفاؤها تبقي حذرا على توسيع الجيش الصيني. وقد اعترض حلفاء اقليميون مثل اليابان وكوريا الجنوبية على نشاط فى بحر الصين الجنوبى حيث قامت الصين ببناء جزر من صنع الانسان لاستخدامها كقواعد عسكرية.

وباختصار فان العالم يشهد “صراعا جديدا اكثر عدوانية ومغتصبا يصل الى جميع انحاء العالم – احيانا بطرق تتعارض مع مصالح الدول الاخرى”، وفقا لما ذكره اورفيل شيل مدير مركز الصين الأميركى / العلاقات مع جمعية آسيا.

وقد غنم ترامب اشادة شي والصين خلال زيارته لبكين، لكنه انتقدها فى الماضى حول التجارة واحجامها عن تشديد الضغوط الاقتصادية على كوريا الشمالية، وقال ترامب خلال حملته الانتخابية ان السياسات التجارية الصينية “اغتصبت بلادنا”.

وفي الوقت نفسه، انتقدت الصين ترامب لتعليقاتها العدوانية تجاه كوريا الشمالية، قائلا إن أمور مثل وصف كيم بانه “رجل صاروخ صغير” غير مفيدة.

وقد اخذت الصين قضية مع مكالمة هاتفية قام بها ترامب العام الماضى الى زعيم تايوان قائلة انها هددت السياسة التى تعترف بها الولايات المتحدة فقط بحكومة صينية واحدة. وتعتبر بكين تايوان مقاطعة منفصلة.

يقول أليسون في مقابلة: “أسلوب ترامب غير منتظم”. “هذا رئيس مختلف عما كنا عليه من قبل، أسلوبه ليس بالضبط ما ستختاره للمساومة الدولية المعقدة”.

وعندما يتعلق الأمر بإمكانية اندلاع حرب بين الولايات المتحدة والصين، فإن بعض المحللين أكثر تفاؤلا.

وقال كوري شيكه، وهو باحث في معهد هوفر بجامعة ستانفورد ومسؤول سابق في مجلس الأمن القومي، إنه لا يوجد “ثوسيديدس تراب” لأنه مفهوم قديم. لقد تغيرت الأمور كثيرا منذ الحرب البيلوبونية، والبلدان أقل استعدادا للذهاب إلى الحرب الشاملة في العصر النووي.

واضافت “اننى متأكد ان ثوسيديدس سيعتبر الاسلحة النووية ثورة اسفرت عن صراع قوى عظمى”.

وقال شاكيه إن الحرب مع الصين “مصدر قلق واقعى”، مشيرا الى احتمال ضعيف” بالنسبة لها على المدى القريب”.

وقالت “ان شرعية الحكومة الصينية ترتكز على رفع مستويات المعيشة، وان الحرب مع الولايات المتحدة ستكون كارثية لاقتصادها”.

وقال أليسون، الذي نظم مشروع فخ “ثوسيديدس” في هارفارد، أن هناك اثني عشر مثالا على صراع القوى المتصاعدة مع سلطة حاكمة، من فرنسا وهابسبورغ في القرن السادس عشر إلى الولايات المتحدة واليابان في منتصف القرن العشرين.

وهناك أيضا أمثلة على تزايد القوى الحاكمة وتجنب الحرب، اثنان منها على الأقل تشمل الولايات المتحدة.

لم تذهب بريطانيا العظمى إلى الحرب مع الولايات المتحدة حيث ارتفع الأخير إلى الهيمنة العالمية في أوائل القرن 20؛ الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في النصف الثاني من القرن لم يذهب الساخنة.

وقال المحللون ان فكرة الصراع العسكرى بين الولايات المتحدة والصين يجب الا ينظر اليها على انها غريبة.

وعندما دفعت القوات التى تقودها الولايات المتحدة كوريا الشمالية التى تدعمها السوفييت الى حدود الصين فى عام 1950، رد ماو تسى تونغ عن طريق سكب الالاف من القوات فى الحرب، وأدى الجمود الناتج عن ذلك إلى انقسام اليوم على كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.

وقال أليسون قبل أن تدخل الصين الحرب مع الولايات المتحدة “حيث أن الجميع فى بكين وواشنطن يعرفون أن هذا جنون “.