تواصلت فورة الغضب الشعبي في مصر، أمس، وتجددت المواجهات بين المتظاهرين وقوات الشرطة، لليوم الثالث على التوالي في مدينة بورسعيد التي دخل عصيانها أسبوعه الثالث أيضاً، وأوقعت هذه المواجهات عشرات الجرحى، فيما دارت اشتباكات متقطعة في المنصورة، وتجددت الاشتباكات في محيط ميدان التحرير وطريق كورنيش النيل، أصيب خلالها نحو 15 شرطياً، واتسع نطاق هذه المصادمات بعد تشييع الناشط محمد الشافعي الذي لقي مصرعه في وقت سابق، وتم العثور على جثته قبل ايام.
ونفت الرئاسة المصرية، ما تردد عن تكليف الجيش بمهام حفظ الأمن في بورسعيد، مؤكدة أن "وزارة الداخلية لاتزال تضطلع بالمهمة الرئيسة في حفظ الأمن بالمدينة، وأن القوات المسلّحة مستمرة في دعم قوات الشرطة في تأمين الممتلكات العامة والمنشآت الحيوية بالدولة".
تزامن ذلك مع تصاعد الدعوات المطالبة بمقاطعة الانتخابات، إذ دعت قوى ثورية وسياسية إلى قيام حملة شعبية لمقاطعتها، معتبرة أن خوضها يمثل دعماً للثورة المضادة، فيما جددت جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة تمسكها بالمقاطعة، وأعلنت عن إطلاق حملة لدعوة المواطنين لمقاطعتها.
وأعلن القضاء المصري انه سيحسم اليوم (الأربعاء) مصير الانتخابات البرلمانية المرتقبة، وحددت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري اليوم موعداً للنطق بالحكم في 14 دعوى قضائية تلقتها لمنع إجراء انتخابات مجلس النواب في جميع جولاتها.
وأكدت مصادر رئاسية أنه تمت مخاطبة اللجنة العليا للانتخابات بتوصيات جولة الحوار الوطني الأخيرة بشأن ضمان نزاهة الانتخابات، التي انعقدت خلال الأسبوع الماضي، لتنظر فيها اللجنة وإصدار أي توصيات بشأنها، وما إذا كان يمكن أن تأخذ بها أو بعضها أو أن تتجاهلها بالكلية.
وفي التفاصيل، قال مسؤول صحي إن 152 شخصا أصيبوا أمس الثلاثاء في موجة جديدة من الاشتباكات بين الشرطة ومحتجين بمدينة بورسعيد الساحلية المصرية المضطربة فيما اندلعت احتجاجات في القاهرة والمنصورة ضد سياسات الرئيس الإسلامي محمد مرسي الذي يواجه معارضة متزايدة.
وتجددت الاشتباكات أمس الثلاثاء أمام مبنى مديرية أمن بورسعيد الذي احترقت أجزاء منه في اشتباكات وقعت يوم الاثنين ألقى خلالها محتجون زجاجات حارقة على المبنى.
وكانت اشتباكات بورسعيد بدأت يوم الأحد بعد إعلان وزارة الداخلية نقل مسجونين سيصدر بشأنهم حكم يوم السبت في قضية شغب ملاعب بالمدينة وقع قبل أكثر من عام أسفر عن مقتل أكثر من 70 في أسوأ كارثة رياضية في تاريخ البلاد.
وقال وكيل وزارة الصحة في بورسعيد حلمي العفني إن 129 ممن أصيبوا أمس الثلاثاء استنشقوا غازا مسيلا للدموع أطلقته عليهم الشرطة أمام مبنى مديرية الأمن في حين أصيب 11 بطلقات خرطوش و12 بإصابات مختلفة.
وأضاف أن شابا يدعى مسعد السرجاني محمد أصيب بطلق ناري في الرأس نقل إلى المستشفى الجامعي بمدينة الزقازيق القريبة لخطورة حالته.
وقال شهود عيان إن محتجين أشعلوا النار فجر أمس في مبنى قطاع الأمن الوطني بالمدينة الذي يتكون من خمسة طوابق وإن خمس سيارات تابعة للقطاع احترقت بداخل المبنى كما أتت النيران على أجزاء من الطابق الأرضي والطابقين الأول والثاني.
وقال شاهد إن المحتجين هاجموا ثلاثة مجندين كانوا يحرسون المبنى بالسكاكين وأصابوا اثنين منهم بجروح خطيرة. وقال مصدر أمني إن المصابين نقلا إلى مستشفى الشرطة بالقاهرة للعلاج.
وبعد الثورة التي أسقطت الرئيس السابق حسني مبارك عام 2011 حل قطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية محل جهاز مباحث أمن الدولة الذي كان مصريون يبغضونه لقسوته في معاملة معارضين. وقال سياسيون ونشطاء إن تغييرا في الاسم فقط هو ما حدث.
وقتل ثلاثة مجندين وثلاثة محتجين في اشتباكات يوم الأحد.
وبينما استخدم المحتجون الحجارة والزجاجات الحارقة في الاشتباكات بمحيط مبنى مديرية أمن بورسعيد أمس استخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش ورصاصا حيا أطلق في الهواء بحسب شهود عيان.
وهتف المحتجون "الداخلية بلطجية" و"بالروح بالدم نفديكي يا بورسعيد."
وكانت محكمة جنايات بورسعيد التي تعقد جلساتها في القاهرة قررت في يناير كانون الثاني إحالة أوراق 21 متهما في قضية الشغب باستاد بورسعيد أغلبهم من سكان المدينة إلى المفتي تمهيدا للحكم بإعدامهم.
واحتج ألوف من سكان المدينة على القرار لعدة أيام مما تسبب في سقوط أكثر من 40 قتيلا منهم كما قتل ضابط وأمين شرطة خلال ما قيل إنها محاولة لاقتحام سجن بورسعيد وإطلاق سراح المتهمين.
وكان مشجعو الفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي القاهري اكثر الاندية المصرية شعبية والذين سقط أغلب ضحايا الشغب منهم هددوا بنشر الفوضى في مصر إذا لم تصدر أحكام قاسية على المتهمين.
ولا يزال مشجعو الأهلي يطلقون تهديدات بذلك قبل أيام من صدور الحكم. وقال شهود عيان إن عشرات منهم هاجموا اليوم مبنى سكنيا في مدينة الجيزة على الضفة الغربية لنيل القاهرة يقطن به وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم الذي حدث الشغب خلال ولايته وحطموا واجهته الزجاجية.
وقال الشهود إن المهاجمين أشعلوا النار في ناقلة مجندين وسيارة شرطة أخرى قبل أن يتركوا المكان.
وساعدت عوامل مثل البطالة الناجمة عن تدهور الوضع الاقتصادي والغضب من وحشية الشرطة وارتفاع أسعار الوقود على إذكاء الاضطرابات في بورسعيد والسويس والإسماعيلية على قناة السويس والعاصمة القاهرة والمنصورة وطنطا والمحلة الكبرى في دلتا النيل.
ولقي نحو 60 شخصا حتفهم خلال احتجاجات شوارع في أنحاء مصر خلال الفترة من 25 يناير كانون الثاني الماضي الذي وافق الذكرى السنوية الثانية للثورة والرابع من فبراير شباط.
ويطالب كثير من المتظاهرين باستقالة مرسي ويتهمونه وجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي إليها بمحاولة الاستئثار بالسلطة.
وفي مؤشر على احتقان واسع النطاق في أنحاء البلاد قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط إن ضباط شرطة قطعوا طريق سلاح سالم الرئيسي في القاهرة احتجاجا على قتل أحد زملائهم بيد مجهول بينما كان يفحص بلاغا بحدوث سطو على بنك في وقت سابق أمس الثلاثاء.
وألقى عشرات المحتجين الحجارة مع حلول الظلام أمس الثلاثاء على مبنى أمني في مدينة المنصورة.
ومنذ نحو أسبوع تشهد المدينة اشتباكات عنيفة قتل خلالها محتج صدمته مدرعة تابعة للشرطة بحسب شهود عيان.
اضف تعليق