لايمكن عقد أى آمال على فوز الإصلاحي مسعود بيزشكيان الداعي إلى الانفتاح على الغرب، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسيّة الإيرانيّة أمام المرشّح المحافظ المتشدّد سعيد جليلي فيما يتعلق بسياسة النظام وسلوكه , كمان أن لايمكن توقع حدوث اضطرابات شديدة في الجهاز الإداري والتنفيذي في إيران.
فعلى الرغم من أن المنصب الرئاسي يشكل عنصراً بالغ الأهمية في هيكل السلطة في إيران، فإن السيطرة الحقيقية، وخاصة على البيروقراطية والقضايا الوطنية الكبرى، تقع إلى حد كبير في يد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. باعتباره أعلى سلطة في إيران بموجب التصميم الدستوري، يتمتع المرشد الأعلى بنفوذ كبير. فهو لا يضع الأجندة الوطنية ويشرف على السلطة القضائية والقوات المسلحة فحسب، بل يضمن أيضًا أن يتم فحص المرشحين للمناصب التنفيذية، خاصة في الوزارات الأساسية مثل الاستخبارات والداخلية والدفاع والشؤون الخارجية، من قبل مكتبه أولاً. إن مركزية السلطة في أيدي المرشد الأعلى تضمن بقاء الجهاز الإداري في إيران مستقرًا وفعالاً.
بما يعنى أن صلاحيات الرئيس في إيران محدودة إذ تقع المسؤولية الأولى في الحكم في الجمهورية الإسلامية على عاتق المرشد الأعلى الذي يُعتبر رأس الدولة. أما الرئيس فهو مسؤول على رأس حكومته عن تطبيق الخطوط السياسية العريضة التي يضعها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. فضلاص عن أنه داخليًا، لا يزال البرلمان الإيراني تحت سيطرة المحافظين المتشددين، كما أن المرشد الأعلى آية الله على خامنئي يحتفظ بالكلمة الأخيرة في جميع القضايا المهمة.
يضاف إلى ذلك أنه على الرغم من الاختلافات الواضحة بينهم، إلا أن هناك عناصر مشتركة بين الاصلاحيين والمحافظين قد تكون أكثر أهمية في السياسة الإيرانية. على سبيل المثال، يشترك الطرفان في الالتزام بالنظام الإسلامي والدعوة إلى حمايته وتقويته. أى أنه من الناحية السياسية، يمكن أن تكون الاختلافات بين الاصلاحيين والمحافظين ذات أهمية كبيرة في الشكل، ولكن في الجوهر، يتفق كل منهم على الحفاظ على النظام السياسي الحالي.
ووفقا لتصريحات بازشكيان نفسه الأخيرة فإن خامنئي يحدد السياسات العامة للدولة، بما في ذلك السياسة الخارجية، ويجب على الحكومة أن تتماشى مع هذه التوجيهات.وبالتالى لا يمكن انتظار اى تاثيرات إقليمية ودولية بصعود رئيس من التيار المعتدل إلاإذا توافق ذلك مع إرادة سياسية أكبر في طهران.
على سبيل المثال ربما يفضى صعود رئيس إصلاحى إلى نوع من التفاهم مع الغرب من شأنه أن يجلب بعض الانفراج الاقتصادي منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018، وسعت إيران برنامجها النووي بشكل تدريجي.
وتشير التقديرات الأمريكية الحالية إلى أن الوقت اللازم لإيران لتجميع ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية واحدة انخفض من عام كامل إلى “أسابيع أو أقل”. وفي هذا السياق، صرح “بزشكيان”، خلال حملته الانتخابية، بأنه سيتفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة لرفع العقوبات التي ألحقت أضرارًا فادحة بالاقتصاد الإيراني.
إجمالا الإصلاحيون والمحافظون وجهان لعملة واحدة حتى لو كان هناك تغيرات في التكتيكات والأساليب بينهما ، بيدأن السياسة الإيرانية العامة تظل واحدة حتى وإن اختلفت أداة تنفيذها .
اضف تعليق