أغلقت القوات السورية الساحات العامة في حماة أمس بعد أن سكب سكان الطلاء الأحمر على الأرض في رمز للدماء لإحياء الذكرى الثلاثين للمذبحة التي ارتكبتها قوى الجيش خلال حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد، والد بشار الأسد، وراح ضحيتها عشرات الآلاف من أبناء المدينة وريفها.
تزامن ذلك مع حشد الجيش السوري وقوى الأمن عشرات الدبابات والآليات المدرعة على ابواب الزبداني، في تحرك يمهد لاقتحامها على ما يبدو.
وعمّ الإضراب العام حماة، فيما نظمت المعارضة تظاهرات في سائر انحاء البلاد، ودعت السوريين للتظاهر اليوم أيضا تحت شعار "عذرا حماة.. سامحينا".
اقتحامات في درعا
وكثفت القوات السورية عملياتها على الأرض في الأيام الأخيرة، و"اقتحمت دبابات وناقلات جند مدرعة بلدة الجيزة (ريف درعا) أمس، وبدأت باطلاق نار من رشاشاتها الثقيلة باتجاه المنازل"، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أشار أيضا الى أن "قوات الأمن أحرقت عشرات الدراجات النارية".
وأكدت لجان التنسيق المحلية بدورها وقوع "العديد من الجرحى في سقوط قذائف على بلدة الجيزة أثناء اقتحامها"، من دون ان تذكر عددهم. وأضافت أن "مدرعات للجيش انتشرت داخل البلدة، حيث كانت هناك محاولة اقتحام البلدة من أربعة محاور واطلاق نار من مضادات طيران وسط قطع للكهرباء والاتصالات".
كما أكد المرصد أن "منازل بلدة المسيفرة تتعرض لاطلاق نار من رشاشات ثقيلة". ولفت إلى "نقل المعتقلين في جاسم الى قبو المشفى الوطني، حيث يتعرضون للتعذيب".
وفي هذه المحافظة أيضا، "اقتحمت قوات عسكرية بلدة الطيبة وبدأت اطلاق رصاص عشوائي، في حين تحاصر قوات عسكرية بلدة النعيمة، بعد ان نصبت الحواجز على مداخلها"، بحسب المرصد.
ريف دمشق
كذلك وقعت انفجارات شديدة هزّت قرية تلفيتا (شرق دمشق)، التي تشهد منذ أيام عمليات عسكرية واسعة، ووصلت "تعزيزات عسكرية إضافية إليها".
وأفاد المرصد أن "القوات الامنية نفذت حملة مداهمات واعتقالات في بلدات عين ترما وعربين وزملكا وزبدين ودير العصافير وشارع الجلاء بمدينة دوما". وكذلك في بلدة القورية، شرق البلاد.
الغرب يبحث خروج الأسد للمنفى
قال مسؤولون غربيون إن الولايات المتحدة وحكومات أوروبية ودولا عربية بدأوا بحث فكرة خروج الرئيس السوري بشار الأسد الى المنفى، رغم التشكك في استعداده لدراسة هذا العرض.
وقال أحد المسؤولين أمس إنه على الرغم من أن المحادثات لم تتقدم كثيرا، ولا يوجد شعور بأن سقوط الأسد وشيك، عرضت ثلاث دول استضافته كوسيلة لإنهاء الأزمة السورية الدامية المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر.
وقال مصدر إنه لم تبد أي دولة أوروبية استعدادها لتوفير ملاذ للأسد، لكن مسؤولا قال إن الإمارات قد تكون من بين الدول المتقبلة للفكرة.
وظهر الحديث عن فكرة المنفى بعد تعاظم الضغوط الدولية على الرئيس السوري والمواجهة الدبلوماسية الجارية في الأمم المتحدة بشأن قرار لجامعة الدول العربية يطالبه بنقل سلطاته. ورد الأسد على ذلك بتصعيد هجومه على معاقل المعارضة، ما أوقع مئات القتلى خلال الأيام الماضية.
ضغط نفسي؟!
ورغم تأكيد البيت الأبيض طوال أسابيع أن "أيام الأسد معدودة"، لم يتضح ما إذا كان هذا الحديث عن المنفى هو محاولة لإقناع الرئيس السوري وعائلته بانتهاز فرصة الخروج الآمن بدلا من أن يغامر بالتعرض لمصير الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، الذي لاحقته قوات المعارضة وقتلته العام الماضي.
لكن مع إظهار الأسد سيطرته على أجهزة الأمن القوية، ومع تشرذم المعارضة السورية على الصعيد العسكري، يمكن أن يكون هذا من قبيل تصعيد الضغط النفسي وإحداث انقسامات داخل دائرة الأسد المقربة.
وقال المسؤولون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، إنه لا الولايات المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي قادا الفكرة التي طرحتها دول عربية كوسيلة لإنهاء العنف في سورية.
وقال مسؤول رفيع في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما "فهمنا أن بعض الدول عرضت استضافته إذا اختار مغادرة سورية"، ولم يحدد أسماء هذه الدول.
وقبل أن يكون هذا ممكننا، يجب أولا حسم قضية إعطاء الأسد نوعا من الحصانة، وهو شيء سترفضه المعارضة السورية والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان.
وقال المسؤول الأميركي الكبير: "هناك قضايا مهمة متعلقة بالمسؤولية عن الانتهاكات المروعة التي ارتكبت بحق الشعب السوري"، مضيفا "في نهاية المطاف سيناقش الشعب السوري هذه القضايا بالتنسيق مع شركاء إقليميين ودوليين. هذا متعلق بما يحتاجه السوريون لإنهاء هذه الأزمة وبدء عملية إعادة بناء بلادهم".
وعلى الرغم من أن المسؤولين الأميركيين يرون أن فكرة المنفى تستحق الدراسة، عبر مسؤول أوروبي عن تشككه في نجاح الفكرة، قائلا إن الأسد لم يبد أي مؤشرات على إمكانية قبوله فكرة الخروج الآمن.
وقال بروس ريدل، المحلل السابق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، إن الدول العربية تحاول فيما يبدو التوصل الى حل في سورية على غرار ما حدث في اليمن، حيث عمل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بموجب خطة خليجية وسلم سلطاته لنائبه الذي يرأس حكومة وحدة وطنية تعد لإجراء انتخابات رئاسية في 21 فبراير الجاري.
وفي الأمم المتحدة، أعلنت روسيا الأربعاء أنها ستستخدم الفيتو ضد أي قرار بشأن سورية ترى أنه غير مقبول، بعد أن طالبت باتخاذ أي إجراء يكون من شأنه استبعاد التدخل العسكري، فيما حثت دول عربية وغربية مجلس الأمن على اتخاذ إجراء سريع بشأن قرار يدعو الأسد إلى تسليم سلطاته إلى نائبه بهدف وقف نزيف الدم.
اضف تعليق