كشف متمرد سوري من المعارضة المسلحة عن وثائق سرية لتنظيم داعش، تظهر تعرضه لضغوطات كبيرة، تتعلق بالأموال والإجازات وانخراط الجواسيس بين مقاتليه، إلى جانب الشجار بين أعضائه.
واستولى على هذه الوثائق جماعة سورية معارضة، قرب دمشق، وهي مختومة بختم التنظيم الرسمي، وتظهر الرواتب التي يدفعها داعش لمقاتليه، بالدولار، وتؤكد ما كشف عنه منشقون سابقون عن طبيعة العمل داخل هذه المنظمة الإرهابية، ومحاولة قياداتها السيطرة على جميع التفاصيل، من طلب مصادرة الأسلحة أثناء القتال، حتى الوقت المخصص للإجازة، بحسب ما أفادت صحيفة “دايلي بيست” الأميركية، الثلاثاء.
وتشارك الملفات المتحدث الإعلامي لكتيبة “أحمد عبده”، ماهر الحمدان، الذي أكد الحصول عليها قرب جثة القائد العسكري في داعش، أبو علي العراقي، الذي قتل في 8 يونيو(حزيران) 2016، في قتال بين الكتيبة والإرهابيين، قرب الحدود السورية الأردنية.
وتركز الوثائق على ردود بين مسؤولي داعش، وتشكل حرجاً بالنسبة لمنظمة تدعي أنها “باقية وتتمدد”، رغم الخسائر الفظيعة التي تتكبدها على مدار ما يقارب الثلاثة أعوام، في سوريا والعراق.
على سبيل المثال، تأتي إحدى الرسائل موجهة إلى “والي”(أو حاكم) ولاية دمشق، وتعلمه بفشل واضح لمكافحة عمليات تجسس في مدينة ضمير، الواقعة على بعد 40 كيلومتراً تقريباً شمال شرق العاصمة السورية.
وتشير الرسالة إلى أنه كان ينتظر من أبو حذيفة الغوطاني شن هجوم ضد كتيبة أحمد عبده(وتظهر في رسائل داعش باسم الصحوات)، إلا أن الغوطاني كان عميلاً مزدوجاً، ويصفه التنظيم في وثائقه بـ “المرتد”، لأنه “جمع قادة داعش العسكريين داخل المنطقة بحجة العمل العسكري والأمني ضد الصحوات، بينما كان ينسّق مع هؤلاء المقاتلين سراً، ليتمكنوا من قتل قادة داعش باستخدام الألغام والمتفجرات التي وضعها في مكان الاجتماع”.
وتضيف الرسالة أن أبو حذيفة هرب إلى موقع الصحوات، في الليلة نفسها، وسرق 6500 دولار أميركي، وكاميرا، ومتفجرات بلاستيكية، ودوائر كهربائية، ومسدس عيار 8.5 ملم، وبندقيتان روسيتان، 1500 طلقة روسية، و7 قنابل يدوية.
عندما علم أبو اليمن “ضابط الأمن العام” لدى داعش في ولاية دمشق، بالخرق الذي حصل، قام بتعطيل الإمداد المالية واللوجستية لداعش لـ “بقية ضباط الأمن في المنطقة”، عندها أنهى بقية “الأخوة” العملية بقدرات بسيطة التي كانت متاحة لهم، بحسب الوثيقة، ما سمح بقتل عنصر واحد فقط من كتيبة أحمد عبده، وإصابة آخرين.
ويشكل هذا الفشل الاستخباراتي لداعش نقطة جديرة بالملاحظة، حيث يفترض أن تكون الخلايا النائمة والجواسيس من أهم نقاط القوة القتالية للتنظيم، حيث استغلهم بشكل كبيرة للسيطرة على الأراضي التي تمكن منها في وقت قصير، بين عامي 2013 و2014.
ويرى الباحث السوري المختص في تجميع وتحليل الوثائق المسربة لداعش، أيمن جواد التميمي، أن هذه الرسائل أصلية، وتكشف عن معلومات أمنية هامة تخص التنظيم، وتؤكد وجود متاعب داخلية أمنية في صفوفه.
ولا يشكل الفشل الاستخباراتي النقطة الوحيدة الدلة على زعزعة صفوف التنظيم، حيث تنتهي إحدى الرسائل غير الموقعة بالقول: “يرفع (الأخوة) العاملين في الأمن مظالمهم بشأن الرواتب المستحقة لهم أثناء عملهم”.
وفي أخرى تظهر الرواتب التي كان يحصل عليها “الأخوة”، ففي أغسطس (آب) الماضي، كان راتب “أبو مسلم المهاجر” 50 دولاراً أميركياً فقط في الشهر، إلى جانب 50 دولاراً أخرى عن زوجته. ويشمل الطلب المقدم للأموال المستحقة أيضاً أي شخص يكفله المقاتل، مثل والديه، و”سباياه”، كما يأخذ تعويضاً في العيد، بعد تعبئة الطلبات المخصصة للأمر.
وتظهر وثائق أخرى طلب المقاتلين أخذ عطلة، حيث يرفق الطلب بتحذير “يجب على الأخوة أن يتحروا الدقة في التواريخ التي يطلبون فيها الإجازة، وإلا سيتعرضون للمساءلة وفقاً للشريعة”.
وتبيّن وثيقة أخرى كتابة الدكتور أبو شام، وهو كاتب في محكمة، رسالة لنائب وزارة العدل التابعة لداعش، أبو العباس الجزراوي، يشرح له فيها سبب وجود العديد من المساجين في سجن واحد في ولاية دمشق. حيث يكتب: “ثلاثة أرباع هؤلاء المساجين احتجزوا لمدة ساعات فقط”، مضيفاً: “الشهر الماضي، لم يحتجز أحدهم أكثر من أسبوع، سوى الأشخاص الثلاثة المذكورين في نهاية القائمة، وفيما أكتب إليك هذه الرسالة، لا يوجد أحد في السجن”.
وأخيراً، الأدلة واضحة على أن كل شيء ليس جيداً في “أرض الخلافة”، حيث يظهر ازدياد الشكاوى من المقاتلين في ظل تقاعس “السلطات” الداعشية عن القيام بدورها المزعوم.
اضف تعليق