بما أن الأوضاع في لبنان تزداد سوءا وآفاق الحل تبدو مستحيلة ، تسعى بعض الأصوات الدولية مجددا إلى طرح قضية التمييز بين حزب الله كقوة سياسية وكتنظيم مسلح .
بيد أن هذا ليس سوى مفاضلة وهمية اخترعها الأوروبيون منذ فترة طويلة لإرضاء الإيرانيين وتمكينهم من التعامل مع التشكيلات الحكومية التي تضم أعضاء من حزب الله الذى يؤكد واقعه بما لايدع مجالاً للشك أنه كيان موحد لا يمكن التفريق بين جناحيه السياسي والمسلح.
ومن أجل خدمة المصالح الإقليمية لإيران ، استخدم حزب الله الدولة اللبنانية كدرع للسماح لها بمواصلة عملياتها العسكرية والإرهابية ، بينما عمد نظام طهران ,باستمرار, إلى إضعاف مؤسسات البلاد والتى لم تتمكن من اتخاذ أو تنفيذ أي قرار بشأن الجماعة المسلحة فقد كان اعتبار الحزب نفسه بمثابة “دولة فوق الدولة” سبباً رئيسيا لانتشار الفساد في جميع أنحاء البلاد. إذ كان لا بد من تعويض القوى السياسية عن صمتها عن الوضع الخاص لحزب الله.
منذ عقود ، اتخذ حزب الله قرارات سيادية وأرغم البلاد على دفع ثمنها ، في حين أن قدرة مؤسسات الدولة على الحكم والإدارة جرى تحجيمها وتدميرها. علاوة على ذلك ، فإن المساعدات الدولية التي تطلبها الحكومات اللبنانية المتوالية تأتي دائمًا عند الحاجة لتغطية الأزمات المالية أو لإعادة بناء البلد.
لقد كانت صفقة جيدة بالنسبة للمحور الإيراني لسنوات عديدة إذ لم يعتقد حزب الله وسادته في طهران أبدًا أن المجتمع الدولي ، وخاصة دول الخليج ، ستتوقف عن الرضوخ لابتزازهم – لكنهم بنهاية المطاف قد فعلوها .
لذلك , إذا لم نتحرك بسرعة لإعداد خارطة طريق لإنقاذ لبنان ، ستندلع الفوضى والانقسام داخل المؤسسات الأمنية العسكرية والسيادية فضلاً عن الانهيار المالي الذى يعصف بالبلاد.كما لا يمكننا الانتظار حتى يتم التوصل إلى اتفاق إقليمي مع طهران ، أو قرار بين الإسرائيليين والفلسطينيين ، أو أي تغيير عالمي آخر . نحن بحاجة إلى العمل الآن لجعل الحياة أفضل للجميع – وهذا يعني اللاجئين أيضًا.
لقد حان الوقت لأن نفهم أن لبنان لم يعد كما كان الحال فى سبعينيات القرن الماضى , قبل الحرب الأهلية , منبراً للصحافة الحرة والتبادلات ثقافية , فهذا حديث قد عفا عليه الزمن , إذ أن التكنولوجيا المتقدمة والمحاور الإقليمية الجديدة سحبت البساط من تحت أقدام لبنان
باختصار , لقد سئم العالم من إنقاذنا ولن يقوم بعد الآن بتمويل خطط للتهريب والفساد. هذه المرة نحن وحدنا وليس لدينا خيار سوى الاعتماد على أنفسنا من أجل خلق لبنان جديد.
الرابط الأصلى للمقال : https://www.arabnews.com/node/1627761
اضف تعليق