وافق الاتحاد الأوروبي على تقديم معونة لإيران قدرها 18 مليون يورو (20.6 مليون دولار) أمس الخميس، تشمل مساعدات للقطاع الخاص للمساهمة في تحمل أثر العقوبات الأميركية وإنقاذ اتفاق 2015 الذي تكبح بموجبه طهران طموحاتها النووية.
ويأتي ذلك في إطار جهود عالية المستوى يبذلها الاتحاد الأوروبي لدعم الاتفاق النووي، الذي انسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو/أيار.
ويعد أيضا جزءا من حزمة أوسع بنحو 50 مليون يورو خصصها الاتحاد لإيران في ميزانيته، إلا أن طهران اشتكت مرارا من أن الاتحاد لا يفعل ما يكفي لضمان عدم انهيار الاتفاق النووي.
والميزانية التي خصصها الاتحاد الأوروبي لمساعدة إيران لتخفيف اثر العقوبات الأميركية على الاقتصاد الإيراني قد لا تكفي لإنقاذ طهران من أزمتها.
وكانت العديد من الشركات الأوروبية قد علقت أنشطتها في إيران أو أعلنت انسحابها منها خشية أن تطالها العقوبات الأميركية متجاهلة توصيات الاتحاد الأوروبي بالاستمرار في التعامل مع طهران رغم التحذيرات الأميركية.
ويسعى الاتحاد الأوروبي للحفاظ على التجارة مع إيران التي هددت بعدم الالتزام بالاتفاق النووي ما لم تر فوائد اقتصادية لرفع العقوبات.
وقالت فيدريكا موغيريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في بيان إن الاتحاد ملتزم بالتعاون مع إيران.
وتابعت “ستعزز هذه الحزمة الجديدة العلاقات الاقتصادية في مجالات ذات فائدة مباشرة لمواطنينا”.
ويجازف الاتحاد الأوروبي بعلاقاتها مع الولايات المتحدة فيما تشهد هذه العلاقات توترات مرشحة للتصاعد في ظل خلاف تجاري فاقم الأزمة بين واشنطن والحلفاء الأوروبيين.
وسينفق الاتحاد ثمانية ملايين يورو على القطاع الخاص الإيراني بما يشمل مساعدات للشركات الصغيرة والمتوسطة وهيئة تطوير التجارة في إيران.
وهناك ثمانية ملايين يورو إضافية ستتجه إلى المشروعات البيئية ومليونا يورو لعلاج الأضرار الناجمة عن المخدرات.
لكن اثر العقوبات الأميركية يبدو أكبر بكثير من المخصصات المالية الأوروبية لمساعدة إيران، فيما تبدو أزمة الاقتصاد الإيراني أعمق من أن تعالجها تلك المخصصات.
وتأتي المساعدات الأوروبية بعد ايام من انتقادات حادة وجهتها إيران للاتحاد الأوروبي معتبرة أنه لم يظهر بعد أنه مستعدة لـ”دفع ثمن” تحديه لواشنطن لإنقاذ الاتفاق النووي.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأسبوع الماضي إن الحكومات الأوروبية تقدمت باقتراحات للمحافظة على العلاقات النفطية والمصرفية مع إيران بعد عودة الموجة الثانية من العقوبات الأميركية في نوفمبر/تشرين الأول.
لكنه أضاف لموقع “نادي الصحافيين الشباب” الإيراني إن هذه الإجراءات هي “إعلان عن موقفهم (الأوروبيين) أكثر من كونها إجراءات عملية”.
وقال ظريف “رغم أنهم تحركوا إلى الأمام إلا أننا نعتقد أن أوروبا لا تزال غير مستعدة لدفع ثمن” تحدي الولايات المتحدة بشكل فعلي.
وانسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي المبرم في 2015 في مايو/أيار وبدأ إعادة فرض عقوبات في وقت سابق هذا الشهر تمنع الدول الأخرى من التعامل تجاريا مع إيران.
وسيتم فرض الحزمة الثانية من العقوبات التي تستهدف صناعة النفط الإيرانية المهمة والعلاقات المصرفية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني.
وتعهدت أوروبا بالاستمرار في منح طهران الامتيازات الاقتصادية التي حصلت عليها جراء الاتفاق النووي، لكن العديد من شركاتها الكبيرة انسحب من البلاد خشية العقوبات الأميركية.
وقال ظريف إنه “بإمكان إيران أن تستجيب لرغبة أوروبا السياسية عندما يترافق ذلك مع إجراءات عملية”.
وأضاف “يقول الأوروبيون إن الاتفاق النووي هو إنجاز أمني لهم. بطبيعة الحال، على كل بلد الاستثمار ودفع ثمن أمنه. علينا أن نراهم يدفعون هذا الثمن خلال الأشهر المقبلة”.
وتضغط إيران على الدول الأوروبية المشاركة في توقيع الاتفاق النووي للعام 2015 لانتزاع ضمانات أقوى في مواجهة الضغوط الأميركية.
واستغلت طهران المخاوف الأوروبية على مصالحها وقلق أوروبا من ارتدادات العقوبات الأميركية على مصالحها، لتضاعف مطالبها.
وبدأ تطبيق العقوبات الأميركية الجديدة على إيران قبل نحو أسبوعين. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الولايات المتحدة ستوقف التعامل مع الشركات التي تقوم بأنشطة تجارية مع طهران.
وتستهدف العقوبات الجديدة المشتريات لإيرانية بالدولار الأميركي وتجارة المعادن والفحم وصناعة البرمجيات وقطاع السيارات، إلا أن الإجراءات الأشد قسوة والتي تستهدف صادرات النفط لن تدخل حيز التنفيذ قبل أربعة أشهر.
وتقوم شركات أميركية قليلة بأعمال تجارية كثيرة في إيران لذلك فإن تأثير العقوبات سيعتمد على قدرة واشنطن على منع الشركات الأوروبية والآسيوية من التعامل مع إيران.
وقالت واشنطن إن فرصة إيران الوحيدة لتجنب العقوبات هي قبول عرض قدمه ترامب للتفاوض بشأن اتفاق نووي جديد أشد حزما من الاتفاق الدولي الذي أبرم في 2015.
وتواجه إيران أزمة مالية مع فرض الولايات المتحدة حزمة عقوبات قاسية وتلويحها بعقوبات أشد في الوقت الذي تتواصل فيه متاعب الريال الإيراني الذي هوى إلى أدنى مستوياته منذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في مايو/ايار.
وفجر تهاوي الريال الإيراني موجة غضب بدأت في بازار طهران أكبر المراكز التجارية في العاصمة الإيرانية وسرعان من انتقلت الاحتجاجات إلى عدة مدن بينما لا تملك طهران خيارات كثيرة في مواجهة العقوبات الأميركية.
اضف تعليق