تواصلت الاحتجاجات في تركيا،اليوم الاثنين لليوم الرابع على التوالي، وشهدت العاصمة أنقرة والمدن الرئيسية, إستانبول وأزمير وأضنة مواجهات بين الشرطة والمحتجين، ووصل صداها الى عدة عواصم في العالم.
واتهم رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان حزب المعارضة الرئيسي بإثارة الاحتجاجات، واصفاً المحتجين بأنهم حفنة من المخربين. ومن المقرر أن يغادر أردوغان اليوم في جولة إلى دول شمال إفريقيا.
واحتل مئات المتظاهرين الأتراك الميادين والساحات العامة في مختلف المدن التركية الأحد، إذ عادت الاشتباكات لتتفجر بين المحتجين وشرطة مكافحة الشغب التي أطلقت الغاز المسيل للدموع على الاحتجاجات المناوئة للحكومة والأعنف في البلاد منذ سنوات.
ونقلت الصحف التركية عن وزير الداخلية التركي محمد جولر قوله إن أكثر من 200 تظاهرة وقعت في 67 مدينة في مختلف أنحاء تركيا.
وقوبل ردّ الشرطة العنيف برد قوي من قبل المتظاهرين, كما دوّت أصوات أبواق السيارات وقرع الناس على الأواني من الشرفات دعماً للاحتجاجات في شتى أنحاء البلاد من العاصمة أنقرة مروراً بالمدن الرئيسة.
ووصلت الاحتجاجات إلى مكتب رئيس الوزراء أردوغان في إستانبول في الوقت الذي أطلقت فيه الشرطة الغاز المسيل للدموع لصد المحتجين وداهمت الشرطة مجمعاً تجارياً في قلب العاصمة أنقرة لاعتقادها بلجوء المتظاهرين إليه وقامت باعتقال عدة أشخاص.
ومن جهته اتهم أردوغان حزب الشعب الجمهوري المعارض بتحريض المحتجين الذين وصفهم ببضعة لصوص، وقال إن هذه الاحتجاجات تهدف إلى حرمان حزبه العدالة والتنمية الحاكم من الأصوات في الانتخابات التي تبدأ العام المقبل، إلا أن الحزب نفى اتهامات أردوغان ونصحه باستخلاص العبر من كل هذه التطورات.
ووصل صدى احتجاجات تركيا الى عدة عواصم في العالم وتنوع "محتجي العالم" ضد أردوغان بين مغتربين أتراك معارضين لسياسات الحكومة التركية الحالية، وناشطين في مجالات عدة، وفئة ثالثة "انتهزت" الفرصة للتعبير عن غضبها من تركيا ككل لأسباب عدة.
ففي اليونان، تظاهر نحو الف شخص من الناشطين اليساريين مساء الاحد أمام مقر القنصلية التركية في سالونيك (شمال اليونان) تعبيراً عن تضامنهم مع المتظاهرين الأتراك ضد حكومة اردوغان. وحمل المحتجون لافتات كتب عليها "اردوغان ديكتاتور" و"المشكلة ليست في الحديقة بل في حقوق الانسان" و"أوقفوا إرهاب الشرطة".
وكان بين المتظاهرين في اليونان نحو 100 طالب تركي يشاركون في برنامج للتبادل الجامعي. ودعت تنظيمات يسارية يونانية الى تجمعات أخرى بعد ظهر اليوم الاثنين في وسط اثينا تضامناً مع الاتراك.
وفي العاصمة المغربية الرباط، استغل عشرات المتظاهرين مسيرتهم ضد الفساد أمس الأحد للتعبير عن رفضهم زيارة اردغان إلى المغرب التي من المقرر ان تبدأ اليوم.
ورفعوا لافتة كتب عليها "لا الزيارة المجرم أردوغان" ورددوا شعار "تركيا الفاشية.. لا عدالة لا تنمية"، تضامنا مع محتجين استانبول.
أما في اسرائيل فتجمع نحو 100 شخص، غالبيتهم إسرائيليين من أصول تركية، مساء الاحد امام السفارة التركية في تل ابيب مطالبين باستقالة رئيس الحكومة التركية.
وأطلق المتظاهرون هتافات مثل "اردوغان استقل" و"نعم للديمقراطية في تركيا".
ومن جهتها تميزت العاصمة النمساوية بمسيرتها "الحاشدة" ضد اردوغان، حيث جال قرابة الـ1800 شخص مساء السبت في أنحاء فيينا رافعين اعلاماً تركية ولافتات كتب على احداها "أصمدي يا حديقة جيزي. فيينا تقف الى جانبك" و"استانبول لست وحيدة".
وفي بروكسيل، تجمع مئات المحتجين السبت أمام البرلمان الاوروبي وطالبوا باستقالة أردوغان. وأوضحت السياسية البلجيكية المحافظة بولدوك بيريا المولودة في تركيا انها قررت تنظيم الاحتجاج للتنديد بالطريقة التي قمعت بها الشرطة التركية المحتجين.
وصدى هذه الاحتجاجات الشعبية "العالمية" جعل المسؤولين التركيين يخشون على سمعة البلاد، فدعا وزير الخارجية احمد داود اوغلو أمس الاحد الى انهاء التظاهرات المناهضة للحكومة داخل تركيا.
وقال في حسابه على تويتر إن "استمرار هذه التظاهرات لن يؤدي الى اي مكسب، بل على العكس سيضر بسمعة بلادنا التي تحظى بالإعجاب في المنطقة والعالم"، واعتبر أن "هذا ليس عادلاً".
ومن جهتها حضت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الحكومة التركية على ضبط النفس في مواجهة الحركة الاحتجاجية، أما بغداد فأعربت عن قلقها من "التداعيات الامنية" لأحداث تركيا ودعت انقرة "للابتعاد عن العنف".
أما التصريح الأبرز فأتى من دمشق حيث نصحت السلطات السورية أمس الأحد مواطنيها بعدم السفر الى تركيا التي وصفتها بـ"غير الآمنة". كما ندد وزير الاعلام السوري بـ"الهمجية" التي يتم التعامل بها مع المتظاهرين في تركيا وطالب اردوغان بـ"التنحي" اذا "كان عاجزا عن اتباع وسائل غير عنيفة".
من ناحية ثانية ،أعدت القنصلية السعودية في استانبول خطة طوارئ عاجلة، لضمان سلامة المواطنين السياح في تركيا، وسط أحداث الشغب التي تشهدها المدينة، خاصة في ميدان تقسيم، الذي يعد المقصد الأبرز للسائح السعودي، حسب ما جاء في صحيفة "عكاظ".
وأوضح القنصل العام في استانبول عبدالوهاب محمود شيخ أن الخطة تتضمن آلية واضحة لتمكين المواطنين من مغادرة المناطق المتوترة. وتم التنسيق مع الخطوط السعودية للتأهب وتأمين رحلات إضافية للعودة إلى المملكة، متى ما دعت الحاجة إليها.
وتشمل الخطة أيضاَ إشعار القاطنين في منطقة تقسيم بضرورة انتقالهم إلى فنادق في مناطق أخرى أكثر هدوءا وأمانا. وأوضح القنصل أنه تم التواصل مع هؤلاء، وقدمت لهم كافة التسهيلات لإبعادهم عن مكامن التوتر، مشيرا إلى ترك الحرية للمواطن لقبول الانتقال من عدمه.
كما بثت السفارة في أنقرة، بالتنسيق مع شركات الاتصالات في المملكة، رسائل عبر الهاتف المحمول للرعايا كافة فور وصولهم الأراضي التركية، تتضمن أرقام وعناوين البعثات السعودية في تركيا. ونوه السفير بالتنسيق المستمر مع الجهات التركية.
وقال شيخ إن هذه التدابير التي أعدتها القنصلية، بإشراف ومتابعة سفير المملكة في أنقرة، تأتي مع بداية توافد أعداد كبيرة من السياح السعوديين إلى تركيا في فصل الصيف، والتوقع بتزايد أعدادهم خلال الأيام المقبلة.
ورجح القنصل العام تأجيل بعض المواطنين تاريخ سفرهم إلى تركيا لحين تلاشي الوضع المتوتر، معتبراً أن ما يحدث في منطقة تقسيم لا يتجاوز الحادث العرضي المحدود.
وقال مطمئناً "ما يجري لا يدعو للقلق أو الخوف، ومع ذلك نبهت القنصلية الرعايا بالابتعاد عن تلك المواقع، حفاظا على سلامتهم من أي مكروه".








اضف تعليق