يرتبط مصير إيران وكوريا الشمالية ارتباطا وثيقا ،فكلاهما يقف كحجر عثرة في وجه السلم والأمن الدوليين، بسبب الملف النووي، والذي يضعهما في مواجهة مستمرة مع الولايات المتحدة الأميركية ،بل إن ادارة ترامب قررت اعادة النظر في الاتفاق النووي مع ايران عام 2015، بسبب ما حققته كوريا الشمالية من تطوير في تجاربها النووية.
فما هى أبعاد التشابه والاختلاف بين التجربتين الايرانية والكورية،وكيف تعمل الولايات المتحدة الأميركية على كبح جماح سباقهما النووي،وهل ستصل الدول الكبرى إلى نتائج ايجابية فى القضاء على الصلف والغرور لدى الدولتين قبل أن يتسببا في اندلاع حرب عالمية ثالثة ؟
هذا ما طرحناه على اثنين من الخبراء الاستراتيجيين ، وهما باتريك ميسيشرن وجاكلين أوبراين ميسيشرن،في مقابلة خاصة ،تهدف لوضع اجابات مناسبة حول هذه التساؤلات وعقد مقارنة بين المسألتين(الكورية والايرانية) وتوضيح العلاقة بين طهران وبيونغ يانغ،وهذا ما اسفرت عنه الحوار .
أولا كيف تتشابه القضايا النووية بين كوريا الشمالية وإيران؟
كوريا الشمالية وإيران هما الدولتان الوحيدتان في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية – من أصل 191 دولة – وقد انتهكتا فيما بعد تعهدهما بالتخلي عن الأسلحة النووية، وقد استثمرت طهران وبيونغ يانغ كثيرا في متابعة برامجهما غير المشروعة على مدى عدة عقود، كما أن تطلعاتها النووية غير المشروعة تشكل تهديدا مماثلا للسلم والأمن الدوليين، مما دفع ببعض الاستجابات السياسية نفسها، بما في ذلك الجزاءات.
وكيف تختلفان؟
كوريا الشمالية وإيران متمايزتان، حيث أن البرنامج النووي لكوريا الشمالية أكثر تقدما بكثير، ولديها قدرة على اظهار السلاح بعد ستة تجارب نووية تعود الى عام 2006، بينما لم تختبر ايران اسلحة نووية مطلقا.
كما أن نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية يعني أن على بيونغ يانغ أن تتخلى عن الأسلحة النووية القائمة والبنية التحتية النووية.
ولكن ضمان أن البرنامج النووي الإيراني يظل وسائل سلمية حصرا تمنع البلاد من عبور العتبة النووية في المقام الأول، وباختصار، فإن التحدي الدبلوماسي مع كوريا الشمالية هو أصعب بكثير من مع إيران.
وما هى خطوات التطور في الملفين النوويين الكوري والايراني؟
وصل البرنامج النووي لكوريا الشمالية الى مستويات أزمة في اوائل التسعينيات، أي قبل عقد من الزمن، واستثمرت كوريا الشمالية في البداية في طريق البلوتونيوم إلى القنبلة، في حين ركزت إيران على تطوير تخصيب اليورانيوم، تنوعت في وقت لاحق، وطوال الوقت، ادعت الدولتان أن التهديد الامنى الوجودي كان ممكنا للتدخل العسكرى الامريكى.
وكيف تم استخدام العقوبات للحد من برامجها النووية؟
استخدمت الولايات المتحدة وشركاؤها الدوليون ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مجموعة من العقوبات الاقتصادية. يملكون:
حظر تصدير المعدات النووية والقذائف التسيارية إلى كوريا الشمالية وإيران؛
فرضت جزاءات اقتصادية واسعة النطاق وموجهة على السواء؛
إلى إجبار البلدين على اتخاذ خيار سياسي: معالجة المسألة النووية والانضمام إلى المجتمع الدولي أو مواجهة عزلة وضغط متزايدين.
لكن العقوبات الدولية لم تفرض على النظامين، وكان الهدف بدلا من ذلك هو رفع تكاليف متابعة هذه البرامج.
وتسمح معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية للموقعين بالتعاون فى مجال الطاقة النووية السلمية مقابل التعهد بعدم تطوير اسلحة نووية.
وبدءا من عام 1991 بالنسبة لكوريا الشمالية و 2002 لإيران، جاءت القضايا النووية على رأسها كأزمات كاملة، وقد قررت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ان كوريا الشمالية (1993) وايران (2005) لم تمتثلا لهذه الضمانات.
وكلاهما فقد إمكانية الوصول إلى هذا التعاون النووي، وقد أحيل كلاهما إلى مجلس الأمن الدولى لمزيد من القيود، وأبسط أشكال التقييد هو تعزيز ضوابط التصدير التي تؤثر على البرنامج النووي للدول، وفي عام 2003، أصبحت كوريا الشمالية البلد الأول والوحيد الذي يدعي أنها سحبت من معاهدة عدم الانتشار النووي.
وما هى جدوى العقوبات الاقتصادية في الحد من انتشار السلاح النووي؟
تسعى العقوبات الاقتصادية الموجهة إلى فرض تكاليف على نخبة النظام – سواء الأفراد أو المؤسسات – للحد من قدرتهم على الحصول على التكنولوجيا النووية والقذائف التسيارية.
وتفرض العقوبات الواسعة النطاق تكاليف على الاقتصاد الكلي للبلاد لخلق ضغوط سياسية داخل النظام لتغيير مسار التنمية النووية أو الصاروخية.
وتسمح العقوبات الثانوية لحكومة واحدة، مثل الولايات المتحدة، بإجبار أطراف ثالثة على الاختيار بين ممارسة الأعمال التجارية مع الشركات الأمريكية أو المؤسسة الكورية الشمالية أو الإيرانية، ويمكن أن يكون الطرف الثالث أفراد أو مؤسسات أو بلد بأكمله.
وكيف يختلف النظامان، وكيف تتشابهان؟
لكوريا الشمالية وإيران سجلا مؤسفا لحقوق الإنسان، لكن نظمهما السياسية مختلفة بشكل واضح، والجمهورية الإسلامية دولة متعددة الأعراق؛ كانت حكومته تنتجها ثورة 1979، ولها انتخابات، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي تترتب عليها عواقب سياسية، ولكن لديها أيضا مجموعة من المؤسسات الموازية القوية التي يسيطر عليها رجال الدين، مع المرشد الأعلى في الجزء العلوي من النظام السياسي.
وعلى النقيض من ذلك، فإن كوريا الشمالية بلد متجانس عرقيا يشدد على الوحدة تحت الزعيم ولا يحتاج إلى استيعاب التنوع الإثني أو الديني داخل البلد، وهو نظام شيوعي، مع اختلافه الخاص على أساس جوش، أو الاعتماد على الذات. فانتخابات كوريا الشمالية تفتقر إلى الاختيار، وتفهم بشكل أفضل على أنها احتفالات وطنية بدلا من الفرص للتعبير عن رأي سياسي.
الجمهورية الإسلامية تتصدى للاحتجاجات،كما أن انتهاكات إيران لحقوق الإنسان شديدة، لكن كوريا الشمالية هي أمر وأسوأ، وهي لا تسمح للمجتمع المدني بالوجود،وإذا كانت إيران هي دولة معاصرة للإرهاب، في حين أن كوريا الشمالية هي دولة تاريخية مؤصلة للإرهاب.
كما أن إيران هي ثيوقراطية، متجذرة في تفسير دين عالمي كبير، وتتعهد بتعاليم “الشهداء” الذين يموتون القتال من أجل النظام،ولا يمكن لكوريا الشمالية أن تعد بمكافآت في فترة ما بعد الحياة، كما أنها تقمع الدين، ولكنها تعتمد على قومية مكثفة متأصلة في الاعتقاد بالتفوق العنصري.
اضف تعليق