الرئيسية » رئيسى » هواوي ..أبعاد حرب التكنولوجيا الباردة
تقارير ودراسات رئيسى

هواوي ..أبعاد حرب التكنولوجيا الباردة

كان 2018 هو العام الذي بدأت به الحرب الباردة التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين, وقد يكون 2019 هو العام الذي يقسم نظام التكنولوجيا العالمي إلى مجالات تأثير متميزة.

حرب التكنولوجيا الباردة  , فك الارتباط ,الاعتمادية المتبادلة . مهما كانت التسمية ، فإن العلاقة بين الولايات المتحدة والصين في مجال  العلوم والتكنولوجيا يجري تجديدها بعنف. فعلى الرغم من أن نظامي الولايات المتحدة والصين على الصعيد  التكنولوجي ارتبطا بشكل وثيق  على مدى العقدين الماضيين ، غير أن ثمة قلق واسع النطاق على جانبي المحيط الهادئ من أن المخاطر الاقتصادية والأمنية قد تفوق المكاسب. حيث  تبنى الرئيس شي جين بينغ سياسات متسارعة  لزيادة الابتكار في الاقتصاد الصيني وتقليل الاعتماد على الموردين الأجانب , فى المقابل وضعت إدارة ترامب سياسات التكنولوجيا الصينية في مقدمة المخاطر على الأمن الاقتصادي والوطني الأمريكي. وقد تكون النتيجة النهائية لهذا السباق  نظامين متميزين للتكنولوجيا ، مع اضطرار البلدان الأخرى إلى الاختيار ما إذا كانت ستدرج المنصات والمعايير التكنولوجية الأمريكية أو الصينية.

وعلى مدار العام الماضي ، ضغطت إدارة ترامب على بكين للتراجع عن استراتيجية “صنع في الصين 2025” التي تهدف من خلالها لتطوير القطاع الصناعي بالجهود الذاتية من عدة جوانب تركز في مجملها على الصناعات المتقدمة والتكنولوجية العالية وعملت على منع تدفق التكنولوجيا الأمريكية إلى الصين.عبر إقرار الكونغرس قانون تحديث مراجعة مخاطر الاستثمار الأجنبي ، الذي يوسع اختصاصات لجنة الاستثمار الأجنبي و قدرة الولايات المتحدة على التحقيق في الاستثمار الأجنبي في “التكنولوجيات الحساسة” ، ومن المتوقع أن تقوم وزارة التجارة بإدخال ضوابط تصدير جديدة على “القواعد الناشئة والوطنية”. وفي تشرين الثاني / نوفمبر 2018 ، أعلن المدعي العام جيف سيغيس عن مبادرة لتحديد حالات سرقة التجارة الصينية ذات الأولوية وتقييم ما إذا كانت السلطات التشريعية والإدارية الإضافية ستكون مطلوبة لحماية الأصول الأمريكية من التجسس الاقتصادي الأجنبي. كما أدانت وزارة العدل اثنين من المتسللين المزعومين من وزارة أمن الدولة في كانون الأول / ديسمبر 2018  لسرقة مستندات سرية  خاصة بالأعمال المصرفية والمالية والاتصالات السلكية واللاسلكية والرعاية الصحية والطاقة وصناعات السيارات.

في قلب تلك  الحرب الباردة الجديدة  تقع شركة هواوي الصينية  حيث يعد إدخال تقنية شبكات الجيل الخامس 5G ، التي تقدمها الشركة أولوية قصوى وأنفقت بشكل كبير على البحث والتطوير وعلى تسويق أجهزة 5G الخاصة بها..مما أثار مخاوف واشنطن والتي تتمحور  بشكل أساسي حول وجود مخاطر تتعلق بالأمن السيبراني، مرتبطة بالأجهزة ذات المنشأ الصيني , وبينما لم يسبق للمسؤولين الأمريكيين تقديم أدلة  على انتهاك أجهزة هواوى لقضايا الأمن القومي   ، تحذر الإدارة الأميركية  من أن السماح للشركة بالتدخل في بناء شبكات الجيل الخامس يزيد من المخاطر الأمنية التي لا يمكن السيطرة عليها ، وقد. في يناير ، بعد التدقيق من جانب المنظمين الأمريكيين ، انسحبت شركة AT & T من صفقة لبيع هواتف هواوى الذكية في الولايات المتحدة. واقترحت لجنة الاتصالات الفيدرالية أن تجعل من الصعب على شركات الطيران الأصغر استخدام صندوق الخدمة الشاملة لدفع تكاليف عمليات الشراء المستقبلية لمعدات الاتصالات من هواوى. كما وقع الرئيس  ترامب في أغسطس ، مشروع قانون يحظر بموجبه على المؤسسات الحكومية الأمريكية بشكل رسمى من شراء أو استخدام منتجات اتصالات سلكية ولاسلكية ومراقبة تم تصنيعها فى شركات تقنية صينية.

ومارست  واشنطن ضغوطاً متزايدة على الشركة من خلال حلفائها, ففي أغسطس ، منعت أستراليا استيراد  معدات من الشركة، تخص شبكات الجيل الخامس للمحمول  , كما رفضت حكومة نيوزيلندا , فى نوفمبر ,مقترح الاتصالات المحلية لاستخدام معدات هواوى في ترقية شبكة 5G الخاصة بها.  ودخلت بريطانيا دائرة الصراع في ديسمبر حيث  أعلنت شركة اتصالات بريطانية كبرى أنها ستقوم بإزالة معدات هواوي ، وقد أشار مسؤولو الاستخبارات البريطانية إلى وجود خلل  أمني فى برنامج الشركة الصينية . وأفادت تقارير أن كندا وجمهورية التشيك وألمانيا والهند واليابان تفكر في حظر أجهزة هواوى بزعم تعزيز دفاعاتها فى مواجهة تسرب المعلومات .

على الرغم من عدم ارتباط اعتقالها بشكل مباشر بمخاوف أمن الإنترنت الخاصة ، إلا أن احتجاز “منج وانزو” المديرة المالية لشركة هواوي في كندا لاشتباه في انتهاكها للعقوبات التجارية المفروضة على إيران أشعل المزيد من التوتر حول الشركة .

واعترضت أستراليا على اختيار جزر سليمان شركة هواوي الصينية لمد كابل اتصالات بحري طوله 4000 كم إلى أستراليا، ورفضت هبوطه أراضيها لأن المخابرات الأسترالية تعتبر ذلك اختراق لشبكات المعلومات الخاصة بها  وتدخلت الحكومة في نهاية المطاف وتحملت تكلفة الجزء الأكبر من البنية التحتية للكابل  لإبقاء هواوي خارجها. ولم تفلح الجهود التى بذلتها الولايات المتحدة  وأستراليا واليابان  في منع “هواوي ” من استكمال بناء شبكة الإنترنت في بابوا غينيا الجديدة وقال وزير الاستثمار في بابوا “ويليام دوما” إن بلاده باعتبارها اقتصاداً نامياً لا يمكنها التخلي عن مشروع انتهى أكثر من نصفه.وأضاف “دوما” أنه يدرك قلق أستراليا والولايات المتحدة الخاص بالأمن السيبراني لكن هذا الأمر مقلق للاعبين الكبار فقط.

نهاية سباق الجيل الخامس لا تزال بعيدة , وربما يطول أمدها لسنوات ,  وبينما تحتل الشركات الأمريكية مكانة قوية في براءات الاختراع والتطوير التكنولوجي. فإن شركات الاتصالات الصينية  تعمل على تطوير التقنيات التنافسية بسرعة ، وتستفيد من الدعم الحكومي في تنفيذ خدمات 5G ، وغالبا ما تقدم منتجاتها بأسعار أرخص من منافسيها بنسبة تتراوح بين عشرين وثلاثين بالمائة. لذا فإن التحدي الذي تواجهه واشنطن يتمثل  في خلق بيئة تدعم الابتكار فى الداخل و وإيجاد نهج مشترك لتعزيز أمن الجيل الخامس مع حلفائها.

لهذا من المرجح أن ترتفع حدة المنافسة في عام 2019 ، وتبدو النتيجة النهائية على نحو متزايد وكأنها بمثابة مناطق منفصلة للتأثير التكنولوجي.

المصدر : تقرير آدم سيغال – منظمة   Council on Foreign Relations