الرئيسية » تقارير ودراسات » القصة الكاملة ..مالاتعرفه عن قاسم سليمانى
تقارير ودراسات رئيسى

القصة الكاملة ..مالاتعرفه عن قاسم سليمانى

قاسم سليماني
قاسم سليماني

الرجل الذى تشبه الهالات الداكنة حول عينيه تجاويف صواريخ الهاون ويوصف بأنه العقل المدبر ومعمارى العمليات الإرهابية التى ينفذها فيلق القدس والمسئول الأول عن تفتيت المنطقة وتم استهدافه فى عملية نوعية أميركية  , يستمد أهميته بالساحة الإيرانية من قدرته على خلق تحالفات جديدة وغريبة لخدمة أهدافه فهو بارع بالتمدد و حياكة المؤامرات وقلب الموازيين وتتنوع أدواته فى تحقيق استراتيجياته وفقا للنطاق الجغرافى للعمليات ولكنها جمبعاً تتدرج من  تقديم الرشاوى المالية لاستمالة الساسة واستئجار الخصوم وتخويفهم عند الحاجة، وتسليح الجيوش والاغتيال  كآخر الوسائل.

وفى العراق تبنى سليمانى أيضا سياسة توظيف الخلافات الشيعية الشيعية والانشقاقات لإحكام السيطرة على الجماعات المختلفة . وقد نجح بالفعل فى تحقيق تلك الاستراتيجية بل وتطويرها دعمه فى ذلك الميزانية غير المحدودة للإنفاق التى منحتها إياه الدوائر الإيرانية, لدرجة دفعت تقارير إعلامية غربية إلى وصفه بأنه “الحاكم الفعلى السرى للعراق. فقد أرسل فى مطلع عام 2008 رسالة إلى الجنرال ديفيد بترايوس عندما كان قائدًا للقوات الأمريكية في العراق على هاتفه الشخصي يقول فيها : أنا قاسم سليمانى أتحكم في السياسة الإيرانية المتعلقة بالعراق ولبنان وغزة وأفغانستان، والسفير الإيراني لدى بغداد عنصر من عناصر فيلق القدس، والسفير الذي سيحل محله عنصر أيضاً”

شكل وصول أحمدى نجاد علامة فارقة فى نفوذ سليمانى الذى سعى منذ تسلمه قيادة فيلق القدس إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط ليكون لصالح إيران فمع انتهاء رئاسة الإصلاحي محمد خاتمي ونجاح الحرس الثوري في منع وصول هاشمي رافسنجاني إلى الحكم مجدداً والمجئ  بأحمدي نجاد كشخصية ليس لها تاريخ فارق في الثورة الإسلامية ولا يجرؤ على خلق المشاكل لنفوذ حرس الثورة في مؤسسات الدولة، تمكن قاسم سليماني ومن خلال ما منح من صلاحيات واسعة من التفرد بالملف العراقي بشكل كامل وأصبحت وزارة الأمن تابعة له وفق أوامر من مرشد الثورة من دون أن تكون منافسة للحرس الثوري.

صمته الدائم تفسره  ببراعة بصماته في ساحة المعركة فقد اكتسب سليماني لقب “أقوى مسؤول أمني” في الشرق الأوسط. بعدما أنقذ نظام بشر الأسد من الانهيار وتمكن خلال السنوات الثلاث الأخيرة من قلب موازين المعركة ودحر المعارضة السورية .ووفقا للمعلومات القادمة من دمشق فهو يدير المعركة من مبنى محصن بشدة، حيث كون بنفسه سلسلة من القادة متعددي الجنسيات الذين يديرون الحرب، بينهم قادة الجيش السوري، وقادة من حزب الله، وممثل للميليشيات الشيعية في العراق

ولا تقتصر عملياته على الشرق الأوسط فحسب ، فبين عامى 2012 و2013 قام بأكثر من ثلاثين عملية فى كل من نيودلهي، لاجوس وتمكن من نقل رجال ومواد متفجرة عبر تايلاند ونيروبي. وساعد القاعدة على الدخول والخروج من إيران وفقا لأهوائه، فكان تارة يسلحهم وأحياناً أخرى يكشف الغطاء عنهم أمام أحد عملاء العدو.الدور الذى يقوم به سليمانى يتجاوز فى بعض الأحيان دور الوزراء ورئيس الجمهورية نفسه فالرجل ذو القامة القصيرة والنظرة الثاقبة بات  يحمل أوزان دول بأكملها.

الجنرال قاسم سليمانى الذى يتندرون بأن إصابته بالصداع ربما تؤثر على سلامة الملايين و تحدث انقلاباً فى دمشق  خرج من أسرة فقيرة  في قرية رابورد في مقاطعة كرمان الجنوبية الشرقية. ترك عائلته، بعد إتمام التعليم الابتدائي، مع ابن عمه أحمد سليماني وانتقل إلى كرمان، عاصمة المقاطعة. وقعت عائلته تحت دين شديد وحاول سليماني أن يساعدهم عبر العمل باليومية في البناء. وانضم بعدها بسنوات إلى شركة المياه في كرمان كفني بسيط.

“سارق الماعز “كما أطلقت عليه الإذاعة الإيرانية  ، انضم إلى الحرس الثوري فى عام 1979 ، وترقّى في صفوفه بسرعة. وكحرس شاب، أرسل سليماني إلى شرقي غرب إيران حيث ساعد على قمع انتفاضة نظّمها الأكراد. كم توجه إلى الجبهة العراقية الإيرانية في مهمة تأمين المياه للجنود هناك، ولم يغادرها مطلقاً. وقال “دخلت الحرب بأمر مهمة لـ15 يوماً، وانتهى الأمر ببقائي حتى نهاية الحرب”.واكتسب سليماني سمعة الشجاعة والحماسة، خاصة بعد قيامه بمهمات استطلاع خلف خطوط العدو العراقي و أصبح قائدا لفيلق “41 ثأر الله” بالحرس الثوري وهو في العشرينيات من عمره، ثم رقي ليصبح واحدا من قادة الفيالق على الجبهات وكان يعود من مهامه حاملاً معه عنزة يقوم جنوده بذبحها وشيّها.

النجم الإيراني الصاعد  “حج قاسم سليماني” تولى قيادة فيلق القدس بعد بلائه الحسن فى حرب مكافحة المخدرات وتجارها الكبار في محافظته كرمان مما حدا بقائد قوات حرس الثورة الإسلامية في ذلك الوقت، محسن رضائي وخليفته رحيم صفوي إلى تعيينه قائداً لفيلق قدس المكلف بإدارة الملفات الخارجية أمنياً وعسكرياً.وتولّى سليماني قيادة “فيلق القدس” عام 1998، حيث اشترك بعد عام مع قوات الحرس الثوري وجماعات الضغط المتطرفة المقربة من المرشد خامنئي والأنصار المتشددين لنظام إيران الديكتاتوري في قمع انتفاضة الطلاب في يوليو 1999.

ظاهرياً يبدو سليمانى الذى نعته خامئنى بـ “الشهيد الحى ” شديد التواضع  فقد  وصف نفسه فى مقابلة صحفية  بأنه “أصغر جندي”، ورفض إقدام عدد من الحضور في إحدى المناسبات على تقبيل يديه ,نادراً ما يتحدث  ولا يرفع صوته مطلقا . وعلى النقيض من  كل رجل الحرس الثورى لايملك أى ثروة تذكر بل يعيش من عائد وقف منحه له المرشد الأعلى للثورة .

يتمتع قائد فيلق القدس بنفوذ واسع فى الداخل حيث يعد ثاني شخصية في إيران بعد المرشد خامئني في تحكمها بالقرار الأمني والعسكري بل و السياسي  ,حتى وإن كان الدستور ينص على أن رئيس الجمهورية هو الرجل الثانى بإيران إلا أن امتلاك  سليمانى لمفاتيح العمليات السرية الخارجية منحه سلطات واسعة برزت فى تهديده خلال مارس الماضي، بمنع الإصلاحيين وكل معارضي التدخل الإيراني في المنطقة من تبوأ أي منصب سياسي، لأنهم هتفوا في احتجاجات الانتفاضة الخضراء عام 2009 بالاهتمام بمشاكل وأزمات إيران بدل إعطاء الأولوية والتدخل في قضايا فلسطين ولبنان حيث يمثل سليمانى  يإيمانه  الشديد بمبادىء الثورة ذروة التشدد الإيراني ويعد أحد رموز الدولة العميقة.

” كلنا قاسم سليمانى ”  حملة غاضبة أطلقها أكثر من 200شخص على مواقع التواصل الاجتماعى  بعد أن ظهرت دعوات  في الكونغرس الأمريكي إلى اغتياله., وتمثل تقدير الشعب الإيرانى  له .فقد أصبح سليمانى قليل الظهور إعلامياً، والذى لم يكن من السهل التعرف عليه ولو بالشارع الإيرانى , المادة الرئيسية  للأفلام الوثائقية ونشرات الأخبار وحتى بعض أغاني موسيقى البوب في طهران. وقد سخرت ابنته نرجس من ظهوره المكثف فى الاونة الأخيرة و أرسلت عبر البريد الإلكتروني صوراً له بعد إجراء تعديلات عليها بواسطة “الفوتوشوب” ليظهر على القمر مرتدياً سترة سوداء إلى جانب أحد رواد الفضاء . “لول، بابا”، كتبت نرجس معلقةً،على صورة أبيها والذى أبدى قلقا مسبقاً بشأن ابتعادها عن الدين الإسلامى و  ترددها على ملاهي الكاريوكي المترفة في العاصمة  الماليزية كوالالامبور.

عملية التلميع الممنهج تبدو نوعا من الاستعراض المسرحى للتفوق الإيرانى  فطهران  تصدره كبطل عسكري ورجل يمكن الاعتماد عليه في مواجهة المستقبل المجهول.حملة الاحتفاء بسليمانى بلغت ذورتها حين تم الكشف عن طابع بريدي يحمل صوره و تحدث النائب الأول للمتحدث باسم البرلمان الإيراني، محمد رضا باهنار، منذ أشهر عن سليماني قائلاً: إن رؤيته السياسية ليست أقل من رؤية الزعيم الإيراني الأعلى  .فضلا عن مطالبة  بعض المدونين  لـ”سـليمانى “بنزع البدلة العسكرية والإنخراط في العمل السياسي، وخوض الانتخابات الرئاسية في 2017، باعتباره أكثر السياسيين في إيران إخلاصاً وأقلهم فساداً

التخمة الإعلامية فى مجتمع لا يحتفى بالمحاربين إلا بعد وفاتهم جعلت الحرس الثورى منقسما إلى فريقين فبعض الجنرالات الكبار، يطالبون بتحجيم نفوذ قاسم سليماني ويرون أنه تجاوز كافة الخطوط الحمراء، بمن فيهم  الجنرال سلامى ” قائد الحرس الثوري ” نفسه، ويرجحون أنه إذا سارت الأمور بهذا الشكل فإن سليمانى سيطيح بسلامى ويصبح قائدا عاما للحرس .