الرئيسية » أحداث اليوم » الابتكار والتفاؤل والعمل: أبرز ما في قمة معهد ميلكن 2025 في أبوظبي
أحداث اليوم اقتصاد الإمارات الاستثمار الرأي تقارير ودراسات رئيسى

الابتكار والتفاؤل والعمل: أبرز ما في قمة معهد ميلكن 2025 في أبوظبي

في كل مرة أحضر فيها مؤتمرًا، أطرح على نفسي سؤالين. الأول: ما هي الجلسة التي تركت أقوى انطباع لدي؟ والثاني: ما هو المزاج العام والقاسم المشترك بين المشاركين — باختصار، كيف يفكرون؟
في قمة معهد ميلكن للشرق الأوسط وأفريقيا لعام 2025، التي انعقدت في 4–5 ديسمبر في فندق سانت ريجيس جزيرة السعديات في أبوظبي، كانت الجلسة التي أثارت اهتمامي أكثر، تلك التي شارك فيها كيمبال ماسك (مؤسس ومدير تنفيذي لشركة نوفا سكاي ستوريز)، وأدارها ببراعة كورتيس س. تشين (رئيس مجلس كبار الباحثين ومستشار أول في معهد ميلكن). في عصر ترتبط فيه الطائرات المسيرة غالبًا بالشؤون العسكرية والدفاعية، كان من المنعش رؤيتها تُستخدم كوسيلة للفن والرؤية الإبداعية. ولم أستطع إلا أن أتذكر قول مارشال ماكلوهان الشهير: “الوسيلة هي الرسالة”. يمكن للطائرات المسيرة أن يكون لها استخدامات متعددة، وقد أوضحت هذه الجلسة أن التكنولوجيا لم تعد محايدة: بل أصبحت خيارًا إبداعيًا وسياسيًا في الوقت نفسه. وتمكن كورتيس من إظهار الجانب العاطفي لدى ضيفه، ومع العلم أن هذا المشروع كان على وشك أن يتم التخلي عنه من قبل شركة إنتل لولا تدخل كيمبال ماسك، فإن ذلك يبرز الحاجة إلى رواد أعمال وأشخاص جريئين لإحياء الأفكار وإحداث تأثير في العالم الذي نعيش فيه.

 

علاوة على ذلك، يمكن تلخيص المزاج العام في القمة — على الرغم من المناخ الجيوسياسي العالمي المتوتر — بكلمة واحدة: التفاؤل. فقد تجلى ذلك من خلال شخصيات بارزة مثل توم باراك (السفير الأمريكي لدى جمهورية تركيا) أو ماثيو ويتاكر (السفير الأمريكي لدى الناتو)، تحت إشراف مايكل ميلكن (رئيس معهد ميلكن)، الذين ناقشوا التحولات الجيوسياسية العالمية وآفاق الاستثمار، إلى الممرات التي كانت تعج بالمحادثات حول الفن والعمل الخيري والمشاريع الجديدة — حيث كان هناك شعور واضح بالديناميكية والتقدم. تبادل الناس الأفكار، وتواصلوا بين القطاعات المختلفة، وخططوا لمبادرات مبتكرة وجديدة. عبر المناقشات الرسمية والمحادثات غير الرسمية، ظهرت رسالة من الولايات المتحدة تدعو إلى مزيد من الوكالة لشركائها وأصدقائها. ما زلت متفائلًا بشأن أوروبا ودورها داخل التحالف الأطلسي، لكني أكثر تشاؤمًا بشأن قدرة لبنان على نزع سلاح حزب الله — خطوة ضرورية لتحقيق الاستقرار في البلاد وسلام دائم. ومع ذلك، كما نقول
تفاءلوا بالخير تجدوها
جلسة أخرى لفتت الانتباه كانت مع معالي عمر سلطان العلماء (وزير الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد في الإمارات). من خلال مناقشة الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي ومستقبل العمل، أكدت القمة على أهمية التكنولوجيا ليس فقط للإمارات، بل كجسر لأفريقيا وجنوب العالم الأوسع — مسلطة الضوء على أن الابتكار ورأس المال يمكن أن يتدفقا بطرق تمكّن الأسواق الناشئة.
كما استضافت القمة جلسة حيوية بعنوان الشراكات في الشرق الأوسط وما وراءه: الفخامة والإبداع والثقافة، حيث تم تسليط الضوء على كيفية دمج دور الأزياء الفاخرة العالمية والمواهب الإقليمية والسرد الثقافي لصياغة فصل جديد في عالم الفخامة والثقافة والهوية في الشرق الأوسط وما وراءه. أكدت هذه الجلسة على أن السرد والتصميم والتراث أصبحوا عناصر أساسية في تشكيل الأسواق والنفوذ الثقافي. وكان من المثير رؤية كيف يتحول Gstaad Guy إلى مؤسسة حقيقية تشمل الإعلام والمنتجات. وهذا يوضح أيضًا الفرص التي تتيحها التكنولوجيا الحديثة لرواد الأعمال الشباب والديناميكيين. مكانه بالفعل في الإمارات.
في الجلسة الافتتاحية، أكد معهد ميلكن رؤية جريئة: أن “رواد الأعمال في القرن القادم سيختارون الإمارات” — وهو تصريح قوي للطموح والنية. وعززت برامج القمة هذه الرؤية من خلال جلسات تناولت الاقتصاد الكلي، التحول المالي الرقمي، فرص الاستثمار في الذكاء الاصطناعي في أفريقيا، الصحة، التكيف مع المناخ، والمزيد.
في جلسة العودة إلى المستقبل: كيف يمكن للاستثمار في تنافسية أوروبا أن يطلق عصر نهضة أوروبية جديدة، سألت بيترا فريدي، المديرة الإدارية لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط في معهد ميلكن، فينسنت ليفيتا، مؤسس ومدير تنفيذي لشركة InfraVia Capital Partners — وهي قصة نجاح حقيقية في مجال الأسهم الخاصة الأوروبي — “أنت فرنسي، أعطنا السلبيات.” وباعتبارها باريسية، ساخرة بعض الشيء، يجب أن أقول إن سؤالها حمل الإجابة ضمنيًا: أوروبا بحاجة إلى المزيد من التفاؤل. وكان رد فينسنت ليفيتا نظرًا إلى المستقبل، مسلطًا الضوء على نقاط القوة في أوروبا ومقدماً رؤية واضحة لتنافسيتها ونموها المستقبلي.
كما شارك على المنصة معالي خلدون خليفة المبارك (المدير العام والرئيس التنفيذي لمجموعة مبادلة للاستثمار)، مقدمًا رؤية ترتكز على الاستثمار الاستراتيجي، والتنمية الإقليمية، والرؤية طويلة المدى — وهو ما يعكس الدور الحاسم لرأس المال المؤسسي والقيادة الإقليمية في تشكيل المستقبل. ومن خلال تصريحاته السابقة، يتضح كيف تركز الإمارات ومبادلة على التنفيذ الفعلي قبل كل شيء.
جانب آخر مهم تم تسليط الضوء عليه خلال القمة هو الصحة. فقد تناولت الجلسات الابتكار في الصحة الرقمية، وأنظمة الرعاية الصحية، والاستثمار المستدام في البنية التحتية الطبية، وكيف يمكن لهذه الجهود تحسين جودة الحياة، وزيادة الكفاءة، وخلق فرص طويلة المدى في الإمارات وأفريقيا.
ما برز خلال القمة لم يكن فقط تنوع الموضوعات — من الذكاء الاصطناعي إلى الفخامة والثقافة، ومن الاقتصاد الكلي إلى الفرص في أفريقيا — بل الشعور بأن الأفكار ليست مجرد نقاشات، بل مهيأة للتحول إلى أفعال. لقد تكرر التأكيد على أفريقيا، ريادة الأعمال الشبابية، التعاون عبر المناطق، والاستثمار المستدام في المناقشات وغرف التواصل على مدار القمة.
كانت أبوظبي أكثر من مجرد خلفية لاستضافة القمة. فقد عكس اختيار المدينة فلسفة القمة: التنفيذ أهم من الأحلام أو الخطط وحدها. أظهرت أبوظبي من خلال بنيتها التحتية وحكمها ورؤيتها أنها ليست فقط منفتحة على رأس المال العالمي والابتكار، بل جاهزة لتوفير الاستقرار والبيئة والطموح اللازمين لتحويل الأفكار الجريئة إلى واقع. هذا المزيج — بين الطموح والواقعية والانفتاح — جعل القمة تشعر بالرسوخ، وفي الوقت نفسه، بالنظرة المستقبلية. في عالم يواجه حالة من عدم اليقين، برزت أبوظبي كمكان يلتقي فيه الهدف مع التنفيذ.