ألقت تصريحات للمبعوث الأممي إلى سوريا ستافان دي ميستورا الأحد بظلال من الشك حول محادثات السلام السورية حين تساءل عن مدى التزام إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب بالبحث عن تسوية سياسية للنزاع المستمر منذ 2011.
وجاءت تصريحات دي ميستورا قبل أيام من استئناف محادثات جنيف بين طرفي النزاع برعاية المنظمة الدولية.
وقال إن المحادثات التي ستجري في 23 فبراير/شباط في جنيف ستهدف إلى معرفة ما إذا كانت هناك فرصة لإحراز تقدم في المفاوضات السياسية.
وتساءل دي ميستورا “أين هي الولايات المتحدة من كل ذلك؟ لا يمكنني أن أجيبكم، لأنني لا أعرف”، مشيرا إلى أن الإدارة الجديدة لا تزال تعمل على وضع أولوياتها بهذا الصدد.
وقال إن واشنطن لديها “ثلاث أولويات هي مكافحة داعش (تنظيم الدولة الاسلامية) والحد من نفوذ لاعب إقليمي معين (إيران) وعدم تعريض أحد حلفائها الرئيسيين في المنطقة للخطر”.
وأضاف “كيف يمكن تسوية هذه المعضلة؟ هذا ما يجري النقاش حوله في واشنطن”.
وتابع “سؤالي هو التالي: هل تريدون أن تقاتلوا داعش أو تهزموه بصورة نهائية؟ هزم داعش يتطلب حلا سياسيا ذا مصداقية” في سوريا.
ولفت إلى أنه “حتى وقف إطلاق نار يحظى بدعم طرفين راعيين لا يمكن أن يصمد طويلا في غياب أفق سياسي”.
وأضاف للوفود المشاركة في مؤتمر ميونيخ للأمن أن المباحثات التي استضافتها “آستانا فقط لوقف الاعتداءات وجنيف تهدف لمعرفة ما إذا كانت هناك فرصة لمحادثات سياسية.”
وكان المبعوث الأممي يشير إلى محادثات وقف إطلاق النار المنفصلة في عاصمة كازاخستان التي شاركت فيها إلى جانب ممثلين عن دمشق والمعارضة السورية، كل من تركيا وروسيا وإيران.
وأكد أن محادثات جنيف ستجري على أساس القرار 2254 لمجلس الأمن الدولي وهو القرار الذي تبناه المجلس في ديسمبر/كانون الأول 2015 وينص على أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلاد.
كما دعا لتشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية أممية، مطالبا بوقف أي هجمات ضد المدنيين بشكل فوري.
وقال دي ميستورا “لا يمكنني أن أقول لكم إن كانت محادثات جنيف ستنجح ولكن علينا أن نعمل على أن تكون هناك قوة دفع حتى إذا لم يكن من الممكن أن يصمد وقف إطلاق النار طويلا إن لم يكن هناك حل سياسي.”
وقال بريت مكجورك مبعوث الولايات المتحدة لدى قوات التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية، إن الإدارة الأميركية الجديدة ما زالت تراجع موقفها تجاه سوريا ولكنها تسعى للقيام بدور لتعزيز الجهود الروسية والتركية لدعم وقف إطلاق النار هناك.
ولم تصدر عن إدارة ترامب حتى الآن أي مؤشرات تكشف مدى التزامها في الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تسوية النزاع المستمر منذ أكثر من ست سنوات في سوريا والذي أوقع حتى الآن أكثر من 310 آلاف قتيل وشرد الملايين.
كما أنها لم توضح رؤيتها لحل سياسي خصوصا في ما يتعلق بمصير الرئيس السوري بشار الأسد الذي تطالب المعارضة السورية برحيله وهو ما كان أيضا ولفترة طويلة مطلب إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
وقال ماكجورك الذي شارك في النقاش “إننا بصدد مراجعة العملية برمتها. سنكون في غاية الأنانية في ما يتعلق بحماية مصالحنا والعمل من أجلها”.
وتجري جولة جديدة من محادثات جنيف للسلام بين ممثلين للنظام والمعارضة السوريين الخميس برعاية الأمم المتحدة بعد ثلاث جولات جرت في العام 2016 ولم تحرز أي تقدم بسبب التباعد في المواقف بين الطرفين خاصة حول عملية الانتقال السياسي ومصير الأسد.
وقال دي ميستورا “حان الوقت لكي نحاول من جديد”، لافتا إلى أن الظروف تبدلت في ظل التقارب بين موسكو حليفة دمشق وأنقرة الداعمة للمعارضة.
وأتاح هذا التقارب التوصل في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2016 إلى وقف إطلاق نار هش، وبدء مفاوضات في كازاخستان تناولت بصورة رئيسية تثبيت وقف إطلاق النار.
وشدد الوسيط الأممي على أن محادثات جنيف ستتناول قرار الأمم المتحدة رقم 2254 الذي صدر في نهاية 2015 وأقر خارطة طريق من أجل حل سياسي للنزاع السوري.
وذكّر بأن خارطة الطريقة تنص على “حكومة ذات مصداقية تضم جميع الأطراف ودستور جديد يضعه السوريون وليس أطرافا خارجية وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، يشارك فيها اللاجئون السوريون”.
وقال رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أنس العبدة الذي حضر أيضا إلى ميونيخ “سنذهب إلى جنيف لمناقشة حل سياسي” لكنه أكد أنه لن يكون ممكنا تسوية أي مشكلة “طالما أن الأسد في السلطة”.
وأضاف أن المعارضة ملتزمة بمحادثات السلام في جنيف، لكنه شدّد على أنه لا يمكن التعامل مع التهديدات الأمنية الكبيرة طالما بقي الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة.
قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الأحد، إن جنيف التي تستضيف مفاوضات سلام سورية تحت رعاية الأمم المتحدة هي المكان الوحيد لبحث الحل السياسي وانتقال السلطة.
وأضاف تشاووش أوغلو للمشاركين في مؤتمر ميونيخ الأمني “آستانا لم تكن أبدا بديلا لجنيف”.
وتابع “كانت إجراء معقولا لبناء الثقة والحفاظ على وقف إطلاق النار. خطوة جيدة للإمام، لكن الآن نحن بحاجة إلى استئناف محادثات جنيف التي تمثل الركيزة الأساسية للحل السياسي وانتقال السلطة.”
اضف تعليق