الرئيسية » أرشيف » عمر سليمان.. عصا موسى أم ثعبان الفرعون ؟
أرشيف

عمر سليمان.. عصا موسى أم ثعبان الفرعون ؟

ينظر كثير من البسطاء المصريين، هؤلاء الذين أنهكتهم الحياة على مدار عام كامل من عمر الثورة، إلى نائب الرئيس ومدير جهاز المخابرات العامة السابق اللواء عمر سليمان، باعتباره "المخلص" أو الرجل القوي الذي يملك وحده دون غيره، القدرة على إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد.

لا يجد هؤلاء، وهم بالملايين، غضاضة في إعلان ذلك صراحة، غير عابئين بسيل الانتقادات التي أشعلت فضاءات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، احتجاجا على عودة الرجل الثاني في نظام مبارك إلى صدارة المشهد السياسي بعد الثورة، ففي نظر هؤلاء البسطاء لا تزال الثورة تراوح مكانها في موقعين وحيدين فحسب، هما فضاءات الشبكة العنكبوتية، والعديد من المسيرات والتظاهرات الغاضبة، التي توقف دورها عند حد "الشعار السياسي" من دون أن تملك قوة الفعل على أرض الواقع.

في نظر كثير من المراقبين المحليين والغربيين على حد سواء، يبدو ترشح سليمان، قبل ساعات من إغلاق اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات الرئاسية أبوابها، أشبه ما يكون بـ"العصا"، التي ألقاها المجلس العسكري لتلقف ما صنعه الإخوان المسلمون، بعد أن نقضوا عهودهم واتفاقاتهم السابقة معه، بعدم التقدم بمرشح على منصب الرئيس، فإذا بهم يتقدمون باثنين من المرشحين، الأمر الذي تسبب في إثارة مخاوف عدة، حول شكل الجمهورية الجديدة، في ظل احتمالية تحول مصر إلى نموذج الدولة الدينية، في حال نجاح الإخوان ومن خلفهم التيار السلفي في اقتناص موقع الرئيس.

مدعوماً بحالة واسعة من الإحباط واليأس العام، يخوض الرئيس السابق لجهاز المخابرات العامة في مصر معركته الانتخابية، وهي باليقين لن تكون سهلة، في ظل "عداوات تاريخية" تجمع بينه والعديد من القوى السياسية الجديدة والتقليدية على حد سواء، وفي مقدمتها قوى الإسلام السياسي مجتمعة، إذ لم تنس هذه القوى دوره البارز في قمعها والتضييق عليها، على مدار أكثر من عشرين عاما، أوكل إليه مبارك خلالها مسؤولية هذا الملف الشائك، مثلما لم تنس القوى الجديدة بعد تصريحاته التي أطلقها في بواكير الثورة، والتي اتهم فيها العديد من القوى والحركات السياسية الشابة بالعمالة للخارج، وتنفيذ أجندات أجنبية تستهدف إسقاط مصر وتقويض بنيان الدولة.

في نظر مؤيديه، ومعظمهم من العاطفيين الذين يخلطون ما بين الرجل والجهاز الوطني الذي ترأسه لسنوات طويلة، يبدو سليمان أشبه ما يكون ببطل قومي، جاء من خلف الغيم لينقذ البلاد من خطر محدق ينتظرها من الجهات الأربع في حال وصول الإسلاميين إلى الحكم، فهو الرجل الذي رفض أن يخضع لمبارك، وأذاع خطاب التنحي رغما عن أنف مبارك، وهو ما عرضه في بواكير الثورة لمحاولة اغتيال على يد ميليشيات تابعة للوريث، نجا منها بأعجوبة، وهي صورة تغاير تماما ما ترسخ في ذهن معارضيه، هؤلاء الذين لا يزالون ينظرون إليه، ليس فحسب باعتباره "الوجه الآخر" لمبارك ونظامه، ذلك الذي سعى لتدعيمه وحمايته على مدى أكثر من ثلاثين عاما، وحتى بعد سقوطه، عندما كتم "كلمة حق" في شهادته أمام القضاء، وأنكر إصدار مبارك أوامر بقتل المتظاهرين، لكن ذلك كله لا يمنع من أن سليمان قد أصبح، بالفعل، الرقم الصعب في أول انتخابات رئاسية تشهدها مصر بعد الثورة.