الرئيسية » أرشيف » مرشدان ومنطقة واحدة علاقة إيران بالإخوان من الغرام إلى الانتقام
أرشيف

مرشدان ومنطقة واحدة
علاقة إيران بالإخوان من الغرام إلى الانتقام

تقرير: مصطفى بركات

العلاقة المتوترة بين مصر وإيران منذ عقود، ظن البعض أن انفراجة وشيكة قد لوحت في أفقها عقب وصول رئيس محسوب على  التيار الإسلامي لحكم البلاد،  خاصة أن هذا الرئيس وهو الدكتور محمد مرسي، مرشح جماعة الإخوان المسلمين التي ترتبط بعلاقات غرامية منذ عقود مع الإدارة الإيرانية.. سرعان ما تبدلت هذه العلاقة من الغرام إلى الانتقام، كما أكد مصدر عسكري عربي رفيع المستوي لـ"الوطن العربي"،  حيث أكد لنا أن حادث الحدود الذي وقع بمنطقة رفح المصرية وراح ضحيته عدد من جنود الجيش المصري، تم تنفيذه بأيد مجموعة من حركة الجهاد الفلسطينية والتي تمتلك كوادر وقواعد بالداخل المصري فى شبه جزيرة سيناء، وأن من مول هذه العملية وأشرف على الإعداد لها هو جهاز المخابرات الإيرانية وبإشراف مجموعة من ضباط الحرس الثوري الإيراني، المنتشرين بالمنطقة منذ اندلاع الثورة السورية.

وحول أسباب قيام طهران بتمويل هذه العملية؟ أكد مصدرنا أن الهدف الأساسي من هذه العلمية هو تأديب حركة حماس، التي أعلنت انقلابها على الرئيس السوري بشار الأسد وقفزت من قاربه الغارق، وارتمت في أحضان قطر وجماعة الإخوان.. علاوة على محاولة توريط الرئيس المصري في مناوشات داخلية مع معارضيه بسبب قراراته المتعاطفة مع حركة حماس والمتعلقة بفتح الحدود مع قطاع غزة وإلغاء التأشيرات.

وطبقاً لمصدر "الوطن العربي" قد أقدمت إيران على هذه الخطوة -حادث رفح – بعد شعورها بخيبة الأمل من تحسن العلاقات المصرية – الإيرانية، فى ظل وصول حلفاء الأمس -الإخوان- إلى سدة الحكم ، وهو الأمر الذي استشعرته إيران عقب تكذيب الرئيس المصري للحديث الذي أذاعته وكالة "فارس الإيرانية" وادعت أنه حوار خاص مع الرئيس المصري، ومن بعدها تكذيب الرئاسة المصرية لما روجته إيران حول زيارة مرسي لطهران، وأخيراً تفضيل مرسي أن تكون زيارته الأولى للسعودية وكلمته الشهيرة التي أعقبت هذه الزيارة حينما قال: "السعودية ومصر حاميتان الإسلام السني".

المذهب السني والشيعي
وحول هذا الأمر قال الدكتور عمار على حسن الباحث فى الحركات الإسلامية، "المنطقة لن تستوعب مرشدين -على خامنئ، ومحمد بديع – خلال الفترة الماضية كان التوافق بين الطرفين مجرد توافق وقتي جمع بينهما ولعبة مصالح، بمعنى أن إيران دولة تتبنى الحديث بالإسلام ومفروض عليها قيود، والجماعة -الإخوان – تدافع عن الدين ومفروض عليها الحظر والقمع.. لكن مع اختلاف الوضع الآن لابد أن تعاد الحسابات، فليس هناك فرصة لتعاون -سني شيعي- بين الطرفين، ولابد هنا أن نتذكر أن العلاقات بين جماعة الإخوان المسلمين والدولة الفارسية، شهدت على مدار التاريخ هبوطا وصعوداً، خاصة في أعقاب الثورة الإسلامية التي اندلعت في إيران عام 1979، إذ أعرب الإخوان حينها عن تأييدهم المتحفظ للثورة، غير أنه في أعقاب اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات عام 1981، بدأ الإخوان المسلمون في توجيه سهام النقد اللاذع للدولة الفارسية، فخلال هذه الفترة قال المرشد العام للجماعة في القاهرة عمر التلمساني: "لقد أيدنا الثورة الإسلامية في طهران عندما حررت الإيرانيين من سلطان جائر، غير أنه ينبغي التأكيد على أن المذهب الشيعي شيء، والمذهب السني شيء آخر".

النفوذ الإقليمي
بعيداً عن الصراعات الأيديولوجية، يري الدكتور رفعت السعيد، أن العلاقات بين الإخوان وإيران، لن يغلفها التوافق خلال الفترة القادمة كما يتمنى البعض، خاصة في ظل بحث الطرفان عن النفوذ الإقليمي، فمصر العائدة تحت حكم الإخوان، بما تمتلكه كدولة قوية يحكمها فصيل إسلامي له جذور وفروع بجميع دول المنطقة لن يقبل أن يكون تابعا لدولة من وجهة نظره حديثة العهد بحسابات زمن الثورات.

في المقابل إيران لن ترضي أن تتراجع عن المساحة الإقليمية التي اكتسبتها خلال الفترة الماضية في ظل غياب الدور الخارجي المصري وتمدد النفوذ الشيعي بالمنطقة ..بمعنى أدق لن يتنازل أحفاد البنا عن حلمهم في أستاذية العالم طبقا لأدبيات مؤسس الجماعة -البنا – ولن يقبل أحفاد الخومينى في التنازل عن حلمهم بمد الهلال الشيعي، ونشر أفكار دولة الملالى.

سقوط الحلفاء
من جهة أخري قال "عمر طهبوب "الخبير في قضايا منطقة الشرق الأوسط" طهران تصارع الغرق في شط العرب، معطيات المنطقة بالنسبة لها غير مبشرة، فقد أوشكت أن تفقد النظام السوري وبالفعل سقطت من يدها ورقة "حركة حماس" وبالتالي فخسارة حزب الله في لبنان آتية لا محالة في ظل حالة الطحن السياسي التي تعايشها المنطقة، كل ذلك يقابله من جهة الغرب – مصر- صعود تيار إسلام سياسي – الإخوان المسلمون – وهم الجماعة التي صنعت حماس ورسخت لفكرة المقاومة في المنطقة ولن يعد مقبولاً من طهران الحديث عن فلسطين والمقاومة في ظل وجود الإخوان، بالفعل خسارة إيران من الثورات العربية أكبر بكثير مما كانت تتخيل وفيما يتعلق بوضع علاقاته بالقاهرة تحديداً، أعتقد أن إيران لو وعت من البداية معنى صعود الإخوان وتصدرهم للمشهد السني بالمنطقة، ربما كانت عاونت حسنى مبارك على البقاء.

المنطقة يعاد ترتيبها
لا شك أن ما يحدث الآن هو إعادة ترتيب لأوراق المنطقة التي اختلطت خلال الفترة الماضية، ومن المؤكد أن عودة الدور المصري للمنطقة سوف يمثل حائط صد قوياً، لجميع القوي الأخرى الطامعة فى بسط نفوذها على منطقة الشرق الأوسط، وبات أيضاً من الواضح أن صعود جماعة الإخوان المسلمين بما تمثله من رمزية للإسلام السني، سوف يتصدي لظاهرة المد الشيعي الذي انتهجته إيران بهدف بسط نفوذها على دول المنطقة العربية.