سلمان رءوف سلمان المعروف أيضاً باسمه الكولومبي صموئيل سلمان الرضا هويته ليست جديدة خاصة لأولئك الذين تابعوا تاريخ أسوأ هجوم إرهابي في الأرجنتين .. تطورات جديدة في قضية قديمة تتعلق بـ “حزب الله” وتعود إلى عام 1994 لكنها تؤشر على أهمية الحد من تمدد الحزب في المنطقة لاسيما وأنها ترتبط باستخدامه تكتيكات غير مشروعة تتمثل في بناء شبكة إرهاب عالمية تصل بين عصابات المخدرات في أميركا اللاتينية والأسواق العالمية للشرق الأقصى والأوسط وأوروبا.
القضية عادت لدائرة الضوء عندما ألقت الشرطة الكولومبية فى أكتوبر الماضي على عبد الله رضا رامل فى مدينة كارتاهينا المشتبه به كان لبنانيا يحمل الجنسية الفنزويلية , كشفت التحقيقات عن أنه ذراع آخر لحزب الله وبوابة للجماعة الإرهابية في المثلث الحدودي الذي يربط الأرجنتين والبرازيل والأوروغواي، ويتخذه الحزب كـ”مقرً لوجستي “، يمارس فيه عمليات غسيل الأموال والتخطيط المركزي لعملياته كافة في أميركا الجنوبية، وتربطه علاقة وثيقة بـ” صموئيل سلمان الرضا”.
“سلمان الرضا ” مهندس تفجير بيونيس إيرس أحد كبار كوادر “حزب الله و يعتبر العقل المدبر والمنسّق الميداني للعملية التي استهدفت مبنى الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية (آميا) فى الـ 18 من يوليو عام 1994 وأسفرت عن مقتل 85 شخصا وجرح 300 آخرين وفى أعقاب التفجير فرّ الرضا من المنطقة قبل أن تتّهمه السلطات الأرجنتينية بلعب دور في هذا الهجوم .وخلال ثلاثين عاما تمكن من نسج شبكة واسعة بما فيه الكفاية للتهرب من السجن حيث تمكن من الاختباء بين لبنان وأمريكا اللاتينية من خلال امتلاكه هويات متنوعة وجوازات سفر متباينة الأسماء .كما نجح فى صياغة شبكة متكاملة لغسيل الاموال والاتجار بالكوكايين عبر نقل كميات كبيرة منه إلى موطنه الأصلي ” لبنان” ومنه إلى أوروبا والشرق الأوسط
الذراع الأيدلوجي تمت ترقيته عقب نجاح الهجوم حيث بات يشرف شخصياً على عمليات “حزب الله” في المنطقة .و في السنوات التي أعقبت ذلك التفجير أصبح رضا عنصراً ناشطاً في “منظّمة الجهاد الإسلامي” التابعة لـ “حزب الله”، وبرز دوره بشكل خاص فى بشكل خاص في التسعينيات لاسيما في منطقتَي جنوب شرق آسيا وأمريكا الجنوبية، وقد تضمّنت أعماله مجموعة من المهمات التنفيذية عام 1997 وثلاث زيارات إلى بنما وزيارتَين إلى كولومبيا وزيارة إلى البرازيل. وبعد اعتقال محمد أمادار في بيرو، أفادت التقارير إنه عرّف برضا على أنه منسّق في “حزب الله” عمل في السابق كمدير له؛ وقال إنه التقى به في ثلاث مناسبات مختلفة في تركيا من أجل التخطيط للعملية في بيرو.
الضلع الثاني بتفجير (آميا) هو سامر عقيل الرضا رجل أعمال من أصل لبناني يحمل الجنسية الفنزويلية والذي يدين بكثير من الفضل فى نجاحه للمنطقة الحرة في “بليز” حيث تمكن من خلال التسهيلات المالية المتاحة هناك من إنشاء شركات عدة أتاحت له تنفيذ عمليات غسيل الأموال بكل سهولة ويسر , وعلى الرغم من عدم توافر معلومات كافية حول أنشطة عقيل الاستثمارية غير أن وسائل الإعلام هناك تشير إلى أنها تنحصر فى شركات Grupo Sol, CargoYo, Excel
خيوط تورط “عقيل ” تكشفت في عام 2013 عندما قام الشرطة بضبط مستودع يحتوى على شحنات كبيرة من الكوكايين في السلفادور حينها دارت الشبهات حول الشركة التي يمتلكها في المنطقة الحرة من كوروزال ولكن تحرك السلطات الأمنية كان متأخراً بعض الشيء فقد تمكن عقيل من الفرار .
ومنذ ذلك الحين اختفى عقيل رضا من الحياة العامة ولم يسمع عنه أي شيء ملموس بمجتمع الأعمال بالرغم من أنه كان يحظى بمقعد في مجلس إدارة محافظي الوكالة التي تمثل القطاع الخاص في بليز من الفرار . لكنه مع ذلك لا يزال مستمراً في الاتصال بـ” سلمان الرضا “، رئيس شبكة مخدرات حزب الله في أمريكا اللاتينية .
الطرف الثالث في خلية حزب الله الدولية لغسيل الأموال والاتجار بالمخدرات ,عادل محمد شرى والمعروف كذلك باسم شرى حرب , ومع أنه مقر شركته ليس ضمن منطقة الحدود الثلاثية بأمريكا اللاتينية غير أن التقارير تؤشر إلى أنه على صلة بحزب الله من خلال سلمان الرضا وأنه أحد المتورطين بتفجير “آميا” فضلاً عن أن شركته والمعروفة باسم Le-Hua Electronics Field Co. تعد ملاذاً لغسل الأموال القذرة وتمويل الإرهاب تحت ستار تسويق المنتجات الإلكترونية.
وفى مايو من عام 2015 فرضت وزارة الخزينة الأميركية عقوبات على أفراد وشركات توفر الدعم المادي للقدرات العسكرية والإرهابية لـ”حزب الله” وصنّفت عميل شركة Vatech SARL فادي حسين سرحان المسؤول عن شراء المعدات لهذه الأغراض وشركته “مساهمين في دعم الإرهاب”، إضافة الى العميل عادل محمد شرّي وشركته Le-Hua Electronics Field Co. Limited. كما صنّفت شركتين أخريين يملكهما ويديرهما العميل علي زعيتر، المصنّف سابقا “إرهابياً دولياً يعمل لمصلحة حزب الله”.
وجود حزب الله في المثلث الحدودي يعود إلى الثمانينيات، عندما أنشأ خلايا مالية و لوجستية للمرة الأولى في تلك المنطقة. و لم يختر حزب الله هذه المنطقة بشكل عشوائيّ؛ بل أدرك أهميتها الإستراتيجية اللازمة لطبيعة نشاطاته السرية إذ يشكّل المثلث الحدوديّ نقطة التقاء محورية بين نهريّ إجوازو وبارانا، تغطي مساحة 965 ميلًا مربعًا، محاطة بغابة كثيفة جدًا. وفي نطاق هذا المثلث، توجد مدينة “فوز دو إيغواسو” البرازيلية، ومدينة “سيوداد ديل إيستي” الباراغوانية، ومدينة “بويرتو إجوازو” الأرجنتينية.
ولعل افتقار هذه المنطقة إلى البنية التحتية اللازمة لعدد سكانها البالغ 700 ألف نسمة، كان دافعاً لانتشاره بها إذ تعاني من صعوبة بالغة في إنفاذ القانون من قِبل أجهزة الأمن، مما أدى إلى ازدياد النشاط التجاري غير القانوني العابر للحدود، الأمر الذي أتاح لعملاء حزب الله حرية شبه مطلقة لتنفيذ مختلف النشاطات.
الاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال صار بمثابة عقيدة اقتصادية لدى الحزب لاسيما بعد خفض الاعتمادات المالية المقدمة له من إيران. مما يعني أن تلك الأنشطة المشبوهة أضحت المصدر الأساسي الذي يعتمد عليه لتمويل نفسه، ودفع رواتب مقاتليه، والتعويضات لأهالي ضحايا المعارك التي يخوضها و لم يعد مسئولا فقط عن إرسال شباب للموت في سوريا من أجل قضية ليست خاصة بهم بل أصبح كذلك ممراً لشبكة كاملة للاتجار بالمخدرات توحد أميركا اللاتينية مع الشرق الأوسط
اضف تعليق