دعا المجلس الأعلى للدولة في ليبيا وزارة الدفاع ورئاسة الأركان بحكومة الوفاق الوطني المقيمة في طرابلس والتي يقودها فايز السراج إلى “رص الصفوف ونبذ الخلافات لمواجهة الانقلاب العسكري”، في إشارة إلى العمليات العسكرية في منطقة الهلال النفطي التي شنتها، مؤخرا، قوات الجيش الموالية لمجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق (شرق).
وتواجه حكومة السراج عجزا حقيقيا في قيادة البلاد ونقلها إلى حالة من السلم، لم تشفع لها فيه ما حصلت عليه من شرعية دولية بموجب اتفاق الصخيرات المغربية.
وجعل هذا العجز المتنامي في أداء المهام الموكلة إليها بموجب اتفاق الصخيرات العديد من الدول الغربية بوارد مراجعة موقفها من هذه الحكومة لأن هذه الدول كما يقول مراقبون ليست مستعدة لانتظار الى ما لا نهاية وهي ترى الوضع في ليبيا ينهار من سيء الى أسوأ بما يهدد مصالحها بشكل شديد الخطورة.
ويطالب بعض هذه الدول الغربية بالمزيد من الانفتاح على معارضيها في الشرق الليبي لأنها لن تستطيع أداء مهامها دون ان تعترف بأن من يرفضونها هناك هم رقم صعب ويستحيل تجاوزه.
لكن حكومة السراج يبدو انها لا تسمع ولا تقرأ الواقع جيدا وي مصرة على تصعيد خطر يهدد بمزيد تفتيت ليبيا.
وطالب المجلس عبر بيان متلفز تلاه نائب رئيس المجلس صالح المخزوم من مقره في العاصمة الليبية طرابلس، القوات التابعة لرئاسة الأركان ووزارة الدفاع بـ”حكومة الوفاق” إلى “تأمين المناطق الواقعة تحت سيطرة المجلس الرئاسي، وعلى رأسها العاصمة طرابلس، ورصِ الصفوف من أجل مواجهة الانقلاب العسكري”.
وأضاف البيان “المجلس الأعلى يعتزم ممارسة الصلاحيات التشريعية كاملة، وفق مواد الاتفاق السياسي (الصخيرات)، وندعو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الى تقديم الدعم الكامل لممارسة المجلس الأعلى لمهامه التشريعية”.
كما دعا المجلس الرئاسي إلى “تشكيل حكومته والإعلان عنها بالتشاور مع أعضاء المجلس الأعلى للدولة وأعضاء مجلس النواب (في طبرق) الموافقين على الاتفاق السياسي”.
وحمل البيان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وممثله بالمجلس الرئاسي “المسؤولية كاملة عما وصل إليه الوضع السياسي في ليبيا برفضهم العمل وفق بنود الاتفاق السياسي”، حسب البيان.
كما طالب بضرورة “محاسبة رئيس مجلس النواب على توفير الدعم لمساعي (خليفة) حفتر (قائد الجيش الموالي للمجلس) الانقلابية”، مطالبا “البعثة الأممية (برئاسة مارتن كوبلر) بوقف الاتصال مع رئيس مجلس النواب والأعضاء الرافضين للاتفاق السياسي واعتبارهم معرقلين للاتفاق”.
وأعلن المجلس رفضه “كلّ الدعوات التي تحاول فتح مسار تفاوضي جديد بين المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ومجلس النواب”.
وشدد المجلس على أنه “يتمسك بخيار السلام ويرفض فتح جبهات جديدة للحرب في منطقة الهلال النفطي ومناطق أخرى” لافتا إلى أنه “لا مجال لكسب الوقت عبر العمليات العسكرية وفرض الأمر الواقع”.
و”المجلس الاعلى للدولة” يضم أعضاء المؤتمر الوطني العام السابق، وهو أحد المكونات الثلاث المنبثقة عن الاتفاق السياسي (مجلس النواب، المجلس الأعلى للدولة، المجلس الرئاسي).
وسيطرت قوات المشير خليفة حفتر على منطقة الهلال النفطي (شرقي البلاد)، قبل نحو أسبوعين، وقوبلت الخطوة باستنكار دولي واسع.
وقال القائد العسكري الليبي البارز إن الجيش الليبي لم يقدم على خطوة ما أسماها بتحرير الهلال النفطي إلى بعد أن تيقن من عجز حكومة السراج والمجلس الرئاسي في مواجهة عصابات من يسمون بحرس المنشآت الذين أخذوا النفط الليبي رهينة لهم بينما بقيت جماعة السراج تتفرج على ذلك وعاجزة عن الوفاء بمهمة إعادة حقول النفط ليستفيد منه جميع الليبيين.
وتضم منطقة الهلال النفطي أربع موانئ نفطية (الزويتينة والبريقة وراس لانوف والسدرة)، وتقع بين مدينتي بنغازي (ألف كلم شرق طرابلس) وسرت (450 كلم شرق طرابلس)، وتحوي حقولا نفطية يمثل إنتاجها نحو 60% من صادرات ليبيا النفطية إلى الخارج.
وعقب سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، دخلت ليبيا في مرحلة من الانقسام السياسي تمخض عنها وجود حكومتين وبرلمانيين وجيشين متنافسين في طرابلس غربا، ومدينتي طبرق والبيضاء شرقا.
ورغم مساعٍ أممية لإنهاء هذا الانقسام عبر حوار ليبي جرى في مدينة الصخيرات المغربية وتمخض عنه توقيع اتفاق في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، انبثقت عنه حكومة وحدة وطنية (حكومة الوفاق الوطني) باشرت مهامها من العاصمة طرابلس أواخر مارس/آذار الماضي، إلا أنها لا تزال تواجه رفضا من الحكومة والبرلمان اللذين يعملان شرقي البلاد.
ورفض مجلس النواب منح الثقة لحكومة السراج في آب/أغسطس بــ61 صوتا وامتناع 39 عن التصويت فيما منح عضو واحد صوته للحكومة من أصل 101 عضوا شاركوا بالجلسة من أصل 200 عضو.
اضف تعليق