الرئيسية » تقارير ودراسات » لماذا أخفق الصوت الكردي فى إقصاء ” السلطان” أوردغان ؟
تقارير ودراسات رئيسى

لماذا أخفق الصوت الكردي فى إقصاء ” السلطان” أوردغان ؟

الانتخابات التركية
الانتخابات التركية

في دولة يحكمها أوردغان ..لا يفوز غيره ” لقد فعلها السلطان  العثماني ونجح في الفوز بأغلبية مريحة وبالرغم من رهانات العديد من الدراسات على فعالية الصوت الكردي  في قلب موازين المعادلة السياسية التركية  وأنه بمثابة بيضة القبان في الانتخابات البرلمانية و الرئاسية غير أن نتائج الاستحقاق الذي جرى أول أمس تؤشر إلى إخفاق الأكراد فى تغيير المشهد بأنقرة

الأكراد صانعو الملوك فى الانتخابات التركية  فبالنظر إلى خارطة الأكراد الانتخابية نجد كتلته تقدر بنحو 18 في المئة من الأصوات أي نحو ثمانية ملايين ناخب، و يتركز معظمهم في جنوب البلاد وشرقها، فضلاً عن المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير الأمر الذى يمنحهم ثقلاً حيويا يدرك المرشحون أهمية التقرب إليه. وأفادت الاستطلاعات بأنّ 6 بالمئة منهم من ذهبت أصواتهم لصالح العدالة والتنمية، فيما صوّت 10 بالمئة منهم لصالح حزب الشعوب الديمقراطي (الكردي).النتائج أكدت صحة تلك الدراسة وتمكن حزب الشعوب الديمقراطي الذي نافس منفردًا من الحصول على 67 مقعدًا  بعد تخطي حاجز الـ10 بالمائة المطلوب لدخول البرلمان

الأرقام الأخيرة والتي أكدت تمكن أردوغان، من الحفاظ على سلطته،بل وتحسين وضعه بشكل طفيف بحصوله على حوالي 53 بالمائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، وحصد حزبه حوالي نصف الأصوات البرلمانية ,  تؤشر إلى أن أصوات الأكراد ذهبت للعدالة والتنمية أو أنها تشتت بشكل يخدم الرئيس التركي  فالأكراد منقسمون على أنفسهم دائما، ولا يصوتون ككتلة صلبة، كما أن اختفاء تنظيم pkk قد صب لصالح بعض مرشحي العدالة, إذ أن تعهدات أوردغان التى تتحدث عن نيته بخطة شاملة لحل القضية الكردية بعد الانتخابات ورفع قانون الطوارئ المعمول به منذ الانقلاب العسكري الفاشل قبل عامين استقطبت العديد من الأصوات الكردية . حيث يتذكر المدافعون عن أوردغان”  أنه اول رئيس تركي يشرع في إجراء محادثات مباشرة مع حزب العمال الكردستاني، وهي المحادثات التي انهارت في عام 2015 وسط تبادل الاتهامات المتبادلة. وهم يصرون على أن الفوز الانتخابي السلس سيسمح لـ”أردوغان” بتخفيف قبضته واستئناف محادثات السلام التي تم التوصل إليها برعاية حزب الشعب الديمقراطي مع المتمردين.

ومنذ تسلم حزب العدالة والتنمية الحكم في عام 2002، اعتاد الأكراد على التصويت إما لمصلحة الهوية القومية الكردية أو للهوية الإسلامية المتمثلة بحزب العدالة والتنمية والذى يملك قاعدة قوية لدى الأكراد خاصة بالمناطق الريفية، المحافظين في الغالب، وينتمي معظمهم إلى عشائر كبيرة. وقد مال هؤلاء إلى جانب الحكومة التركية في صراعها ضد حزب العمال الكردستاني أو تنظيم “بي كا كا”، خاصة منذ عام 2015  لأذلك  بدت فُرص “ديمرتاش” مرشح حزب الشعوب الديمقراطي ضئيلةً لاعتلاء عرش السيادة في تركيا، لأن الانتخابات البرلمانية التي أُجريت عام 2015 كشفت أن 20 بالمئة من أصوات حزب العدالة والتنمية مصدرها الأكراد المحافظون، وبالتالي لن يُحظى إلا بعددٍ قليل من أصوات الناخبين الكرد

نسبة كبيرة من الناخبين الأكراد أيدت الاستفتاء على التعديلات الدستورية في أبريل/نيسان 2017،  وصوتت ديار بكر “عاصمة المدن الكردية في تركيا” لصالح  التعديلات الدستورية.وعزا المحللون ذلك حينها إلى أن المدن ذات الغالبية الكردية بحاجة إلى الاستقرار الذي حصلت عليه خلال عملية السلام -وقف إطلاق النار والمفاوضات بين الدولة التركية و”بي كا كا” التي استمرت بين عامي 2012 و2015 – مع الأخذ بعين الاعتبار فقدان كثير من الأكراد الأمل بحزب الشعوب الديمقراطي، بعد دخول عدد من زعمائه السجن ولعل ذلك يرجح أيضا احتمال توجه أصوات تلك الكتلة إلى حزب أوردغان فى الانتخابات الأخيرة .

كما أن الأكراد بطبيعة الحال  ونظراً للعلاقة الشائكة مع ميرال أكشنار لم يمنحوا حزب الخير  صوتاً وحداً إذ ينظرون إليه  على أنه حزب قومي متطرف شأنه شأن حزب الحركة القومية بزعامة دولت باهجلي، فضلاً عن أن الأكراد يتذكرون بأسف شديد ما تعرضوا له خلال فترة تسلم أكشينار منصب وزارة الداخلية منتصف تسعينات القرن الماضي التى تعرف بالحقبة السوداء، كما أنهم يحملون حزب الشعب الجمهوري مسؤولية سجن عدد كبير من نوابه بسبب تأييده لقانون رفع الحصانة عن النواب في البرلمان. أما الأكراد اليساريون، فيدعمون تاريخياً الأحزاب القومية الكردية، التي أغلقت الحكومات التركية عدداً منها منذ تسعينيات القرن الماضي. وتبني هذه الأحزاب برامجها، في الغالب، على المطالبة باللامركزية وإزالة المرجعية العِرقية من الدستور

أرودغان نجح مرة أخرى في استغلال  الورقة الكردية، بعد أن سبق ونجح في ذلك خلال الانتخابات البرلمانية عام 2015، خاصةً في ظل المسار التصاعدي للحزب الحاكم في المدن الكردية والحساسية العالية التي يبديها المسؤولون الأتراك تجاه الشعب الكردي والذي تُوج بمنح وعود  تتعلق بامتيازات اقتصادية في مناطقهم، فضلاً عن تحسين الخدمات، ، وقد صب كل ذلك فى مصلحة مرشح حزب العدالة والتنمية ضد ستةِ منافسين معارضين أخفقوا فى التوصل لصيغةٍ واحدة لمواجهة خصمهم العنيد .

فوز أردوغان سيجعله متحكماً في المشهد التركي لسنوات وربما لعقود مقبلة  فى حين ستظل قضية الأكراد كما هى وقد يعاود التفاوض معهم، لكن فى كل الأحوال يبقى التمثيل الكردى شوكة فى ظهره حيث أحبط  حزب الشعوب الديمقراطي “خطة أردوغان لمنعه من تجاوز الحد الأدنى” وأضحى ثاني أكبر حزب معارض في البرلمان بعد الشعب الجمهوري