الرئيسية » رئيسى » التغيير الحقيقي مطلوب في لبنان: خطوات تحقيق الازدهار
الرأي تقارير ودراسات رئيسى

التغيير الحقيقي مطلوب في لبنان: خطوات تحقيق الازدهار

خالد ابو ظهر
خالد ابو ظهر

ما يحتاج إليه لبنان فى هذه المرحلة أعقد بكثير من مسألة إجراء إصلاحات اقتصادية أو تغيير شكل  الحكومةواستبدال شخوصها بوجوه جديدة و استقالة سعد الحريرى ليست سفينة نوح أو عصا موسى التي ستنقذ لبنان من الانهيار  , إذ أن معضلة لبنان الحقيقة فى الأكثرية الحاكمة والتى انشغلت   بالمناكفات السياسية وتصفية الحسابات الداخلية والخارجية  ، مفرغين الدولة من آخر مقوماتها.

فمايجرى فى لبنان اليوم  ليس وليد اللحظة .. مراراً وتكراراً وجهنا  أصابع الاتهام تجاه خمول صنع القرار السياسي في البلاد  ، والتى كانت من تداعياتها ما نراه اليوم  , فلم يشهد لبنان في تاريخه وضعا مماثلا حتى في عز الحرب الأهلية  , لذلك لابد ان نقف لنواجه الحقيقة وليتحمل الجميع مسؤوليته الكاملة إزاء ما آلت إليه الأوضاع بداية من ضعف  الأكثرية واللبنانية الوطنية , التي يعمقها الانقسام بينهم , وحتى غياب الخطط بعيدة المدى لتدارك خطورة تنامي حزب الله والذى تعاطى مع طوائف الشعب باعتبارهم مجرد قطع على رقعة شطرنج يجلس عليها لاعب واحد فقط هو نصر الله يحركها كيفما شاء. وقد اتضح ذلك بجلاء تام فى  أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية التى ابصرت النور بعد معركة استمرت تسعة  أشهر ,خرج خلالها الحزب منتصراً حاملاً على اعناقه الحقائب الوزراية التى أرداها لتكفل له الحماية .

مآلات المشهد  اللبنانى تنبىء بأن ثمة محاولة ما لتغيير الوضع  السياسي الذي يسير منذ عقود وفق اتفاق الطائف  والدفع نحو عمل توافق سياسي جديد يطرحه اللبنانيون من داخلهم بعيداً عن هذه التقسيمات لكن تظل التساؤلات الملحة تتعلق بكيفية البدء  في تغيير الخارطة اللبنانية برمتها ؟ وهل يمكن الاستفادة من الزخم الشعبى هذه المرة لاستعادة الدولة وإعادة بناء تركيبة الحكم فى البلاد.

الظرف الراهن  لا يسمح بأنصاف الحلول، ويجب استغلال مكامن القوة لدى الشاع اللبنانى لصياغة روشتة إنقاذ عاجلة تتضمن بالمقام الأول  إعداد استراتيجية دفاعية مقبولة من القوى اللبنانية كافة , لنزع سلاح “حزب الله”  وهو ليس مطلباً لبنانياً داخلياً فحسب، بل هو مطلب دولي، كذلك  ينبغى دعم الجيش اللبناني لاعادة الثقة الشعبية في دوره كحارس  وحيد  للأمن القومي اللبناني وحصر السلاح في يد الجيش والقوى الأمنية الشرعية

الحل السياسي المعقول في هذه المرحلة يقتضي أيضاً السعي الحثيث لإعادة التوازن عبر الدعوة لصياغة دستور جديد يمنع الاحتكار السياسي  , فاتفاق االطائف الذي تم بموجبه تعديل الدستور اللبناني الذي كان من نتائجه أن وضع البلاد في زمرة المحاصصة الطائفية، فقد نظم التقلبات السياسية شكلا وليس مضمونا.لذا فإن  موجة الغضب اللبنانى قد تكون  فرصة تاريخية لاينبغى تفويتها لإحداث نقلة فعلية نوعية، , إذ لابد وأن  يقتنع كافة أطراف المعادلة  بالتنازل عن معيار الطائفية في مقابل معيار الكفاءة.لاسيما وان اللبنانيين أنفسهم قد وضعوا مسألة الطائفية خلف ظهورهم حين نزلوا إلى الشارع ولايمكن لأحد أن يستنتج إلى أى تيار ينتمى من يقف الى جواره , وطالت الانتقادات كافة أطياف النخبة الحاكمة وقد جاءت بعضها من من جماعات وتيارات محسوبة على الطبقة الحاكمة  .

قد يصبح لبنان أفضل حالاً ,إذا ما اقتنعت النخب الساسية بمقترح  إ نشاء اتحاد فيدرالي   يتجاوز كافة الخطوط الحمراء والنقاط الساخنة يتم من خلاله منح كل مواطن الحق فى حرية العيش والعمل والوصول إلى أي منصب حكومي بغض النظر عن الدين أو الطائفة,  على أن يكون  لتلك  الدولة الفدرالية مجلس تشريعي واحد يتكوّن من مجموعتين متساويتي العدد تعتمد النسبية الطوائفية في داخل كل مجموعة، وأن تنتخب كل طائفة نوابها.

إن السعي لتطبيق اللامركزية الادارية الموسع قد يمثل حلاً جذرياً يمكن من خلاله فك طلاسم الحالة اللبنانية بتعقيداتها المتنوعة إذ على إثره سيتم  إجراء انتخابات جديدة على المستوى المحلي والاتحادي وإعادة هيكلة جميع كيانات الدولة خاصة في القضاء ومن ثم يستعيد لبنان سيادته وقراره السياسي والذى بات مرهوناً بقوى خارجية .

ما أدعو إليه خلال تلك السطور ..خطة عمل لإنقاذ لبنان من قلب العاصفة الطائفية  و التصحر المالى ..رؤية لازدهار لبنان  اذا اراد شعبها بناء مستقبل زاهر ومستقر، سواء على صعيد ، السياسة أو الاقتصاد أو حتى النشاط الفكرى والانساني.