قصف الطيران الحربي السوري أمس الاثنين مدينة القصير في وسط سوريا حيث دخل القتال بين القوات النظامية وحزب الله من جهة ومقاتلي المعارضة من جهة ثانية أسبوعه الثالث، فيما حال موقف روسيا الداعم للنظام دون صدور بيان عن مجلس الامن يعبر عن القلق ازاء مصير المدنيين المحاصرين في المدينة.
ورغم التطورات المتسارعة على الارض وآخرها استعادة القوات النظامية السيطرة على قرى في ريف حماة، لا تزال المعارضة تتخبط في انقساماتها، مع اعلان الهيئة العامة للثورة السورية انسحابها من الائتلاف المعارض، متهمة بعض اعضائه بالاساءة للثورة وبالفساد.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان الطيران الحربي نفذ أمس غارات عدة على مناطق في مدينة القصير، بعد ليلة من المعارك العنيفة عند اطرافها الشمالية، وفي قرية الضبعة الواقعة الى شمالها والتي لا يزال مسلحو المعارضة يسيطرون على اجزاء منها ويدافعون عنها بضراوة.
ودخلت قوات النظام وحزب الله المدينة من الجهات الغربية والجنوبية والشرقية في 19 ايار/مايو، ولم يعرف بالتحديد المساحة التي سيطرت عليها. ثم ما لبثت ان احكمت الطوق على المدينة من الجهة الشمالية.
في ريف حماة الشمالي (وسط)، ذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" ان وحدات الجيش "اعادت أمس الاثنين الامن والاستقرار الى 13 قرية وبلدة (…) بعد ان قضت على آخر أوكار وتجمعات ارهابيي جبهة النصرة فيها وصادرت اسلحتهم وذخيرتهم".
واكد المرصد السوري انسحاب مقاتلي المعارضة من هذه القرى التي استولوا عليها قبل اشهر، وهي في معظمها علوية، في حين ان بعضها مختلط بين السنة والعلويين. والى الشمال، تدور معارك في محيط قريتي نبل والزهراء الشيعيتين في ريف حلب الشمالي، والمحاصرتين منذ اشهر من المعارضين، بحسب المرصد.
انقسام داخل المعارضة
وسط ذلك، أعلنت الهيئة العامة للثورة التي تعتبر فصيلا بارزا من الحراك العسكري والشعبي ضد النظام على الارض، انسحابها من الائتلاف.
وقالت في بيان على صفحتها على موقع "فيسبوك"، "تعلن الهيئة العامة للثورة السورية انسحابها من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة"، مشددة على ان دعمها له "مرتبط بمدى مساهمة الحراك الثوري بشكل حقيقي وفعال في أداء دوره وفق مصلحة الثورة وضرورة إبعاد المتسلقين والمتنفذين" عن الائتلاف.
وأشارت إلى أن قرارها نابع من "حرصنا على مصالح الثورة التي خرجنا من اجلها" ضد الرئيس الأسد منتصف آذار (مارس) 2011، والالتزام "بتطلعات شعبنا السوري العظيم". وتشكل الهيئة إطارًا تمثيليًا واسعًا للعديد من الناشطين الميدانيين، وهي على ارتباط وثيق بمقاتلي المعارضة، وتؤدي دورا اعلاميا بارزا في تغطية الاحداث الميدانية في شكل يومي.
وانتقدت الهيئة التوسعة الاخيرة للائتلاف، مشيرة الى ان الاتفاق كان "على ان يكون للثوار في الداخل من يمثلهم من خلال منحهم ثلث مقاعد الائتلاف، وهذا لم يحدث حتى بعد توسعته في اجتماع اسطنبول الاخير أول أمس".
وكان الائتلاف اقر مساء الخميس في ختام ثمانية ايام من الاجتماعات الشاقة في اسطنبول، توسعة صفوفه بحيث ضم اليها 51 عضوا جديدا ليرتفع عدد اعضائه الاجمالي الى 114 عضوا. كما انتقدت الهيئة "تلاعب الدول بهذا الائتلاف وتسييره وفق مصالحها والدوس على دماء شعبنا وانقسام كتله لتعمل ضد بعضها البعض ووفق أجندات خارجية".
وانتقدت الهيئة "عجز الائتلاف عن مواكبة الثورة في الداخل السوري وتمثيلها تمثيلا حقيقيا، والإبتعاد عن مطالب الثورة الحقيقية بل وتمييعها أحيانا بمبادرات لا ترقى لمستوى ما قدمه الشعب الثائر من تضحيات".
واعتبرت ان بعض اعضائه يهتمون "بالظهور الاعلامي على حساب العمل السياسي"، محملة عددا منهم مسؤولية "ضياع الاموال التي سخرها بعض اعضاء الائتلاف لمصالحهم واهوائهم الشخصية، في الوقت الذي يعاني اهلنا في الداخل والخارج من مرارة التشرد واللجوء والنقص في ابسط مقومات الحياة المعيشية". ووجهت الهيئة انتقادات لاذعة للتدخلات الخارجية في عمل الائتلاف والفساد المالي و"الظهور الاعلامي" لعدد من اعضائه.
استمرار الانقسامات الدولية
على خط مواز، تستمر الانقسامات الدولية حول سوريا، اذ افاد دبلوماسيون في الامم المتحدة ان روسيا عرقلت صدور بيان عن مجلس الامن قدمته بريطانيا بشأن الوضع في القصير.
وكان مشروع البيان يعبر عن "القلق الشديد" على مصير المدنيين المحاصرين، ويطالب "الحكومة السورية بالسماح على الفور وبشكل كامل ومن دون عوائق" للمنظمات الانسانية بدخول مدينة القصير لمساعدة المدنيين. وطالبت روسيا باجراء "نقاش سياسي اوسع" بهذا الخصوص، بحسب ما نقل احد الدبلوماسيين الذي اعتبر ان "البيان قد دفن".
وكانت الامم المتحدة طالبت السبت بوقف لاطلاق النار يتيح اجلاء نحو 1500 جريح في القصير ومساعدة المدنيين. ورد وزير الخارجية السوري وليد المعلم بان بلاده ستسمح بدخول الصليب الاحمر الدولي والهلال الاحمر السوري الى القصير "فور انتهاء العمليات العسكرية فيها".
"حزب الله" يحشد مقاتليها في حلب
وأفادت تقارير إخبارية بوصول تعزيزات من "حزب الله" اللبناني إلى بلدتي نبل والزهراء في ريف حلب الشمالي المحاصرتين منذ مدة من قبل الثّوار.
ووفقاً لجريدة زمان الوصل السورية فقد قدّر قيادي في الجيش الحر عدد عناصر الحزب في البلدتين بحوالي الـ300 عنصر، فما تحدثت مصادر إعلامية عن انطلاق أكثر من 3000 مقاتل تابعين لحزب الله إلى مدفعية الراشدين تمهيداً لاقتحام الريف الغربي.
وأشار الشهود إلى أن حشود حزب الله لم تقتصر على الوجود في نبل والزهراء، بل امتدت لتشمل الأحياء ومنها حي الإذاعة الذي يعتبر نقطة تماس وخط اشتباك بين الثوار وقوات النظام.
ودللت مصادر محلية وفقفًا لزمان الوصل على تواجد الحزب في الحي من خلال رفعهم لرايات الحزب على عدد من الأبنية التي استولوا عليها، ووضعهم لصور تمثليية تعبر عن "الحسين بن علي" رضي الله عنه على تلك المقرات، عازين تواجدهم في الحي بلافتات كُتب عليها العبارات الشيعية الشهيرة: "لبيك يا حسين" و"يا ثارات الحسن".
إلى ذلك أشارت مصادر ميدانية إلى أن النظام حاول اقتحام الريف الشمالي من جهة معرة لارتيق، ما أسفر عن تكبده لخسائر في الأرواح والعتاد حيث تمكّن الثّوار من تدمير دبابتين خلال تصديهم للهجوم وفقاً للمصادر.
وفي السياق ذاته يتخوف الأهالي من مذابح قد ترتكبها قوات الأسد إذا استطاعوا اقتحام القرى التي يسيطر عليها الثوار، في ظل الحصار المفروض، فيما تمكّن عدد كبير من الأهالي من النزوح خارج تلك البلدات.
حزب الله يضم ريف دمشق لمعركته
ميدانيا، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وقوات حزب الله في معضمية الشام، حيث أعلن ناشطون أن الجيش الحر تمكن من قتل عنصرين من ميليشيات حزب الله، بينهما أحد القادة الميدانيين.
وسريعاً يأتي عقاب قوات النظام بقصف عنيف طال الأحياء السكنية في معضمية الشام، فالاشتباكات العنيفة التي دارت فيها أسفرت عن سقوط عشرات المقاتلين من قوات النظام بينهم عدد من مقاتلي حزب الله بحسب ناشطين.
معضمية الشام التي تحاول قوات النظام اقتحامها مدعومة بمئات المقاتلين من ميليشيات حزب الله نالت خلال الساعات الأخيرة قصفاً عشوائياً هو الأعنف، حيث تحذر تنسيقيات محلية من مجازر في حال استمرت الوتيرة الحالية للقصف.
وبثّ ناشطون صوراً لما قالوا إنها تعزيزات عسكرية جديدة أرسلها النظام إلى قواته في داريا، حيث يولي النظام معضمية الشام وداريا أهمية كبيرة لكونهما المدينتين الأقرب لدمشق العاصمة من الجهة الغربية.
قصف عنيف على إدلب
وأفادت الهيئة العامة للثورة السورية أن قوات النظام الأسدي قصفت مساء أمس الاثنين بالطيران الحربي على بلدة سنجار التابعة لريف إدلب شمالي سوريا، ما أسفر عن سقوط ثلاثة شهداء من بينهم سيدة كحصيلة ليست نهائية، وعشرات الجرحى ودمار كبيار في المباني السكنية جراء القصف.
وذكرت لجان التنسيق المحلية السورية أن عدد الشهداء الذين سقطوا في سوريا أمس حتى هذه الساعة ارتفع إلى 75 شهيدًا لقوا حتفهم بنيران النظام الأسدي، من بينهم 16 سيدة 12 طفلاً وخمسة شهداء تحت التعذيب، معظمهم في حلب ودمشق وريفها.
يُشار إلى أن عدد الشهداء الثورة السورية المندلعة منذ أكثر من عامين قد ارتفع إلى أكثر من 80 ألف شهيد، بحسب توثيق أخير وثقته الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فيما قدر ناشطون سوريون عدد الشهداء في سوريا إلى حوالي 150 ألف شهيد.









اضف تعليق