العنف سيد الموقف فى لبنان ..فقد شهدت الأيام القليلة الماضية تصاعداً بوتيرة العنف واستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين من قبل أفراد مدنيين يرتدون قمصان سوداء مما لايدع مجالاً للشك حول كونهم عناصر موالية لحزب الله
إذ أن التصعيد الممنهج ضد الحراك والاشتباك على هذا النحو , يبرهن على حقيقة تبدو ساطعة للعيان مفادها أن الأصابع الخفية للحزب والذى عادة مايلجأ لاستخدام القمصان السوداء عندما “تنفلت أعصابه” ولإخماد معارضيه من الأحزاب الأخرى , قد بدأت محاولاتها فى التصدى للتظاهرات بطريقتها الخاصة .
لكن المفارقة الغربية فى تلك الأحداث هو ما رأيناه من تعاطى قوات الأمن مع الموقف المشتعل والتى عوضاً عن محاولة اعتقال تلك العناصر المندسة جراء الاعتداء على المحتجين ,اكتفت بمحاولة الفصل بين الجانبين وفض الاشتباك دون التصدى لهم, ليبدو الأمر أقرب إلى مسرحية هزلية استكملت فصولها فيما بعد باعتقالات طالت صفوف المتظاهريين السلميين
انطلاقاً من معطيات الموقف الراهن ,بات ما حذرنا منه مراراً قيد التحقق على الأرض , فالمواجهات الدامية وعمليات الكر والفر والمطاردات التى شهدتها ساحات بيروت تزيد من مخاوف انزلاق لبنان نحو المزيد من العنف. إذ يتجسد مصدر القلق الأهم فى احتمالات أن تدخل البلاد إلى منعطف خطير إثر لجوء حزب الله الى حمل السلاح واستخدامه ضد المتظاهرين بما يعنى تحول مسار الحراك السلمي بشكل يسمح لقوات الأمن التصدى للمواجهات كيفما شاءت.
هنا لابد من الوقوف للحظات للإشارة إلى أن حزب الله تقع على عاتقه المسؤولية الكاملة عما سيدور فى ساحات بيروت ,حيث أنه المتحكم الرئيسي بخيوط الصراع فى البلاد ويدير المجموعات المنظمة التى ترتدى القمصان السوداء ناهيك عن سيطرته على قوات الأمن .
يضاف إلى ذلك أنه بات واضحاً أن سعد الحريرى رغم استقالته شبه الوهمية لايزال يمنح حزب الله الغطاء السياسى اللازم الذى طالما استخدمه على مرأى من الحريرى كى يستمر فى ممارسته مما يجعلنا نضع نقطة طرح اسمه مجدداً لرئاسة الحكومة اللبنانية بالرغم من تظاهره بالوقوف مع مطالب المحتجين على جناح التساؤلات لاسيما وأن إحدى المسلمات هى أن حزب الله لن يقبل مطلقاً بتشكيل الحكومة الجديدة وفق ما ترتضيه فئات الشعب .
إن آلية حزب الله فى التعاطى مع قضايا حساسة بالشأن اللبناني على غرار تسمية رئيس الحكومة بل ورئيس الجمهورية صارت معيبة ,وما من شك فى أنه لن ينحاز إلى مطالب الشعب لأنها ببساطة شديدة تتعارض مع أجنداته ,إذ تطالب جموع المحتجين بسيادة الدولة ونبذ المحاصصة والطائفية وتغليب مبدأ المواطنة فى حين تستند أركان دولة حزب الله على المذهبية وخلق وطن لخدمة أهداف إيران والنظام الملائى .
فى ضوء ذلك , من المرجح اتجاه الأوضاع نحو مزيد من التصعيد فى المرحلة المقلبة , إذا لم ينحاز الجيش وقوات الأمن لصفوف المحتجين والذى بات واضحاً أن مطالبهم هى مطالب شعبية تعبر عن كافة الطوائف, لذا يتعين على الجيش التأسيس لمرحلة انتقالية يتم من خلالها تشكيل مجلس إنقاذ وطنى وتعطيل العمل بالدستور الحالى والقفز بعيداً عن وهم التكنوقرط .
ومن دون ترجمة الطرح السابق إلى خطوات مملوسة وفى ظل انهيار الوضع الاقتصادى ووقوف لبنان على حافة الإفلاس المالى ,فإن الأمور ستدخل إلى منعطف خطير وقد تتداعى أركان الدولة وتتحول لبنان إلى سوريا أخرى لاسيما وأن فقه التوازنات الدولية والإقليمية , يقوض احتمالات الحصول على مساعدات مالية أو تدخل أى قوة لإنقاّذ البلاد فى ظل عزوف المجتمع الدولى عن تغيير النظام الإيرانى .
إذن الحلول لن تأتى من الخارج , والمعضلة لبنانية بامتياز فهى شأن داخلى محض, فضلاً عن أن التأجيل المستمر للحل السياسي قد يتحول إلى مصدر لاستفزاز الشعب والأوضاع لم تعد تحتمل المزيد من التسويف. لذا يمكن اختزال طريق الخلاص وروشتة إنقاذ البلاد فى تضافر وتلاحم الجيش وقوات الأمن مع المتظاهرين وانحياز الجميع لمصلحة الوطن. مع الإصرار على المقاطعة الكاملة لأى حكومة تحوى شخصيات محسوبة على حزب الله وميشال عون لأن استمرارهم بالمشهد يعنى تقديم غطاء شرعى لممارستهم وأن الأمورستظل تراوح مكانها ,فى حين سيفضى عزوف ساسة لبنان عن مشاركتهم فى صنع القرار إلى تعريتهم أمام الرأى العام وتحملهم لتبعات مااقترفوه لسنوات بحق الشعب .
اضف تعليق