الرئيسية » أرشيف » "الفقاعة السنية" تنفجر بوجه المالكي
أرشيف

"الفقاعة السنية" تنفجر بوجه المالكي

تشكل الاحتجاجات في معقل السنة في العراق تحديا جديدا لرئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي, في الوقت الذي تضغط فيه آثار الانتفاضة المسلحة في سورية على التوازن السياسي الهش في العراق.

وعلى مدار الاسبوعين الماضيين خرج عشرات الآلاف من السنة في تظاهرات في محافظة الانبار حيث قطعوا طريقا سريعا تؤدي الى سورية, تعبيرا عن غضبهم من المالكي الذي يتهمونه بتهميش السنة واحتكار السلطة.

والغضب حقيقي لكن مصادر كردية وسنية تؤكد أن الاحتجاجات تحركها أحزاب اسلامية سنية ترغب في اقامة إقليم يتمتع بحكم ذاتي على غرار ما يتمتع به الأكراد في الشمال.

وأضافت المصادر ان الاسلاميين السنة يشمون رائحة فرصة للإفلات مما يعتبرونها هيمنة للشيعة على البلاد ويعولون على انتصار المعارضين السنة الساعين للاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد الذي ينتمي الى الطائفة العلوية الشيعية.

ومن شأن سقوط الاسد أن يضعف نفوذ ايران الحليف الرئيسي للاسد والتي تتمتع بنفوذ كبير في السياسة العراقية.

وتشجع سنة العراق باحتمال تحول ميزان القوة بين السنة والشيعة في الشرق الاوسط وأخذوا ينفثون بعض ما يشعرون به من "خيبة أمل" منذ إطاحة صدام حسين في العام 2003, الأمر الذي مكن الاغلبية الشيعية من السلطة.

ولوح بعض المتظاهرين بعلم العراق خلال حكم صدام ورددوا هتافات انتشرت خلال احتجاجات الربيع العربي التي اطاحت بحكام كل من مصر وتونس وليبيا واليمن خلال العامين الماضيين.

وقال جمال أدهم احد زعماء العشائر في مدينة تكريت انهم لن يتراجعوا أبدا وان السنة ضاقوا ذرعا بالعيش في العراق كغرباء, مضيفا أنها "باتت مسألة حياة أو موت" بالنسبة لهم.

وتتراوح مطالبهم المشحونة بين اصلاح الخدمات العامة المتهالكة والغاء قوانين مكافحة الارهاب التي يقولون انها تستخدم لاضطهاد السنة.

وقال محمد توفيق المتحدث باسم "حركة كوران" الكردية المعارضة ان ما يحدث ليس تلقائيا وان أحزابا سياسية سنية تقف وراء الاحتجاجات الحالية.

وتقول مصادر سنية رفيعة ان "الحزب الاسلامي" العراقي وهو جزء من جماعة "الاخوان المسلمين" هو المحرك الرئيسي للحملة من أجل انشاء اقليم للسنة يتمتع بحكم ذاتي ولو بالقوة اذا لزم الامر.

وقال الشيخ طه حامد الدليمي للمتظاهرين في الانبار في تصوير بالفيديو نشر على موقعه الالكتروني ان المنهج السني شعارهم والاقليم هدفهم, كما طالبهم بعدم تشتيت مطالبهم.

ويمارس "الحزب الاسلامي" نفوذه من خلال المساجد وعلماء الدين في معاقل السنة مثل محافظة الانبار التي كان تنظيم "القاعدة" يسيطر عليها بالكامل تقريبا في ذروة العنف في العراق بين عامي 2005 و2007 ولها حدود طويلة مع سورية.

ويعيد متشددون على صلة ب¯"القاعدة" تجميع أنفسهم فيما يبدو في كهوف ووديان الأنبار ويعبر بعضهم الحدود للانضمام الى المعارضة السورية المسلحة.

وقامت عشائر الانبار بدور رئيسي في التصدي لـ"القاعدة" العام 2007 بعدما اشتركت مع القوات الاميركية لمحاربة التنظيم فيما عرف باسم "صحوة الانبار" التي تعود من جديد لكن الهدف هذه المرة هو المالكي بعد أن رحلت القوات الاميركية.

وقال خبير الشؤون العراقية في "جامعة اكستر" غاريث ستانسفيلد "امتلكت الانبار دائما القوة للتأثير بقوة في السياسة العراقية, ينبغي أن يثير هذا قلق المالكي كثيرا".

واشتعلت الاحتجاجات بعد أن اعتقل المالكي حراس وزير المالية السني رافع العيساوي الشهر الماضي بعد ساعات فقط من نقل الرئيس العراقي جلال طالباني الى الخارج للعلاج بعد اصابته بجلطة.

وذكرت السلطات العراقية ان حراس الوزير اعترفوا بالضلوع في عمليات اغتيال نفذت بالتنسيق مع رجال امن عينهم النائب السني للرئيس العراقي طارق الهاشمي الذي فر الى الخارج قبل نحو عام ثم حكم عليه بالإعدام غيابيا بتهم تتعلق بالارهاب.

وكان العيساوي في السابق أحد زعماء "جماعة حماس العراق" الاسلامية المسلحة في الانبار.

وجاء القبض على حراس الزعيمين السنيين البارزين واعترافاتهم المزعومة في نمط شديد التشابه, لكن محللين يقولون ان المالكي أكثر عزلة هذه المرة.

وقال نائب شيعي في البرلمان العراقي "ان المالكي يخطط لاستهداف العيساوي منذ فترة وانه ظن أن الامر سيكون أسهل اذا استهدفه الآن واحتوى رد فعل السنة بدلا من تأجيل ذلك الى وقت لاحق ربما تزيد فيه الاحداث في سورية السنة جرأة".

وقال عضو البرلمان بعد أن طلب عدم الكشف عن اسمه "أبلغني المالكي بأنه سيلاحق العيساوي وحراسه قبل أكثر من شهر, كان يفضل تفجير الفقاعة السنية بدلا من أن ينتظر انفجارها في وجهه".